بعد ثورة 52 يناير.. ظن كثير من المصريين أن هذه الثورة العظيمة ستصاحبها ثورة أخرى فى الأخلاق وأن العنف والجريمة سيتراجعان بشكل ملحوظ.. غير أن ما حدث على أرض الواقع يؤكد عكس ذلك تماما.. فقد تضاعفت معدلات الجريمة، وظهرت جرائم أكثر عنفا ودموية.. وأصبحنا نرى مشاهد القتل والتمثيل بالجثث فى الشوارع، وانتشار البلطجية والخارجين على القانون ممايثير الفزع والرعب فى كل مكان.. وداخل المنزل الواحد تتآمر الزوجة على زوجها.. ويذبح الشقيق شقيقه أو يقتل والدته.. وتنوعت أيضا جرائم خطف القاصرات والسيدات والاعتداء عليهن، وهذا ما دفع البعض لإطلاق اسم «ثورة الرعب والدم فى مصر» على هذه الأحداث الغريبة.. وفى السطور التالية يرصد محقق «فيتو» 3 جرائم بشعة دارت أحداثها فى محافظات مختلفة تؤكد أن بعض المصريين أصبحوا أكثر عدوانية وأن هناك ثورة حقيقية حدثت فى أخلاقهم وأسلوب تعاملهم مع بعضهم البعض.. فى الواقعة الأولى هجرت امرأة شابة منزل زوجها وتركت طفليها بعد 01 سنوات من الزواج، وأقامت مع عشيقها الذى يصغرها بسنوات.. ثم قتل الاثنان الزوج المخدوع. وفى الثانية.. أقدمت سيدة أخرى على قتل طفل عمره 6 شهور انتقاما من والده.. أما الثالثة ففيها قتل شاب فى العشرين من عمره، شقيقه الأكبر بسبب إدمانه للمواد المخدرة وتهديده الدائم لأسرته بالقتل. الدقهلية:«أمانى».. رفعت شعار رجل واحد لا يكفى الواقعة الأولى.. دارت أحداثها فى إحدى قرى محافظة الدقهلية، وفيها تخلت امرأة عن كل معانى الشرف والأخلاق، واشتركت مع عشيقها فى قتل زوجها، ليذهب هو إلى مثواه الأخير.. وتدخل هى السجن.. ويحمل طفلاهما عارًا لا ذنب لهما فيه طوال العمر.. تفاصيل الحادث استمع إليها المحقق من المقدم شريف أبو النجا- رئيس مباحث قسم ثان المنصورة- والذى قال: «البداية كانت بلاغاً تلقيناه عن تغيب كهربائى سيارات يدعى «محمود .ط» فى الثلاثين من عمره، قدمته زوجته وشقيقه.. وفى اليوم التالى تلقينا بلاغا آخر بالعثور على جثة طافية فى «البحر الصغير» بدكرنس وبها طعنات فى أماكن متفرقة من الجسم.. استدعينا شقيق الكهربائى وزوجته وتعرفا على الجثة.. بدأت أشك فى الزوجة «أمانى» خصوصا أن كلامها كان متناقضا ومتضاربا وجاءت إلى القسم أكثر من مرة لتقديم معلومات جديدة، وكأنها تحاول أن تبعد الشبهات عنها وتضلل العدالة.. وضعنا تليفونها تحت المراقبة عدة أيام، ورصدنا عدة مكالمات بينها وبين عامل يدعى «وليد».. تم استدعاؤه وفى التحقيقات فجر مفاجأة عندما أكد انه ارتبط بعلاقة غير شرعية مع زوجة القتيل، بعد أن تعرفت عليه فى موقف السيارات، واعتاد ممارسة الحب معها داخل شقة الزوجية، ثم استأجرا شقة لتتم فيها لقاءاتهما المحرمة بعيدة عن العيون.. وبعد 8 أشهر على هذه العلاقة حرضته واشتركت معه فى قتل زوجها ليخل لهما الجو.. وأثناء التحقيق مع العامل.. جاءت الزوجة كالعادة لتقدم معلومات جديدة عن الحادث، لتفاجأ بعشيقها وقد اعترف بكل شيء.. حاولت الإنكار غير أن عشيقها واجهها بكل حسم واعترف بتفاصيل الجريمة كاملة». سأل المحقق: «وما تلك التفاصيل؟».. أجاب الضابط: «بعد أن اتفق العشيقان على قتل الزوج.. واجهتهما مشكلة قوة بنيانه التى لا قبل لهما بها.. وبعد تفكير اتفقا على أن تضع الزوجة له اقراصًا منومة فى طعامه.. وبالفعل نفذت هذا الجزء من الخطة وراح الزوج فى سبات عميق.. اتصلت بعشيقها الذى جاء على الفور، وسحبا المجنى عليه وهو نائم إلى الحمام، وانهالا على رأسه ضربا ب «قوالب الطوب الأحمر».. استيقظ الزوج من نومه وقاومهما وكاد أن يتغلب عليهما، غير أنهما وجها له طعنات نافذة فى الصدر والبطن إلى أن تأكدا من موته.. تركا الجثة فى المنزل طوال اليوم التالى، وبعد العشاء استأجرا سيارة نقل ووضعا فيها الجثة وألقياها فى «مصرف» خارج القرية». ترك المحقق قسم الشرطة، وانطلق إلى قرية «كفر البدماص» التابعة لمركز المنصورة، وهناك التقى بشقيق المجنى عليه ويدعى «طلعت» وسأله عن تفاصيل أكثر فى الجريمة.. بدا الرجل متأثرا وحزينا وهو يجيب: «شقيقى كان مثالا للرجولة والأخلاق.. تزوج قاتلته منذ عشر سنوات، وأنجب منها طفلين.. دينا (7 سنوات)، ويوسف (4 سنوات)، وكان ميسور الحال يكسب كثيرا من عمله فى كهرباء السيارات.. وكان يقيم مع أسرته بعيدا عنا ولا نعلم شيئا عن تفاصيل حياته.. قبل اكتشاف الجريمة بيوم واحد، اتصلت بى زوجته واخبرتنى بتغيبه منذ فترة وذهبت معها لتحرير محضراً فى القسم، وفى اليوم التالى تم اكتشاف قتله.. ثم كانت الكارثة عندما اكتشفنا أن زوجته كانت تخونه منذ فترة طويلة، ثم اشتركت مع عشيقها فى قتله، وحتى الآن لا أدرى لماذا أقدمت على هذه الجريمة وكيف هانت عليها عشرة السنين.. وكيف هان عليها طفلاها؟ ثم انخرط فى بكاء حار وتوقف عن الكلام. أما والدة القتيل الحاجة «سعاد»، فقد بدت شاردة الذهن وكأنها لا تصدق ما حدث.. وبصعوبة بالغة قالت للمحقق: «محمود كان نور عينى وفرحتى الكبيرة.. لم أتخيل يوما أن نهايته ستكون بهذه الطريقة البشعة.. لم يخطر على بالى أن زوجته ستقتله مرتين.. الأولى بخيانتها له، والثانية عندما مزقت جسده مع عشيقها.. ليتها طلبت الطلاق.. ليتها أخذت كل ما نملك وتركت محمود.. هى لم تقتله وحده، بل قتلتنى أنا أيضا وقتلت والده، وقضت على مستقبل طفليها من أجل نزوة شيطانية».. انهمرت دموع الأم الثكلى غزيرة، وهى تردد بصوت متهدج: «حسبى الله ونعم الوكيل».. وفى أحد أركان المنزل، جلس الشقيقان دينا ويوسف ملتصقين، كأن كل منهما يلتمس الحنان والأمان فى الآخر بعد أن فقدا الأب والأم فى يوم واحد.