أكد المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، أن إحجام الشعب المصري عن الاستجابة لدعوات التظاهر يعكس نضجا وفهما جماهيريا لأهمية الاستقرار والبناء والإصلاح. وأضاف في كلمته التي ألقاها اليوم أمام مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي: إن البرنامج الاقتصادي يستهدف تحقيق اقتصاد سوق منضبط، وتوفير فرص عمل لائقة، كما يستهدف خفض معدلات البطالة والفقر، وزيادة معدلات النمو بنسبة تزيد على 6% في السنوات القادمة. وأشار إلى أن برنامج الإصلاح يرتكز على أربعة محاور، ويشمل تطوير أداء المالية العامة، ودفع عجلة الاستثمار، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى، لافتا إلى أن هناك تحديات كبيرة يتم مواجهتها بكل شفافية وصدق وأمانة، من أجل مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا. كما تطرق إلى حزمة الإجراءات التي تم اتخاذها لتوسيع برنامج الحماية الاجتماعية لمساندة محدودي الدخل، بالتزامن مع إجراءات الإصلاح الاقتصادي. وإلى نص الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم السادة الوزراء.. السادة رئيس وأعضاء مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، وقياداتها، وجميع العاملين بها.. الحضور الكريم.. اسمحوا لى في البداية أن أنقل إلى حضراتكم جميعًا تحيات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وتمنياته لمؤتمركم بالنجاح. واسمحوا لى أيضًا أن أوجه الشكر لمؤسسة أخبار اليوم، على قيامها بالإعداد لهذا المؤتمر وتنظيمه، مثلما أعدت لمؤتمرها الناجح الذي عقد في 2015، وتأتى هذه الجهود المخلصة في إطار دفع عجلة الإصلاح الإقتصادى، والاستفادة من ثماره في تحسين مستوى المعيشة، لجميع المواطنين. ولقد كان الحرص على المشاركة في أعمال هذا المؤتمر المهم، من منطلق أنه يمثل فرصة للتفاعل بين المسئولين ورجال الأعمال والمتخصصين والمهتمين. نلتقى اليوم، وسط أجواء التفاؤل، بتحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى، فلقد وافق أمس صندوق النقد الدولى، على تقديم 12 مليار دولار، لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى المصرى، وتواكب ذلك مع تعديل مؤسسة ستاندرد آند بورز نظرتها لديون مصر السيادية من سلبية إلى مستقرة، ونتوقع في المدى القريب تحسنا في تصنيف مصر الائتمانى من الوكالات الدولية الأخرى إن شاء الله. السيدات والسادة: لقد تقدمت الحكومة ببرنامجها إلى مجلس النواب في بداية هذا العام، وتضمن البرنامج "الرؤية والبرنامج الاقتصادى للحكومة"، وشمل ذلك العمل على تحقيق: اقتصاد سوق منضبط، توفير فرص عمل لائقة ومنتجة، خفض معدلات البطالة والفقر، زيادة معدل النمو بنسبة تزيد على 6% في السنوات القادمة، استعادة الثقة في الاقتصاد المصرى. كما تضمنت الرؤية التطلع لمستقبل اقتصادى واعد، يرتكز على استعادة التوازنات على مستوى الأداء الكلى، وإصلاحات تشريعية، وإصلاحات مؤسسية، وإصلاح منظومتي التعليم والصحة، وترشيد المصروفات، وتنويع مصادر موارد الدولة، وحسن إدارة أصولها، والعدالة في توزيع الدخول، والتنمية المستدامة، ودعم ودفع الأنشطة الصغيرة والمتوسطة، وتطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، وإنجاز المشروعات القومية الكبرى. الحضور الكريم: تعلمون جميعًا حجم التحديات الاقتصادية، التي واجهتها البلاد في الفترة السابقة، والتي استوجبت قيام الحكومة بإطلاق برنامج قوى للإصلاح الاقتصادى، يرتكز على أربعة محاور: المحور الأول تطوير أداء المالية العامة: ويستهدف خلال الثلاث سنوات القادمة: زيادة الموارد الحقيقية للدولة. خفض عجز الموازنة إلى نحو 8% في نهاية الفترة المقدرة ب3 سنوات، وهو تحدٍ كبير، حيث كان حجمه 98 مليار جنيه في عام 2009، 2010، وارتفع إلى 342 مليار جنيه في عام 2015، 2016 بنسبة 12، 2% من الناتج المحلى الإجمالى. خفض الدين العام الإجمالى ليكون ما بين 85 90%، حيث زادت نسبته من 79% من الناتج المحلى الإجمالى في عام 2009، 2010، إلى نحو 95-100 % في موازنة العام الحالى وهو مؤشر خطير، حيث تمثل اعتمادات خدمة الدين العام نسبة 31% من موازنة 2016، 2017. خفض معدلات البطالة، والتي زادت من 9، 4% في عام 2009، 2010 إلى نحو 13، 3% في عام 2013، 2014 قبل أن تنخفض إلى 12، 5% مؤخرًا نتيجة ارتفاع معدلات تنفيذ المشروعات القومية الكبرى. 1- المحور الثانى دفع عجلة الاستثمار: بزيادة معدلات الاستثمار من 15% حاليًا إلى ما يقرب من 20%، وذلك بهدف زيادة معدلات النمو من 4 4، 5% حاليًا إلى نحو 6% أو يزيد. ونعمل في هذا المحور على: - الانتهاء من قانون الاستثمار الجديد، وإحالته إلى مجلس النواب قبل نهاية نوفمبر 2016. - الانتهاء من قانون الإفلاس والتصفية، وإحالته إلى مجلس النواب خلال ديسمبر 2016. - تم الانتهاء من قانون شركات الشخص الواحد، وقانون التراخيص الصناعية، وإحالتهم إلى مجلس النواب. - كما تم إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار، وعُقد أول اجتماع له برئاسة السيد رئيس الجمهورية، واتخذ العديد من القرارات المهمة لدفع عجلة الاستثمار في إنتاج وتصنيع السلع وتقديم الخدمات الإستراتيجية، وأيضا زيادة معدلات الاستثمار في صعيد مصر. المحور الثالث، الحماية الاجتماعية: طرحت الحكومة حزمة إجراءات لبرنامج الحماية الاجتماعية، وهى تستهدف مساندة الفقراء ومحدودي الدخل، ليتواكب مع إجراءات الإصلاح الاقتصادي وذلك حمايةً لهذه الفئات الكادحة. وتسعى الحكومة إلى: التحول التدريجى للدعم النقدى. ضمان وصول الدعم لمستحقيه من خلال إنشاء قواعد بيانات متكاملة للمواطنين، يتم من خلالها تحديد مستحقى الدعم، وقد قارب العمل على الانتهاء بحد أقصى نهاية ديسمبر المقبل، إن شاء الله. ودراسة زيادة الدعم لمستحقيه بعد تحديد هذه الفئات. التوسع في برامج تكافل وكرامة، حيث يتم خلال العام المالى الحالى زيادة أعداد المستفيدين بنحو 700 ألف أسرة، وبتكلفة إضافية تقترب من (2.5) مليار جنيه، وليصل إجمالى عدد الأسر المستفيدة إلى نحو (1.7) مليون أسرة. التوسع في برنامج التغذية المدرسية، بما يغطى كل مراحل التعليم وطوال أيام الأسبوع، بتكلفة نحو(1، 25) مليار جنيه. زيادة أسعار توريد المحاصيل الزراعية الرئيسية بما يتناسب مع تكلفتها، ودعمًا للفلاح المصرى أحد الدعائم الرئيسية للاقتصاد المصرى. الارتقاء بمنظومة الصحة، حيث تعكف الحكومة حاليًا على الانتهاء من مشروع قانون التأمين الصحي، وتطوير المنظومة الحالية من خلال إنشاء مستشفيات جديدة، وتدعيم المستشفيات القائمة بالأجهزة الجديدة والمتطورة، وتوفير الأطباء وخدمات التمريض اللازمة. وقد بذلنا جهودًا طيبه ولكن أمامنا الكثير لإصلاح هذه المنظومة. النهوض بالمعلم وتحسين أحواله: ونتحرك في مجال التعليم على عدة محاور: - زيادة أعداد الفصول لحل مشكلة التكدس، ومن المخطط إنشاء (30) ألف فصل قبل بداية العام الدراسى المقبل، وهو يمثل نحو 4 – 5 أضعاف ما يتم إنشاؤه سنويًا. - التوسع في المدارس ذات الطابع المتميز، من مدارس النيل – stem – اللغات – والمدارس اليابانية. - مراجعة كل المناهج، حيث تم الانتهاء من مراجعة مجموعة منها خلال هذا العام، وجار مراجعة الباقى. - وقد كلف السيد رئيس الجمهورية خلال مؤتمر الشباب الحكومة بوضع تصور متكامل للنهوض بالتعليم، وبمشاركة المتخصصين في هذا المجال، ونخطط أن ننتهى منه خلال هذا الشهر. المحور الرابع المشروعات القومية الكبرى - ويشمل ذلك مشروعات، الإسكان الاجتماعى، حيث من المخطط الانتهاء من نحو 600 ألف وحدة سكنية، للمساهمة في حل مشكلة الإسكان، وللحد من مخالفات البناء والتعدى على الأراضى الزراعية. - تطوير العشوائيات والمناطق غير المُخططة، وحل مشكلة المناطق غير الآمنة على مستوى الجمهورية، وتشمل خطة هذا العام الانتهاء من إنشاء 63 ألف وحدة سكنية، بتمويل يقدر بنحو 6 مليارات جنيه. - استكمال مشروعات مياه الشرب والصرف الصحى، لتصل نسبة القرى التي يخدمها الصرف الصحى نحو 50% خلال عامين مقارنةً بنحو 12% في العام الماضي، والوصول بهذه الخدمة إلى 100% في المدن على مستوى الجمهورية. - مشروعات الكهرباء، حيث يتم خلال العامين المقبلين إضافة نحو (15) جيجا لطاقة التوليد، تمثل نحو 45% من الطاقة الحالية، بما يفي بكل احتياجات المواطنين وقطاعات الدولة والمشروعات الاستثمارية الحالية والمستقبلية، بالإضافة إلى تطوير شبكة النقل الرئيسية والتوزيع، وأيضًا تنويع مصادر توليد الطاقة لتشمل التوسع في الطاقة المتجددة، والطاقة النووية واستخدام الفحم. - تنمية اكتشافات الغاز العملاقة، حيث من المخطط أن يتضاعف إنتاج الغاز الطبيعى تدريجيًا بحلول منتصف عام 2019، ليتعدى الإنتاج نحو (7000) مليون قدم3/ يوم. - الانتهاء من مشروعات شبكة الطرق القومية بإجمالى نحو 7000 كم على مستوى الجمهورية. - بدء تخصيص أراضى مشروع ال 1.5 مليون فدان، حيث تم طرح المرحلة الأولى منه بواقع 500 ألف فدان، ويهدف المشروع إلى إتاحة فرص عمل جديدة للشباب، وتغطية جزء من الفجوة الغذائية الحالية، وإتاحة فرص للاستثمار الزراعى، وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة في مناطق مصر النائية خارج الوادى الضيق. - مشروعات المدن الجديدة، وتشمل العاصمة الإدارية الجديدة، وشرق بورسعيد والعلمين وبنى سويف والمنيا وسوهاج وأسيوط وغيرها، لاستيعاب الزيادة السكانية، ولتكون توسعًا طبيعيًا للمدن القائمة، بالإضافة إلى طرح العديد من الأراضى بها للاستثمار العقارى. - مشروعات أنفاق سيناء، لترتبط سيناء بالأرض الأم وتمتد يد العمران والاستثمار الصناعي والزراعى والتجارى لهذا الجزء العزيز من أرض مصر. - هذا إلى جانب المناطق الاقتصادية الجديدة، سواء بقناة السويس أو المثلث الذهبى بصعيد مصر. - وأود أن أؤكد أن القيادة السياسية تتابع عن قرب تقدم الأعمال في كل هذه المشروعات والتي تشارك في تنفيذها قواتنا المسلحة الباسلة، فهى تمثل الدعامة الرئيسية نحو مستقبل وحياة أفضل لشعب مصر. السيدات والسادة: يجب ألا نختزل برنامج الإصلاح الإقتصادى بأنه مجرد مجموعة من القرارات أو الإجراءات لحل مشكلات تعانى منها الموازنة العامة للدولة، إنما نحن نسعى جميعًا شعبًا وقيادة وحكومة إلى الإصلاح الشامل بهدف: - الارتقاء بمستوى معيشة المواطن، عن طريق تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادى. - تحسين الخدمات المقدمة للمواطن، ( صحة، تعليم، مياه شرب، صرف صحى، كهرباء... إلخ ). - حل المشكلات المزمنة التي يعانى منها الاقتصاد الوطنى ( من عجز في الموازنة ودين عام يتفاقم ). - ضبط آلية الدعم بهدف وصوله لمستحقيه، كخطوة رئيسية لتحقيق العدالة الاجتماعية. - العمل على الحد من الزيادة السكانية، التي تعوق تنفيذ خطط التنمية، وتهدد مستقبل البلاد. - رفع معدلات الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص في البناء والتطوير، من خلال منظومة اقتصادية تعمل بآليات السوق، وتحقق فرص عمل حقيقية، فيما تقتصر مشروعات الدولة على المجالات الإستراتيجية، وحماية الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل من خلال برامج حماية اجتماعية، بالإضافة إلى تحقيق التوازن في السوق. المستقبل سيكون أفضل بإذن الله، ولدينا كل المقومات: إرادة شعب مصر في الإصلاح. القيادة السياسية المخلصة والواعية لمصالح الوطن. الاستقرار. القوة البشرية الوطنية. الثروات الطبيعية. نظام مؤسسى متكامل وقابل للتطوير. بنية أساسية قوية ويتم تطويرها حاليًا ورفع كفاءتها. جيش قوى يحمى الشعب المصرى ويصون مقدراته، وشرطة تسهر على تحقيق الأمن والأمان لأبنائه. ولعل إحجام الشعب المصري عن الاستجابة لدعوات التظاهر، إنما يعكس نضجًا وفهمًا جماهيريًا لأهمية الاستقرار والبناء والإصلاح، والتماسك والتكاتف المجتمعي خلال هذه المرحلة الحرجة في تاريخ الوطن. السيدات والسادة في ختام كلمتى أود أن أؤكد على أن هناك تحديات كبيرة، لكننا سنواجهها بكل الشفافية والصدق والأمانة، من أجل مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا. لقد أدى التأخر في اتخاذ قرارات الإصلاح الإقتصادى إلى تراكم المشكلات وارتفاع تكلفة إصلاحه، لذا، لم يعد أمامنا رفاهية عدم اتخاذها، أو التأخر فيها مجددًا، وإننا جميعًا عازمون على الاستمرار في الإصلاح حتى النهاية، والعمل على التخفيف من الآثار السلبية المؤقتة على محدودي الدخل. إن النجاح يتطلب أن نشارك جميعًا شعبًا ومسئولين، فلن تبنى مصر إلا بسواعد أبنائها، فمصر يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها، كدولة ساهمت على مدى التاريخ بقوة، في بناء الحضارة الإنسانية. أكرر شكرى لمؤسسة أخبار اليوم ولكم جميعًا، وأتمنى لمؤتمركم الموقر النجاح، ولمصر كل الخير والنماء إن شاء الله.