وفيما يلي نص كلمة رئيس الوزراء أمام المؤتمر بسم الله الرحمن الرحيم السادة الوزراء. السادة رئيس وأعضاء مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، وقياداتها، وجميع العاملين بها. الحضور الكريم. اسمحوا لي في البداية أن أنقل إلى حضراتكم جميعا تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وتمنياته لمؤتمركم بالنجاح. واسمحوا لي أيضا أن أوجه الشكر لمؤسسة أخبار اليوم على قيامها بالإعداد لهذا المؤتمر وتنظيمه مثلما أعدت لمؤتمرها الناجح الذي عقد في 2015، وتأتي هذه الجهود المخلصة في إطار دفع عجلة الإصلاح الإقتصادي والاستفادة من ثماره في تحسين مستوى المعيشة لجميع المواطنين. ولقد كان الحرص على المشاركة في أعمال هذا المؤتمر المهم، من منطلق أنه يمثل فرصة للتفاعل بين المسئولين ورجال الأعمال والمتخصصين والمهتمين. نلتقي اليوم وسط أجواء التفاؤل بتحسن المؤشرات الكلية للإقتصاد المصري فلقد وافق أمس صندوق النقد الدولي على تقديم 12 مليار دولار لتمويل برنامج الإصلاح الإقتصادي والاجتماعي المصري وتواكب ذلك مع تعديل مؤسسة (ستاندرد اند بورز) نظرتها لديون مصر السيادية من سلبية إلى مستقرة، ونتوقع في المدى القريب تحسنا في تصنيف مصر الائتماني من الوكالات الدولية الأخرى إن شاء الله. السيدات والسادة: لقد تقدمت الحكومة ببرنامجها إلى مجلس النواب في بداية هذا العام، وتضمن البرنامج "الرؤية والبرنامج الإقتصادى للحكومة"، وشمل ذلك العمل على تحقيق: اقتصاد سوق منضبط، توفير فرص عمل لائقة ومنتجة، خفض معدلات البطالة والفقر، زيادة معدل النمو بنسبة تزيد على 6% في السنوات القادمة، استعادة الثقة في الإقتصاد المصري. كما تضمنت الرؤية التطلع لمستقبل إقتصادي واعد، يرتكز على استعادة التوازنات على مستوى الأداء الكلي، وإصلاحات تشريعية وإصلاحات مؤسسية وإصلاح منظومتي التعليم والصحة وترشيد المصروفات وتنويع مصادر موارد الدولة وحسن إدارة أصولها والعدالة في توزيع الدخول والتنمية المستدامة ودعم ودفع الأنشطة الصغيرة والمتوسطة وتطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام وإنجاز المشروعات القومية الكبرى. الحضور الكريم: تعلمون جميعا حجم التحديات الإقتصادية التي واجهتها البلاد في الفترة السابقة والتي استوجبت قيام الحكومة بإطلاق برنامج قوى للإصلاح الإقتصادي يرتكز على أربعة محاور: المحور الأول تطوير أداء المالية العامة: ويستهدف خلال الثلاث سنوات القادمة: زيادة الموارد الحقيقية للدولة. خفض عجز الموازنة إلى حوالي 8% في نهاية الفترة المقدرة ب3 سنوات، وهو تحد كبير حيث كان حجمه 98 مليار جنيه في عام 2010/2009، وارتفع إلى 342 مليار جنيه في عام 2016/2015 بنسبة 12,2% من الناتج المحلي الإجمالي. خفض الدين العام الإجمالي ليكون ما بين 85 "90% حيث زادت نسبته من 79% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010/2009 , إلى نحو 95-100 % في موازنة العام الحالي وهو مؤشر خطير، حيث تمثل اعتمادات خدمة الدين العام نسبة 31% من موازنة 2017/2016. خفض معدلات البطالة والتي زادت من 9,4% في عام 2010/2009 إلى حوالي 13,3% في عام 2014/2013 قبل أن تنخفض إلى 12,5% مؤخرا نتيجة ارتفاع معدلات تنفيذ المشروعات القومية الكبرى. 1- المحور الثاني دفع عجلة الاستثمار: بزيادة معدلات الاستثمار من 15% حاليا إلى ما يقرب من 20%، وذلك بهدف زيادة معدلات النمو من 4 " 4,5% حاليا إلى حوالي 6% أو يزيد. ونعمل في هذا المحور على: الانتهاء من قانون الاستثمار الجديد وإحالته إلى مجلس النواب قبل نهاية نوفمبر 2016. الانتهاء من قانون الافلاس والتصفية وإحالته إلى مجلس النواب خلال ديسمبر 2016. تم الانتهاء من قانون شركات الشخص الواحد وقانون التراخيص الصناعية وإحالتهم إلى مجلس النواب. كما تم إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار وعقد أول اجتماع له برئاسة رئيس الجمهورية واتخذ العديد من القرارات المهمة لدفع عجلة الاستثمار في إنتاج وتصنيع السلع وتقديم الخدمات الاستراتيجية وأيضا زيادة معدلات الإستثمار في صعيد مصر. المحور الثالث الحماية الاجتماعية: طرحت الحكومة حزمة إجراءات لبرنامج الحماية الاجتماعية وهى تستهدف مساندة الفقراء ومحدودي الدخل ليتواكب مع إجراءات الإصلاح الإقتصادي وذلك حماية لهذه الفئات الكادحة. وتسعى الحكومة إلى: التحول التدريجي للدعم النقدي. ضمان وصول الدعم لمستحقيه من خلال إنشاء قواعد بيانات متكاملة للمواطنين يتم من خلالها تحديد مستحقي الدعم، وقد قارب العمل على الانتهاء بحد أقصى نهاية ديسمبر المقبل إن شاء الله. ودراسة زيادة الدعم لمستحقيه بعد تحديد هذه الفئات. التوسع في برامج تكافل وكرامة حيث يتم خلال العام المالي الحالي زيادة أعداد المستفيدين بحوالي 700 ألف أسرة وبتكلفة إضافية تقترب من (2,5) مليار جنيه وليصل إجمالي عدد الأسر المستفيدة إلى حوالي (1,7) مليون أسرة. التوسع في برنامج التغذية المدرسية بما يغطي كل مراحل التعليم وطوال أيام الأسبوع بتكلفة حوالي (1,25) مليار جنيه. زيادة أسعار توريد المحاصيل الزراعية الرئيسية بما يتناسب مع تكلفتها ودعما للفلاح المصري أحد الدعائم الرئيسية للإقتصاد المصري. الارتقاء بمنظومة الصحة حيث تعكف الحكومة حاليا على الانتهاء من مشروع قانون التأمين الصحي وتطوير المنظومة الحالية من خلال إنشاء مستشفيات جديدة وتدعيم المستشفيات القائمة بالأجهزة الجديدة والمتطورة وتوفير الأطباء وخدمات التمريض اللازمة. وقد بذلنا جهودا طيبة ولكن أمامنا الكثير لإصلاح هذه المنظومة. النهوض بالمعلم وتحسين أحواله: ونتحرك في مجال التعليم على عدة محاور: – زيادة أعداد الفصول لحل مشكلة التكدس ومن المخطط إنشاء (30) ألف فصل قبل بداية العام الدراسي المقبل وهو يمثل حوالي 4 5 أضعاف ما يتم إنشاؤه سنويا. – التوسع في المدارس ذات الطابع المتميز من مدارس النيل اللغات والمدارس اليابانية. – مراجعة كل المناهج حيث تم الانتهاء من مراجعة مجموعة منها خلال هذا العام وجاري مراجعة الباقي. – وقد كلف رئيس الجمهورية خلال مؤتمر الشباب الحكومة بوضع تصور متكامل للنهوض بالتعليم وبمشاركة المتخصصين في هذا المجال ونخطط أن ننتهي منه خلال هذا الشهر. المحور الرابع المشروعات القومية الكبرى ويشمل ذلك مشروعات الإسكان الإجتماعي حيث من المخطط الإنتهاء من حوالي 600 ألف وحدة سكنية للمساهمة في حل مشكلة الإسكان وللحد من مخالفات البناء والتعدي على الأراضي الزراعية. تطوير العشوائيات والمناطق غير المخططة وحل مشكلة المناطق غير الآمنة على مستوى الجمهورية وتشمل خطة هذا العام الانتهاء من إنشاء 63 ألف وحدة سكنية بتمويل يقدر بحوالي 6 مليار جنيه. استكمال مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي لتصل نسبة القرى التي يخدمها الصرف الصحي حوالي 50% خلال عامين مقارنة بحوالي 12% في العام الماضي والوصول بهذه الخدمة إلى 100% في المدن على مستوى الجمهورية. مشروعات الكهرباء حيث يتم خلال العامين المقبلين إضافة حوالي (15) جيجا لطاقة التوليد تمثل حوالي 45% من الطاقة الحالية بما يفي بكل احتياجات المواطنين وقطاعات الدولة والمشروعات الإستثمارية الحالية والمستقبلية بالإضافة إلى تطوير شبكة النقل الرئيسية والتوزيع وأيضا تنويع مصادر توليد الطاقة لتشمل التوسع في الطاقة المتجددة والطاقة النووية واستخدام الفحم. تنمية اكتشافات الغاز العملاقة حيث من المخطط أن يتضاعف إنتاج الغاز الطبيعي تدريجيا بحلول منتصف عام 2019 ليتعدى الإنتاج حوالي (7000) مليون قدم3 / يوم. الانتهاء من مشروعات شبكة الطرق القومية بإجمالي حوالي 7000 كم على مستوى الجمهورية. بدء تخصيص أراضي مشروع ال 1,5 مليون فدان حيث تم طرح المرحلة الأولى منه بواقع 500 ألف فدان ويهدف المشروع إلى إتاحة فرص عمل جديدة للشباب وتغطية جزء من الفجوة الغذائية الحالية وإتاحة فرص للإستثمار الزراعي وانشاء مجتمعات عمرانية جديدة في مناطق مصر النائية خارج الوادي الضيق. مشروعات المدن الجديدة وتشمل العاصمة الإدارية الجديدة وشرق بورسعيد والعلمين وبني سويف والمنيا وسوهاج وأسيوط وغيرها لاستيعاب الزيادة السكانية ولتكون توسعا طبيعيا للمدن القائمة بالإضافة إلى طرح العديد من الأراضي بها للإستثمار العقاري. مشروعات أنفاق سيناء لترتبط سيناء بالأرض الأم وتمتد يد العمران والاستثمار الصناعي والزراعي والتجاري لهذا الجزء العزيز من أرض مصر. هذا إلى جانب المناطق الإقتصادية الجديدة سواء بقناة السويس أو المثلث الذهبي بصعيد مصر. وأود أن أؤكد أن القيادة السياسية تتابع عن قرب تقدم الأعمال في كل هذه المشروعات والتي تشارك في تنفيذها قواتنا المسلحة الباسلة فهي تمثل الدعامة الرئيسية نحو مستقبل وحياة أفضل لشعب مصر. السيدات والسادة: يجب ألا نختزل برنامج الإصلاح الإقتصادي بأنه مجرد مجموعة من القرارات أو الإجراءات لحل مشاكل تعاني منها الموازنة العامة للدولة إنما نحن نسعى جميعا شعبا وقيادة وحكومة إلى الإصلاح الشامل بهدف: الارتقاء بمستوى معيشة المواطن عن طريق تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الإقتصادي. تحسين الخدمات المقدمة للمواطن (صحة، تعليم، مياه شرب، صرف صحي، كهرباء … إلخ). حل المشاكل المزمنة التي يعاني منها الإقتصاد الوطني (من عجز في الموازنة ودين عام يتفاقم). ضبط آلية الدعم بهدف وصوله لمستحقيه كخطوة رئيسية لتحقيق العدالة الإجتماعية. العمل على الحد من الزيادة السكانية التي تعوق تنفيذ خطط التنمية وتهدد مستقبل البلاد. رفع معدلات الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص في البناء والتطوير من خلال منظومة إقتصادية تعمل بآليات السوق وتحقق فرص عمل حقيقية فيما تقتصر مشروعات الدولة على المجالات الاستراتيجية وحماية الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل من خلال برامج حماية إجتماعية بالإضافة إلى تحقيق التوازن في السوق. المستقبل سيكون أفضل بإذن الله، ولدينا كل المقومات: إرادة شعب مصر في الإصلاح. القيادة السياسية المخلصة والواعية لمصالح الوطن. الإستقرار. القوة البشرية الوطنية. الثروات الطبيعية. نظام مؤسسي متكامل وقابل للتطوير. بنية أساسية قوية ويتم تطويرها حاليا ورفع كفاءتها. جيش قوي يحمي الشعب المصري ويصون مقدراته وشرطة تسهر على تحقيق الأمن والأمان لأبنائه. ولعل إحجام الشعب المصري عن الإستجابة لدعوات التظاهر إنما يعكس نضجا وفهما جماهيريا لأهمية الاستقرار والبناء والإصلاح والتماسك والتكاتف المجتمعي خلال هذه المرحلة الحرجة في تاريخ الوطن. السيدات والسادة: في ختام كلمتي أود أن أؤكد على أن هناك تحديات كبيرة لكننا سنواجهها بكل الشفافية والصدق والأمانة من أجل مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا. لقد أدى التأخر في اتخاذ قرارت الإصلاح الإقتصادي إلى تراكم المشكلات وارتفاع تكلفة إصلاحه لذا لم يعد أمامنا رفاهية عدم اتخاذها أو التأخر فيها مجددا. وإننا جميعا عازمون على الاستمرار في الإصلاح حتى النهاية والعمل على التخفيف من الآثار السلبية المؤقتة على محدودي الدخل. إن النجاح يتطلب أن نشارك جميعا شعبا ومسئولين فلن تبنى مصر إلا بسواعد أبنائها فمصر يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كدولة ساهمت على مدى التاريخ بقوة في بناء الحضارة الإنسانية. أكرر شكري لمؤسسة أخبار اليوم ولكم جميعا وأتمنى لمؤتمركم الموقر النجاح ولمصر كل الخير والنماء إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.