مرضى الأورام يتجهون إلى السوق السوداء.. ومدير مستشفى قنا يؤكد: «كله تمام.. الوزارة وفرت الأدوية المطلوبة» إضافة إلى معاناة المرض، أجسادهم أصبحت محملة بآلام البحث عن العلاج.. هكذا يمكن تلخيص حال غالبية المرضى في مصر - إن لم يكن جميعهم- فأزمة الأدوية المختفية (النواقص) لا تزال تلقى بظلالها على سوق الدواء، والأنواع التي تدخل «جدول النقص» في تزايد مستمر، والحكومة من جانبها تؤكد أنها تفعل المستحيل لتدبير الأموال التي تحتاجها الشركات لتتمكن الأخيرة من إعادة عجلات الإنتاج إلى الدوران. مرضى الأورام، لم يكونوا أفضل حظا من البقية، ف«عدوى النواقص» طالت أدويتهم بشكل أصبح يهدد حياتهم، ويجعلهم عرضة للموت في أية لحظة، وسط تجاهل كامل –وشبه متعمد- من جانب مسئولى الصحة الذين يواجهون الأزمة بقاعدة «ليس في الإمكان أفضل مما كان». عبء جديد أضيف ل«قائمة أعباء المرضى»، ألا وهو عبء البحث عن الدواء، والاضطرار للجوء إلى تجار السوق السوداء للدواء، الذين يقدمون المنتجات بأسعار مضاعفة تزيد من حجم الكارثة، والنتيجة «من لا يملك لا يشفى». «من فترة بعانى عشان ألاقى الدواء».. جملة صادمة قالها محمد طلعت حسيب، مريض أورام من أبو تشت، وأكمل بقوله: لم أجد حلا لمواجهة أزمة اختفاء الدواء سوى الاتجاه إلى شراء العلاج من السوق السوداء بأضعاف ثمنه، لكننى في الشهر التالى لم أستطع العثور على الدواء الأمر الذي بات يهدد حياتي. في ذات السياق قال «م.ن.و» «مريض أورام» من مركز نقادة: هناك نقص في «فلوروا يورسيل» أمبول ب 4 جنيهات، وصل سعره في السوق السوداء ل 40 جنيهًا والمريض يستهلك من 8 إلى 9 أمبولات في دورة العلاج. من جانبها أكدت الدكتورة رانيا حافظ، أنها تعانى مع المريض غير القادر الذي يسعى إلى الحصول على الأدوية بأسعار مخفضة أو مجانية بسبب ارتفاع سعرها خاصة في أدوية الأورام، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه من أكثر الأزمات التي تواجهها في عملها التعامل مع مريض الأورام بسبب عدم توافر غالبية الأدوية التي يحتاجها لأنها للأسف مستوردة، وغير متوفرة. الدكتورة «رانيا» أكملت بقولها: مثل هذه الأصناف يجب أن تكون متوفرة ولدى الهيئات الحكومية مخزون إستراتيجى منها في مخازن الوزارة أو هيئة التأمين الصحي، أو حتى المخازن الخاصة المؤهلة للتوزيع بالخارج، ومرض الأورام ينتشر بصورة غير طبيعة وتتدهور الحالة الصحية في وقت قصير، خاصة إذا لم يتوفر العلاج الكيماوى للمريض، وهو ما يدفع الكثيرين إلى شراء الأدوية بعشرة أضعاف السعر المحدد، أما المريض غير القادر فيضطر إلى الانتظار حتى ينهش المرض جسده حتى الموت لعدم مقدرته على الشراء. وتابعت: هناك وعود من مسئولين في الدولة بتوفير الأدوية بأسعار مرتفعة بعض الشيء، لكن حتى اللحظة لا يوجد صنف من أدوية الأورام تم توفيره. أما الدكتور أحمد صالح محمود، رئيس لجنة الصيدليات الأهلية بنقابة الصيادلة، فقد عقب على الأمر بقوله: نحن نواجه أزمة طاحنة بسبب نقص الأدوية، كما أننا في الوقت ذاته ندخل في أزمات مع المرضى وذويهم عندما نؤكد لهم أن العلاج غير متوفر، أو أن الأسعار ارتفعت لأنهم يظنون أننا نتاجر في الأدوية. رئيس «لجنة الصيدليات»، واصل حديثه قائلا: السبب الرئيسى للأزمة الحالية التي ضربت سوق الدواء بشكل عام سببها وجود دخلاء وتجار وسماسرة على المهنة تتدخل لحظة خروج الدواء من المصنع أو الموزع حتى تصل إلى الصيدلي، وهناك حلقة مفرغة نواجهها، حيث لم يعد الدواء يصل إلى الشركات التي بدورها تقوم بتوصيله إلى الصيدلي، باختصار هناك تجار في المنتصف، كما أنه حال تسلم الصيدلى للأدوية يتم تحميله بأدوية لا يحتاجها للحصول على صنف بعينه، يعنى مقابل الحصول على صنف دواء معين يتم تحميل أدوية يصل مبلغها 10 آلاف جنيه مقابل علبة من صنف واحد بألف جنيه مثلًا، وهو ما يدفع الصيدلى إلى توزيع تلك الأصناف التي لا يحتاجها إلى روشتات المريض رغمًا عنه وليس للصيدلى ذنب في ذلك أيضًا، والحل يكمن في إنشاء هيئة عليا للدواء. من جانبه قال الدكتور أحمد النقيب، نقيب صيادلة قنا: علينا أن ندرك أننا نواجه في الوقت الحالى أزمة طاحنة تعصف بسوق الدواء في مصر، وتفاقمت تلك الأزمة في الأصناف الحيوية التي يتم طلبها لعلاج المرضي، وهناك أصناف بعينها غير موجودة في صيدليات المحافظة، وعندما نقول اختفاء دواء نعنى أنه لا بديل له. نقيب الصيادلة، أرجع الأمر إلى ما وصفه ب«انعدام الضمير»، مؤكدا في الوقت ذاته أن الشركات من الأساس هناك أصناف دواء توقف عن إنتاجها، ومشيرا إلى أنهم لاحظوا في الآونة الأخيرة خلق ما يمكن وصفه ب«سوق الدواء السوداء في مصر»، حيث أصبحت هناك أدوية تباع بأضعاف أضعاف سعرها. وطالب «نقيب قنا» بضرورة بحث أسباب عدم تغطية القطاع العام لسوق الدواء، وتابع قائلا: للأسف نحن لا ننظر إلى هذه الأزمة لدرجة أن هذه الأزمة الطاحنة أصبحت تعصف بالمواطن وسوق الدواء المصرية، ولدينا حلول كثيرة. وفيما يتعلق بالخطوات التي اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة للسيطرة على الأزمة، قال: القرارات الوزارية كانت تصب في مصلحة الشركات، حيث تم تحريك السعر حتى لا يتعرضوا للخسارة بسبب أزمة الدولار، وبعد مرور 5 أشهر تم التحريك لسعر الدواء دون وجوده، حيث أعطى الوزير مهلة للشركات لمدة 3 أشهر من أجل حل تلك الأزمة إلا أنه مرت 5 أشهر والأصناف غير موجودة، ونحن نتعرض للتوبيخ من قبل المواطنين بسبب عدم وجود أدوية وأصناف بعينها، مع أننا لا ذنب لنا في هذا الأمر، فنحن مسئولون عن توفير الأصناف الموجودة في الشركات وليس العكس. في المقابل، أكد مصدر بمعهد أورام قنا، أن المعهد لا يستطيع استقبال عدد جديد من المرضى بسبب الكميات المحدودة للدواء بالصيدليات، مرجعا ذلك إلى عدم تفعيل قرار الوزير بتحويل مستشفى جراحات اليوم الواحد إلى معهد أورام. تجدر الإشارة هنا إلى أن هناك بعض المرضى الذين تم تحويلهم إلى معهد الأورام من أحد المستشفيات بالمحافظة قرروا الخروج من المعهد والعودة للمستشفى بسبب سوء الخدمة وعدم توافر الأدوية بالمعهد بشكل دوري. من جانبه قال الدكتور محمد الديب، مدير مستشفى قنا: لدينا مخزون إستراتيجى من أدوية الأورام، ويتم الصرف بشكل دوري لمرضى العلاج الاقتصادى بالمستشفي، ومريض الأورام يتمتع برعاية خاصة، كما أن المستشفى يقوم بواجبه تجاه المرضى وذويهم. في مقابل توافر الأدوية داخل مخازن مستشفى قنا، اتضح – وفقا لتأكيدات مصادر عدة، أن المستشفى الجامعي، يعانى من نقص في بعض الأدوية وتحديدا الأمبولات والأقراص الخاصة بالأورام، وقد علمت «فيتو» أن هناك أدوية تباع في السوق السوداء بضعف أسعارها مثل أدوية (فلورا يورسيل وأمبولات كرستينوبوتى نول وفيديفيلى دى وفينسيبد فير وتكسون فير) تباع بضعف السعر في السوق السوداء من تجار شنطة بحسب مصادر. وفى ذات السياق أكد مصدر صيدلى وجود نقص في أدوية الأورام مثل أرومازين «أقراص» و»بنتابروفيد «أقراص»، جينيزار «أقراص» وهيماجل «محلول» وكيتوسترين «أقراص»، وهناك أيضا نقص في الأدوية الموجهة مثل «هيرستبن» و«فستن» و«ريتوفيرا» وهذه الأدوية توزع عن طريق شركتين هما «إيمك» و«مالتى فارم».