سيدات بورسعيد كرجالها نشأن علي الصمود والفدائية وحب الدفاع عن الوطن .. وفى السطور التالية نتابع ذكريات سيدتين عاصرتا العدوان الثلاثى وشاركتا في القتال ضده تقول علية حامد الشطوى التى شاركت في الكفاح المسلح ضد قوات العدوان الثلاثى, هما علية الشطوى وعصمت خفاجى: كنت فى عام 56 طالبة بالمعهد الراقى للمشرفات الصحيات بالقاهرة, وعند اعلان الرئيس جمال عبد الناصر بأننا سنقاتل , اغلقت المعاهد والكليات, وعدت الى بورسعيد, ولكنى كذبت كذبة بيضاء على والدى, وقلت له إنهم حلفونا على المصحف بأن نتطوع, وذهبت الى الدكتور محمود حجاج - مدير الوحدة الصحية- وحصلت منه علي خطاب لمدير المستشفى العسكرى ببورسعيد, وكان نفس اليوم الذى تسلم فيه الجهاز العسكرى والجيش المستشفى, فرحبوا بى و بدأت اجمع البطاطين والادوية و الاجهزة العلاجية للمرضى, وفى ذات اليوم اسقطت القوات المعادية مظلييها فى منطقتي الجبانات والجميل, وأطلق الفدائيون الرصاص على المظليين الاجانب, وسقط عدد كبير منهم قتلي..وكنت اقف مع زملائى امام ابواب المستشفى نستقبل القتلي والجرحى, وننتزع منهم الاسلحة ونضعها فى سيارات الاسعاف لتقوم بنقل السلاح للمتطوعين فى المدينة الباسلة, ورغم الاتفاقيات الدولية التى تجرم ضرب المستشفيات اثناء الحروب, إلا أنه وبكل خسة وانحطاط قامت قوات العدوان الثلاثي بضرب المستشفى العسكرى, واثناء تلك المهزلة مات كثيرون, وفر كثيرون, ووجدت «بكباشى» يناديني ويعطينى خوذة وبطانية,وقمت بلف البطانية حولى, ووضعت الخوذة على رأسى, وكان الوقت فجرا, وكنت اسير بمفردى, ووجدت من بعيد رجلا يصطحب طفلا فى يد, وبيده الاخرى لمبة مضيئة,وعندما اقتربت وجدته ابى ومعه اخى الصغير, كانا يبحثان عنى, واخذنى لمنزل خالتى, واوصاها بعدم خروجى, ولكنى اخترعت الحجج وخرجت,وذهبت الى المستشفى الاميرى, وكانت رئيسة التمريض يوغسلافية اسمها «مارى جوزيف», وكان المصابون كثيرين,لدرجة نفاد الاسرة ووضع عدد منهم علي الارض, وجاء القطار الحربى ليأخذ الجرحى الى المستشفى القبطى فى الحلمية, وركبت معهم, وعندما و صلنا قرأت لافتة اراحتني كثيرا, مكتوبا عليها «نحن لا نسألك عن دينك ولا جنسيتك ولا رأيك, لكن نسألك عن مرضك « وعدنا فى نفس اليوم, وظللت اتردد على المستشفى لاساعد فى تضميد الجراح. وعن ثورة 25 ينايرتقول «علية»: كنت اود ان يعود بى الزمن الى سالف عهده، واعود الى شبابى لاقف فى ميدان التحرير, وارفع علم مصر, رمز الحرية والكرامة, واطالب بعودة الشرطة من اجل عودة الامان والامن للشارع البورسعيدى, وإلقاء القبض علي البلطجية , واقسم بأنهم ليسوا من ابناء بورسعيد 56, وكذلك ارفض المساس بالقوات المسلحة, فجند مصر هم خير اجناد الارض. أما عصمت اسماعيل خفاجى, فدائية, فتقول: تبدأ قصتى عندما كنت طالبة و عمرى ثلاثة عشر عاما, وتطوعت فى الهلال الاحمر عام 53, وكان يرأسه فى ذلك الوقت «جليلة البحراوى» وتعلمت الاسعافات الاولية التى افادتنى عندما تم تشكيل اول كتيبة للفتيات بالحرس الوطنى عام 54, وقد شاركت فى اول اسبوع للتسليح مع بعض الزميلات,و قمنا بجمع وحمل الصناديق للتبرع للتسليح و كنا نمرعلى المصالح الحكومية في المحافظة, وخارج نطاق بورسعيد حتى القنطرة, وعندما قام الحرس الوطنى التابع للحاكم العسكرى بتكوين كتيبتين,احداها من معهد المعلمات والاخرى من مدرسة الثانوية بنات, كنت اول المتطوعات. وتضيف من المواقف التى لن انساها , عندما كان فى منطقتنا جندى يدعى «جون», وكان يقتنص المارة والمطلين من الشرفات, ويسير فى شارع التجارى لممارسة إجرامه, فغلى الدم فى عروق شباب الحى وقرروا و أنا معهم التخلص منه, وبالفعل خططنا لذلك ونجحنا فى قتله. وبعد جلاء آخر جندى من جنود العدوان الثلاثى بدأت الحياة تعود مرة ثانية الى مدينتى, فكنت أول من تطوع لخدمة العائدين من الهجرة، ولم يكن لديهم مسكن فكنا نستقبلهم في معسكر الجولف وهى مساكن الجولف حاليا,ونقوم بخدمتهم وتوفير المسكن الملائم لهم. عصمت موضحة : كنت اتابع بوجدانى ثورة يناير وتمنيت ان اشارك فيها, خاصة بعد ان شاهدت دم الشهداء ووقوفهم فى التحرير صامدين حتى نالت الثورة مكتسباتها فتنحى حسنى مبارك,وحبس الوزراء الفاسدين يذكرنى بكفاح شعب بورسعيد حتى جلاء اخر جندى للعدو,ولكن ما يؤخذ على الشباب هو المساس بالمجلس العسكرى, فالجيش و الشرطة دعامتان لحماية الوطن و المواطن. وعن فدائيات بورسعيد يقول كامل الحسينى - المستشار بالنقل البحرى – ل«فيتو»: كنت صبيا ابلغ من العمر 11 عاما فى عام 1956, وكنت مقيما فى الحى الأفرنجى امام المستشفى الأميرى, وشهدت آثار العدوان الشرس من القوات الإنجليزية والفرنسية, والذي كان أحد ضحاياه أخي أحمد الحسينى, من أبطال المقاومة الشعبية .. وقد شاهدت الفدائيين، والفدائيات الذين قدموا تضحيات كبيرة، مضيفاً: البورسعيديات كن فدائيات, وهناك سيدة عظيمة تجاهلها الجميع، ولم يذكرها احد حتى معرفة اسمها الحقيقى, وكان يطلق عليها «أم الفقير»,وهى من سكان حى المناخ, ففى أثناء العدوان الثلاثى عام 56 وإنزال المظليين فى منطقة «الجميل» لعبت هذه السيدة الوطنية دورا لن ينساه التاريخ للمرأة المصرية ,عندما توجهت ومعها مجموعة من صديقاتها الى المنطقة, وتمكنت من اصطياد احد المظليين, وكان بريطانيا, وقتلته بأدوات بسيطة كانت تحملها فى يدها «يد هون «من النحاس وغطاء حلة, فقد استغلت خروج الجندى من مظلته وقتلته, وقد انتشرت قصة هذه السيدة بين سكان منطقتها, اذ كانت تقطن بشارع كسرى والأمين , أحد شوارع حى المناخ, وهذه السيدة لم تأخذ حقها فى ذاكرة التاريخ حتى الآن. ويختتم الحسينى حديث الذكريات وبطولات البورسعيديات بقوله :كانت هناك سيدة أخري تدعى «أم على» كانت تعمل ممرضة فى عيادة الدكتور جلال الزرقانى بالحى الأفرنجى, امام جامع الرحمة, فكانت تقوم بتضليل الجنود الفرنسيين والبريطانيين, واخفاء الفدائيين والمنشورات الوطنية , حيث كانت تخفي المنشورات في «جبائر» الفدائيين عند مهاجمة المعتدين هذا المكان.