أربعون عاماً .. كفيلة لأن تجعل العقل يفكر ويفكر، كيف ينقذ مكاناً قضى فيه كل هذه الفترة، إلى أن آلت به الحال لتركه، هذه هى الحال بالنسبة للمهندس «عمرو جودت» الذى تخرج في كلية الهندسة عام 1986م، قسم مدنى مساحة، ثم عمل استشارياً فى مجال التنمية السياحية، فبعد أن كان يسكن فى شارع الهرم لما يقارب 40 عاما، وبعد كل هذه الفترة وجد أن شارع الهرم لم يعد هو نفس الشارع الجميل، بعد أن شوهت معالمه العشوائيات، وتراكمت على جوانبه أكوام القمامة، جودت .. فكر طويلاً بحكم خبرته فى مجال السياحة، وتوصل إلى مشروعه «نهر الأهرامات», الرامى لإيجاد طريق آخر للسياح من ميدان التحرير إلى منطقة الأهرامات، وذلك بعد أن اقتنع بأن فكرة نقل السياح ب «التليفريك» هوائياً لم تعد مناسبة، لتشوه صورة أسطح معظم المنازل التى تكسوها أطباق الأقمار الصناعية، تفاصيل المشروع فى الحوار التالى .. ما فكرة مشروع «نهر الأهرامات» ؟ - الفكرة عبارة عن مشروع سياحى يربط بين الأهرام والنيل، بحيث يكون النيل هو الطريق الوحيد المؤدى بالسياح إلى الأهرامات، فى رحلة نيلية، عبارة عن مسرحية، بدءاً من لبس الزائر لملابس الفراعنة، والمرور بطريق نهرى بشكل فرعونى، يؤدى بالسائح ويؤهله لرؤية أقدم وأعرق معلم سياحى، وهو الأهرامات، حيث يتم نقل السائح من «ميدان التحرير» عن طريق نهرالنيل، حتى مدخل «ترعة المنصورية» . لماذا بادرتك فكرة مشروع «نهر الأهرامات» وشغلت ذهنك ؟ - فى ظل العولمة، والعالم الذى اصبح قرية صغيرة، وبالنظر إلى مصر نجد أنها ليست دولة زراعية، وأيضاً مصر بحاجة إلى 40 سنة حتى تصبح دولة صناعية، فالمهارة التى تقوم عليها الدولة الصناعية مفتقدة تماماً في حياة المواطن المصرى، وإنما مصر هى فى الأساس بلد سياحى، حباها الله بكل مقومات السياحة، كل تاريخ العالم موجود فى مصر، فيوجد لدينا أقدم صرح معمارى، وأيضاً مصر بها ثلثى آثار العالم، وجو مصر غير عادى، بجانب الشواطئ السياحية، ما يجعل السياحة الشاطئية متوافرة بشكل جيد فى مصر، وأيضاً السياحة الدينية, والمعتاد فى مصر ان «منطقة الأهرامات» اصبحت مكاناً يلتقط فيه مجموعة من الناس السياح لسرقتهم وامتصاصهم، كل هذا لأننا لا نعرف قيمة «الأهرامات»ومن خلال مشروع «نهر الأهرامات» نتخطى الفائدة المحدودة من الأهرامات والمقتصرة على «نزلة السمان» من خلال عمل شريط نهرى يمتد ل 12 كم، يتم من خلاله تنظيف ترعة المنصورية من القمامة التى تغطى جانبيها، وأيضاً سيتم توسعتها، حتى نزلة السمان، كل هذا بتكلفة مادية تقارب 600 مليون جنيه، وعائد هذا المشروع السنوى سيغطى تلك التكلفة خلال عامين على أقصى تقدير. صف لنا الرحلة التى سيقطعها السائح عبر «نهر الأهرامات» ؟ - السائح سيقوم برحلة نحو 12 كم فى النهر، الذى سيتم تصميمه بمناظر هندسية وفرعونية، حتى يرى السائح كيف كانت تتم عملية نقل الفراعنة للأحجار التى استخدمت فى بناء الأهرامات، عندما كان النيل يصل إلى منطقة الهرم، وعلى جانبى النهر يرى السائح قرية فرعونية يشارك فيها الفلاحون أصحاب تلك الأراضى، والذين سيستفيدون من هذا المشروع من خلال قيامهم بممارسة بعض الأعمال الفنية والزراعية,وعندما يصل السائح إلى منطقة «نزلة السمان» يوجد نفق به «حناطير وجمال خيول» تقوم بنقلهم إلى الأهرامات ، كما سيتم أيضاً إنشاء مطاعم، وبازارات ومارينا، يقوم السائح بالتجول فيها وقضاء وقت ممتع . ما هو الهدف والجدوى من المشروع ؟ - مشروع «نهر الأهرامات» يهدف إلى إحياء رحلة مسار أحجار الأهرامات، من خلال تجهيز وتأهيل نفسي للسائح، وأيضاً من أجل العمل على إيقاف الزحف الخرساني على المنطقة الخضراء، كما سيتم تشغيل طاقة مصرية خلال المشروع والتشغيل، والعمل على تطوير المناطق المحيطة للمشروع, ويعتبر المشروع صديقاً للبيئة، لأن من شأنه إيقاف الزحف الخرسانى على الأراضى الزراعية التى تحيط بمنطقة الأهرامات، فسيتم عمل مشروعات بسيطة على الاراضى الزراعية الموجودة هناك، من خلال عمل مشاتل ورد ، مزارع فاكهة للسياح، ومشروعات للفنانين، وأيضاً من الممكن عمل غابات نخيل، كل هذا بدون اي خراسانات قد تجور على منظر النهر الجميل الذى يؤدى إلى منطقة الاهرامات. ماذا عن تمويل مشروع «نهر الأهرامات» ؟ - التمويل لا يمثل أى مشكلة، فهو سهل جداً، ولدينا أكثر من خيار كل منها قائم على فكرة تسويق «الهرم والنيل» وذلك بالاعتماد على منح من الدول التى تهتم بالسياحة، من خلال منظماتها التى تدافع عنها، أو من خلال «الاكتتاب العام» أو «حق الانتفاع» والطريقة الأخرى وهى «القروض» . وعن تكلفة المشروع فإن الدراسة المبدئية للتكلفه نحو 500 مليون جنيه مصري، وهذا يتوقف على التصميم والرسومات التنفيذية, وفي حالة شق مسار جديد 700 مليون جنيه، وكل هذا سيتم من خلال المنح التى ستمنحها لنا الدول الأخرى، بعد أن تتبنى الدولة هذا المشروع، باعتباره مشروع دولة, بينما العائد السنوي لهذا المشروع سيكون 3 ملايين زائر للأهرامات مضروبا فى 20دولارا، ويكون الناتج 60 مليون دولار, أى أكثر من 360 مليون جنيه مصرى سنويا. وما الطرق المقترحة للربط بين النيل والأهرامات ؟ - هناك أكثر من طريقه للربط، فما بين الأهرامات والنيل، شارع البحر الأعظم، وهناك ثلاث طرق للربط، احدها مكلف ، والآخر بسيط ، وهى» نهرى – برى – برمائي»ولكن قبل كل هذا يجب أن تبتعد الدولة عن تغطية تلك المنطقة وردمها كما يحدث الآن. ما هى الجهات التى قمت بعرض مشروعك عليها ؟ - عرضت هذا المشروع على كل وزراء الرى السابقين والحاليين، وتم عرضه على لجنة المشروعات القومية بنقابة المهندسين التى يرأسها الدكتور عصام شرف، وحاز على إعجابهم جميعاً، فهم يرونه المشروع الأسرع فى التنمية السياحية، وايضاً عرضت المشروع على الدكتور هشام قنديل، حينما كان وزيراً للرى، ومن ضمن المنح التى عرضت لتمويل هذا المشروع، عرض الدكتور الكندى، أحمد الزنفلى رئيس الشركة العالمية للتجارة والتعاون الدولى، والذى أبدى استعداده لعمل دراسة جدوى، وأن تنفق الحكومة الكندية على هذا المشروع، وكان من اهم شروطه التى تتوافق مع اهداف هذا المشروع هو تنمية العشوائيات فى تلك المنطقة,وهناك مقترح من الدكتور محمود عمارة مدير مشروع «بنك الأفكار» لعمل ربط بين أحدث معلم سياحى، وهو ميدان التحرير، وبين أقدم معلم سياحى وهو «الأهرامات» من خلال نهر النيل، والربط هنا يكون «ربط مائى» من خلال مركب « ينتقل من ممر يسمى «الهاويس» ليخرج على ممر مائى آخر، ثم يجد «مارينا» سياحى، وبجانبه نفق به «مراكب أخرى» لاستكمال الرحلة إلى الأهرامات. هل سيعترض هذا المشروع اي ملكيات خاصة؟ - هذا المشروع لن يمس أو يقترب من الملكيات الخاصة، فهو يسير على مسار ترعة المنصورية، والأرقام تشير إلى أن زوار الهرم سنوياً 7 ملايين سائح، ولكن فى دراسة هذا المشروع، افترضنا أنه سيكون هناك 3 ملايين سائح فقط، هم من سيستخدمون هذا النهر، وبذلك يكون المشروع قد غطى تكلفته فى عامين فقط كما شرحت من قبل، كل ذلك بعيداً عن وجود مراكب اخرى خاصة ستكون بأسعار اعلى وبإمكانيات أعلى، بجانب المشروعات الاخرى التى ستكون على جانبى الطريق، كل هذا يثبت ان مشروع «نهر الاهرامات» من الناحية التجارية هو مشروع ناجح بنسبة كبيرة جداً. ما الجهة المنوط بها تنفيذ مشروع «نهر الأهرامات» ؟ - العقبة الأساسية امام هذا المشروع أنه لا توجد جهة معينة تريد أن تتبناه. متى بدأت فى عرض مشروعك على المسئولين فى الدولة ؟ - اكتملت فكرة مشروع نهر الأهرامات فى عام 2000، وقمت بعرضه على محافظ الجيزة فتحى سعد، ثم زاهى حواس، ووزير السياحة الاسبق احمد المغربى، وأيضاً عرضته على وزراء الرى السابقين والحالى، وبإجماع الكل حاز المشروع على إعجابهم، ولكن مازال المشروع حبيس الورق بسبب فكرة التمويل. كيف ستحل مشكلة التقاطعات العرضية؟ - التقاطعات العرضية لن تتسبب فى أي مشاكل على الإطلاق، فستتم الاستفادة منها، من خلال بناء معبد تحت كل تقاطع، يدخل منه المركب ويخرج دون أن يرى أن هناك تقاطعا للطرق فوقه، وأيضاً الطرق الموازية، ستتم تغطيتها والفصل بينها وبين النهر عن طريق النباتات أو الرسومات الفرعونية، بحيث لا تظهر للسائح، وتخرجه عن الحالة الفرعونية التى يستمتع بها طوال رحلته، والمناطق التى سيتم تغطيتها هى شبرامنت ، زاوية أبو مسلم، كفر الجبل، أبوالنمرس. ما الجهة التى تتوجه إليها الآن بمشروع «نهر الأهرامات» ؟ - بعد كل المحاولات السابقة، قررت أنا والدكتور عصام شرف تغيير مسارنا، والتوجه لوزير السياحة.. من أجل ان يتبنى هذا المشروع، ويدافع عنه،لكننا من قبل كنا نتعامل مع وزارة الرى باعتبارها المسئولة عن نهر النيل وترعة المنصورية، وحتى الآن نحن قد حصلنا على موافقة من وزارة الرى، ولكن خطوتنا المقبلة هى طرق باب وزير السياحة، حتى يقوم بطرح هذا المشروع ضمن مشروعات التنمية السياحية التى تتبناها الوزارة، ولا يعتبر ذلك كافياً، وإنما لابد أن تقتنع أعلى سلطة فى الدولة بمدى أهمية هذا المشروع، وأن الهرم يعد مصدر دخل كبير.