أسعار الذهب في الإمارات.. تراجع طفيف للمعدن الأصفر    الرئاسة الفلسطينية: إسرائيل استهدفت خيام النازحين برفح "عمدا"    15 قتيلًا جرّاء أعاصير ضربت جنوب الولايات المتحدة    تشكيل الزمالك المتوقع ضد الاتحاد السكندري في الدوري المصري    بث مباشر الاتحاد ضد النصر دون تقطيع HD في الدوري السعودي    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 27 مايو 2024    اليوم.. تعامد الشمس على الكعبة المشرفة وقت أذان الظهر    وكيل صحة الإسماعيلية تحيل المقصرين للتحقيق    وزير الخارجية السعودي: لا يمكن لإسرائيل أن تكون موجودة دون وجود دولة فلسطين    كولر: معلول قدم الكثير للأهلي والتجديد له يخص الإدارة فقط    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    كولر: محمود الخطيب لن يمنحني ميزانية مفتوحة للصفقات    نشأت الديهي: مصر أظهرت العين الحمراء لدولة الاحتلال    الموجة الحارة تعود بقوة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف موعد انخفاض الحرارة    لطفي لبيب عن عودته للتمثيل: مين بيجيب ممثل نصه طاير مبيتحركش    التموين تزف بشرى سارة للمواطنين قبل عيد الأضحى    مصرع ممثل أمريكي شهير بالرصاص في لوس أنجلوس    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    العثور على السفير الفرنسي لدى سريلانكا ميتا في مقر إقامته    البيت الأبيض: نحن على علم باستهداف رفح الفلسطينية ونجمع المزيد من المعلومات    تجربة زراعية رائدة.. تفاصيل نجاح تجربة زراعة الذرة الرفيعة بأسيوط    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    هل سيتم زيادة ساعات تخفيف أحمال الكهرباء    كولر: الشناوي حزين.. قمصان سبب مشاركة كريم فؤاد في النهائي.. وأتابع شوبير منذ فترة    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    ظهرت رسمي.. رابط سريع لمعرفة نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الإسكندرية    موعد وقفة عرفات 2024.. متى يحل عيد الأضحى في مصر؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء استهداف الاحتلال منزل لعائلة "البطران" شمال غزة    وزارة البترول تنفي سحب شركة إيني سفينة حفر من حقل ظهر    شعبة الصيدليات: «زيادة أسعار الأدوية هتحصل هتحصل» (فيديو)    خبير اقتصادي ل قصواء الخلالي: الوافدون سبب رئيسي في زيادة التضخم    فنانة تحتفل مع طليقها بعيد ميلاد ابنتهما وياسمين صبري جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    المرصد الأورومتوسطي: مجزرة رفح دليل تجاهل الاحتلال قرار محكمة العدل الدولية    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    أمين الفتوى: يجوز التيمم للغسل والوضوء رغم وجود الماء في هذه الحالة    كان في حالة تعفن.. دفن جثة شخص عثر عليه ميتا داخل شقته في أبو النمرس    جهاز دمياط الجديدة يشن حملات لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    مصطفى عمار: الرئيس السيسي أمين وصادق ولا يفعل شيئا إلا من أجل بناء دولته    منوم ومشنقة.. سفاح التجمع يدلي باعترافات تفصيلية عن طريقة التخلص من ضحاياه    يونيو القادم.. "تعليم المنيا" تستعد لانطلاق ماراثون الثانوية العامة    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    وزير الشباب يشهد حفل ختام النسخة ال 12 من مهرجان ابداع    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعرف على أسباب الإصابة بنزلات البرد المتكررة حتى في فصل الصيف    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجال في الميزان.. 41- الأديب عبدالغني الدقر «علاّمة الشام» ج 2
نشر في فيتو يوم 13 - 09 - 2016

مازال الحديث متواصلا مع قراء فيتو في رحاب هذه المجموعة من التراجم لمشاهير أعلام المسلمين عبر التاريخ، للعظة والعبرة من حياة هؤلاء الرجال الذين قدموا الكثير والكثير للأجيال المتعاقبة من بعدهم.. حيث تم جمعها وانتقاؤها من مصادر عدة، ومواقع متفرقة.. وقد شملت هذه التراجم العالم والفقيه والزاهد والواعظ والمحدث والمفسر والمؤرخ والطبيب والداعية، والمرشد والمجاهد...إلخ.
ففي تاريخنا الإسلامي الزاهر نماذج رائعة من العلماء العاملين الذين أدوا رسالتهم على أكمل وجه، فكانوا نبراساً يستضاء بهم في كل زمان، ونماذج يقتدى بها في وقت تُفتقد فيه القدوة الصالحة، والكلمة الجريئة، والمجابهة الصريحة في سبيل إعلاء كلمة الله...
ونواصل في هذه الحلقة الحديث عن الشيخ عبدالغني الدقر...
41-علامة الشام.. «الشيخ الأديب عبد الغني الدقر»
الجزء الثاني
كان الشيخ عبد الغني يكتب، ويحاضر، وله أحاديث في الإذاعة السورية، ومحاضرات في مساجد دمشق، وفي المجمع العلمي العربي بدمشق، وله مقالات في مجلة (الرسالة) القاهرية للزيات، وفي مجلة (حضارة الإسلام) الدمشقية للدكتور مصطفى السباعي، وفي مجلة (المرأة) للسيدة نديمة المنقاري، وفي جريدة الأيام الدمشقية، وسواها من الصحف، ولكن كرهه للأضواء والنفاق والمجاملات، جعلته ينأى بنفسه عنها، وقد ردّ في مجلة الرسالة على العقاد، وصحح له خطأ شائعاً بين الأدباء والعلماء، كما ردّ على الشيخ العلامة بهجت البيطار.

كنت قرأت وأفدت الكثير من كتبه، ولكني عندما قرأت أول كتاب له في سلسلة (أعلام المسلمين) عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قلت: سوف يتعب الشيخ من سيكتب بعده في هذه السلسلة المهمة، وتمنيت لو أنه يتفرغ للكتابة عن أعلام المسلمين بقلمه السيال، وأسلوبه المترف الأنيق، وقلت له ذلك، فابتسم ابتسامته الساحرة وقال: "حبُّك الشيء يعمي ويصم".
بعض الأضواء على كتبه القيمة:
1 مختصر تفسير الخازن، المسمّى: لباب التأويل في معاني التنزيل: وهو كتاب كبير، اختصره الشيخ في ثلاثة مجلدات كبيرة، من القطع الكبير، وجاءت في 1725 صفحة.
مؤلف هذا التفسير: العلامة محيي السنة علاء الدين علي بن محمد المعروف بالخازن، لأنه كان خازن الكتب بالسُّمَيساطية.
قدّم الشيخ لمختصره هذا، وبيّن السبب الذي دعاه إلى اختصاره، وهو أنه يحتوي على الجيّد والرديء، والسمين والغثّ، على حسب حاجة زمنه؛ فالجيد فيه: وضوحه، وسهولة عبارته، وتوسّعه في أحكام القرآن، مع توضيح أدلتها من الكتاب والسنة، وأنه لا يدع حكماً ولا موعظة ولا عبرة إلاّ ويستشهد عليها بالأحاديث النبوية مع تصحيحها، أو تحسينها، أو تضعيفها.
والرديء فيه: كثرة ما فيه من الإسرائيليات التي تضر ولا تنفع، وأكثره ممّا لا يقرّه كتاب ولا سُنّة، إلى جانب بعض الخرافات التي لا يحتملها ولا يقبلها العصر.
وقد اقتصر الشيخ على الجيّد والسمين، ونفى الغثّ والرديء، فجاء على خير ما يرجوه القارئ من كتب التراث شكلاً ومضموناً.
2 الإمام الشافعي: فقيه السنة الأكبر، وهو الكتاب الثاني في سلسلة (أعلام المسلمين) التي تصدر عن دار القلم بدمشق، صدر عام 1392ه - 1972م في أربع مئة صفحة من القطع العادي، وطُبع حتى اليوم خمس طبعات. تحدّث فيه الشيخ عن الإمام الشافعي من المهد حتى اللحد، استهلّه بمقتبس لطيف من كلام الشافعي، ثم جال جولة في خطة الإسلام، وتوزّع مناهج المجتهدين إلى مدرستين، هما: مدرسة الحديث في الحجاز، ومدرسة الرأي في العراق، ثم قال: "وهناك مدرسة ثالثة لم يشر إليها مؤرخو الفقه، هي مدرسة الشافعي".
وقال: "لا ريب أن مقام الشافعي من هذا الخضمّ، مقام المنارة المشعّة في جزيرة منيعة ضخمة؛ فلقد آتى الله الشافعيّ من حدّة الذكاء، وغزارة المواهب، والرغبة الصادقة، والاستقامة، والتقوى - ما يسّر له أن يطّلع في فترة قصيرة من عمره، على جميع ما وصل إلى زمنه من علم". فقد أخذ الشافعي كلّ ما عند علماء مكة، والمدينة، واليمن، والعراق، كما تلقّى علم أهل الرأي عن أحد صاحبي أبي حنيفة: محمد بن الحسن، وكتب من كتبه حمل بعير.
وبهذا يكون الشافعي لم يلتزم في أخذه ودراسته مذهباً معيناً، بل تلقّى فقه أكثر المذاهب التي عرفت في عصره، وجمع إلى ذلك ما حفظه من السنن والآثار.
"ثم أخذ بعقله الواعي، وبصيرته النافذة، وإخلاصه في طلب الحق، مع علم بالعربية لا يقارن فيه - يدرس، ويوازن بين الأدلة، ويعيد النظر فيما استنبط، حتى عرف طريقه، فوضع مخططه في الاجتهاد في كتاب (الرسالة) وسار على منهج واضح مستقل، ينشئ مذهبه المدعوم بأقوم حجة من منطق الشريعة وآثارها".
وبهذا يكون الشافعي - رحمه الله رحمة واسعة - منهجياً، يضع الأصول، ثم يبني عليها مذهبه، ومذهبه هو المدرسة الثالثة التي هي بين مدرسة الرأي ومدرسة الحديث، وهي إلى مدرسة الحديث أقرب.
كتب الشيخ "حياة الشافعي في تسلسل، مرحلة إثر مرحلة، منذ وُلد إلى أن وافاه الأجل" وتحدّث طويلاً عن سيرته العلمية في فروعها كلها، وقدّم شهادة كبار العلماء فيه، من شتى المذاهب والنِّحل، وسرد وصفاً حيّاً لأخلاقه ومناقبه، وقد مزج بين حياته المادية وحياته العلمية الحافلة، ليعلم القارئ مراحل النّمو والتطور فيهما.
والحق، إن من يطالع هذا الكتاب، يشاهد الإمام الشافعي حيّاً أمامه، يرحل، ويتعلم، ويعلِّم، ويناظر، وقد كتبه الشيخ بأسلوبه الرصين، وعبارته العالية، التي تليق بإمام من أئمة اللغة والأدب والشعر، وإمام جليل من أئمة الفقه، والحديث، وعلم الأصول..
3 الإمام النووي: شيخ الإسلام والمسلمين، وعمدة الفقهاء والمحدّثين، صدر هذا الكتاب القيم عام 1395ه - 1975م عن دار القلم بدمشق، في 215 صفحة من القطع العادي، وقد تعدّدت طبعاته (الطبعة الرابعة عام 1415ه) ونهج فيه المؤلف الشيخ نهجه في كتابه عن الإمام الشافعي، فتحدث عن حياته الحافلة بالعلم والعمل معاً، من المهد إلى اللحد، تحدث عن عصر أيام الملك الجبار الظاهر بيبرس الذي أذهل الصليبيين والتتار ببأسه وهول حروبه، كما أرعب شعبه وعلماءه، إلاّ عالماً واحداً لم يَقوَ عليه، هو ذلك الشيخ الهزيل الجسم، المرقّع الثياب محيي الدين النووي، رحمه الله رحمة واسعة.
تحدث الشيخ عن مولد النووي في بلدة نوى في حوران - من بلاد الشام - وعن رحلته إلى دمشق لطلب العلم، وعن شيوخه في الفقه، والحديث، وعلم الأصول، والنحو، واللغة، وتحدث عن العلوم التي نبغ فيها وبرع، فكان العالم الفقيه، المحدث، وكان العالم اللغوي، والنحوي، والصرفي، وكان العالم في العقائد، يشرح ويقرر ما استقر في نفسه من علم التوحيد، يبثّه في كتبه، كما فعل في كتابه القيم (شرح مسلم) الذي حوى الكثير من العقائد على أصول أهل السنة، فهو سلفيّ العقيدة، شافعيّ المذهب.
وتحدث عن عبادته، وزهده، وورعه، ورفقه بالناس، ودفاعه عن المستضعفين أمام الجبارين، كما تحدث عن حليته، وبزته، وعن مأكله ومشربه، وعن كتبه، وشعره، ومؤلفاته التي مات عنها وهو ابن خمس وأربعين سنة، قبل أن يتمّها.
إنه كتاب جامع رائع، يضعك أمام محيي الدين النووي العارف بالله، وكأنك تستمع إليه وهو يحدّثك، وكأنك تراه في سائر أحواله.
4 أحمد بن حنبل: إمام أهل السنة، صدر هذا الكتاب عن دار القلم بدمشق ضمن سلسلة (أعلام المسلمين) عام 1399ه 1979م في 318 صفحة من القطع العادي في طبعته الثالثة عام 1413ه.
جاء في مقدمة الكتاب: "وبعد: فما أستطيع أن أدّعي أني في هذا الكتاب بلغت ما أريد، ويريد من يعرف الإمام حقّ معرفته..
فالإمام أحمد رجل النصف الأول من القرن الثالث، فليس من أحد في عصره بلغ من الشهرة والثقة والاعتقاد ما بلغه، فهو أئمة في إمام، ذلك أنه كان، رحمه الله، إماماً في الورع، إماماً في الزهد، إماماً في التعفف، إماماً في طريقته الفقهية، إماماً في عقيدته المحافظة، إمام أئمة الحديث في عصره، إماماً في الثبات والصبر على أشدّ البلاء في سبيل إنقاذ السنّة وصونها والدفاع عنها، فهو الجبل الراسخ لا تزعزعه الأهواء، ولا تميد به العاصفات، وهو الرجل الربّانيّ الذي أجمع علماء عصره - إلا من لم يعبأ الله بهم - على أنه القدوة الثابتة".
ومن كانت هذه صفته، لا يمكن أن يحيط به كتاب من بضع مئات من الصفحات، والمؤلف - في هذه السلسلة من الكتب القيمة - يصوّر بدقة وصدق حال من يكتب عنه في حياته، وعلمه، ودينه، وأخلاقه، ومذاهبه، ملتزماً بذلك دقّة النقل وأمانته، ليس غير.
وهكذا انطلق المؤلف يكتب عن عصر الإمام، وعن نسبه وبيئته، وعن صفاته وهيئته، وعن علمه بالحديث الشريف، وعن فقهه، وعلمه باللغة العربية، وعن شيوخه وتلاميذه، وعن مناظراته ومذاكراته، وعن عقيدته التي هي عقيدة السلف، وما جاء في الكتاب والسنة، لأن الدين كله ما قال الله تعالى وما قال رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، وما أفتى به الصحابة الكرام لأنهم شهدوا الوحي، وعرفوا مقاصد الشريعة.
تحدث الشيخ المؤلف عن محنة الإمام أحمد في مسألة خلق القرآن، واعتبرها سبّة الدهر، تلطّخ بها ثلاثة من الخلفاء العباسيين متعاقبين: المأمون، والمعتصم، والواثق، بتأثير بعض كبار ذوي الأهواء.
تحدث عن أخلاق الإمام؛ وعن تمسّكه بالسنّة، وعن ورعه وزهده وتعففه، وعن بذله وجوده، وعن خوفه من الله تعالى، وعن حلمه وعفوه وتواضعه، وخشونة عيشه، وعن حبّه للفقراء والمساكين.
تحدث عن عبادة الإمام؛ عن صلاته، وقراءته للقرآن، وعن حجّه وأدعيته وكراماته، وتحرّيه الحلال في المأكل والمشرب والملبس، وعما سوى ذلك من الشمائل والأخلاق العالية.
وتحدث عن مكاتبات الإمام، وعن مؤلفاته، وانتشار مذهبه.. وهكذا سار المؤلف بنا حتى واراه الناس في مثواه الأخير في هذه الدنيا الفانية، عليه رحمات الله ورضوانه.
5 - الإمام مالك بن أنس: إمام دار الهجرة، صدر عن دار القلم بدمشق في سلسلة (أعلام المسلمين) عام 1402ه - 1982م في 391 صفحة من القطع العادي، وطبع أكثر من طبعة.
استصعب المؤلف في المقدمة، الكتابة عن الإمام مالك، وقال: " فليس من السهل التحدث عن العظيم" فقد صنف في الإمام مالك كثيرون، فمنهم من تحدث عنه فقيهاً، ومنهم من كتب عنه محدثاً. ومنهم من صنف في ترجمة حياته، وليس هناك كتاب في التراجم لم يذكر مالكاً إلا القليل.. كيف لا، وهو الإمام الكبير، والفقيه الكبير، والمحدث الأكبر.
كدأب الشيخ في تراجمه لبعض عظماء أمتنا، تحدث عن عصر الإمام، ثم عن حياته من المولد حتى الوفاة، وذكر صفاته وأموره الخاصة، وتحدث عن طلبه للعلم، ثم عن مالك العالم الذي شهد له سبعون من العلماء الكبار الذين تُثنى لهم الأعناق، فأحلّته شهاداتهم مجلساً رفيعاً للعلم في المسجد النبوي الشريف. ووصف ذلك المجلس السامي، وأنه أعظم من مجالس شيوخه، يتحلق الناس حوله، ليسمعوا منه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفقهه العميق لتلك الأحاديث التي لا ينبغي أن تتعدى العشرة في المجلس الواحد، وليتفقهوا في الدين من هذا العالم الشاب، الذي جمع بين الحديث والفقه، فكان أكبر وأشهر محدث في عصره، كما هو أكبر فقيه.
تحدث عن مالك المحدث، وعن (الموطأ) وعن أصول مالك: (الكتاب، والسنة، والإجماع، وعمل أهل المدينة، والقياس، والمصالح المرسلة، والاستحسان، والعرف، والعادات، وسد الذرائع، والاستصحاب) وتحدث عن الرواة عن الإمام، من شيوخه ومن تلاميذه، ومنهم الخليفة العباسي: هارون الرشيد، كما تحدث عن انتشار مذهبه، وعن عقيدته، وآرائه في عدد من القضايا، وعن هيبة مالك، وجاهه، ودخوله على الملوك والأمراء، ومحنته مع المنصور الخليفة العباسي الذي أمر بضربه لأنه أفتى بعدم وقوع طلاق المُكرَه، لأن كثيراً ممن بايعوا المنصور وغيره من الخلفاء العباسيين كانوا قد أُكرهوا على الأيمان بالطلاق والعتاق إن هم نقضوا بيعتهم، فكان مالك يروي الحديث: " ليس على مستكره طلاق" وتابعه في فتواه الشافعي وأحمد، وقرر الأحناف وقوع طلاق المكره.
6 - سفيان بن عيينة: شيخ شيوخ مكة في عصره. وهو من ضمن سلسلة (أعلام المسلمين) التي تصدرها دار القلم بدمشق. صدر سنة 1412ه - 1992م في 143 صفحة من القطع العادي. وسار فيه على النهج الذي اختطه لأعلامه السابقين.
7 - الإمام سفيان الثوري: أمير المؤمنين في الحديث، صدر عن دار القلم بدمشق ضمن سلسلة (أعلام المسلمين) سنة 1415ه - 1994م. ونهجه فيه هو نهجه في سائر ما تقدّم من هذه السلسلة.
8 - تاريخ مدينة دمشق، حماها الله وذكر فضلها، وتسمية من حلها من الأماثل، أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها.
وهذا هو الجزء السابع من الكتاب الموسوعي: تاريخ دمشق، لابن عساكر المتوفى سنة 571ه. حققه الشيخ عبد الغني وقال في مقدمته: " كان يؤم دمشق، من فجر التاريخ، من الأنبياء والعظماء، ثم الخلفاء والصحابة وكبار العلماء والمحدثين، والملوك والأمراء، والشعراء والأطباء، من لم يُتَح لأحد أن يحصيهم ببراعة وقدرة، مثل ما أتيح لمحدث العصر، ومؤرخ الدهر، العلامة الجليل الإمام.. ابن عساكر، في تاريخه الكبير لدمشق، ومن نبغ منها، أو أَمّها - ولو مروراً بها - فلم يذر أحداً ممن شرف عن العامة، إلى من بلغ الإمامة في علم، أو حديث، أو صلاح، أو حكم، أو شعر، وكل صنف ممن به نبوغ أو براعة..
9 - معجم النحو: وهو "أول كتاب في النحو، أكبر من متوسط، صُنّف على الترتيب المعجمي" وكان ذلك عام 1395ه - 1975م وهو مأخوذ من كتب المتأخرين التي لا تخلو من ضعف صدر عن المكتبة العربية بدمشق.
10 - معجم القواعد العربية، في النحو والتصريف. وذيل بالإملاء، صدرت طبعته الأولى عام 1404ه - 1984م عن دار القلم بدمشق، ثم طبعته الثالثة سنة 1423ه - 2001م في 672 صفحة من القطع الكبير، ثم تتالت الطبعات وقد اعتمد فيه على (الكتاب) لسيبويه، (والمقتضب) للمبرد، وعلى الكثير مما كتبه تلاميذ سيبويه وتلاميذ تلاميذه. رتبه على الطريقة المعجمية "فلم يعد الوقت يتسع ليخوض المرء في كتب النحو والتصريف وشروحها وحواشيها ليله ونهاره، ليظفر ببغيته وجواب مسألته".
وقد يبلغ أن يكون هذا الكتاب من أعظم المراجع في كتب العربية جميعها، ففيها غناء عن الكثير منها، وفيه علم غزير، وفوائد جمة، وهو مرجع ميسر نافع بإذن الله تعالى، أسهم فيه المؤلف برفع شأن اللغة العربية، لغة القرآن الكريم.
وإني لأدعو - مخلصاً - العلماء وأرباب الأقلام إلى أن يكون هذا الكتاب أمامهم دائماً، وأن يرجعوا إليه كل يوم، لعلنا نتخلص ونخلص عيوننا وآذاننا من الأغلاط النحوية، والصرفية، واللغوية، والإملائية، فقد فشا الخطأ والغلط فشواً مؤذياً جداً جداً لدى الكتاب والخطباء والوعاظ وسواهم، والشكوى إلى الله.
11 - شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، صدر عن دار الكتب العربية بدمشق في 654 صفحة من القطع الكبير. وكان المؤلف قد دَرّس كتاب (شذور الذهب) عدة مرات في معهد العلوم الشرعية التابع للجمعية الغراء، وفي المساجد بدمشق، ثم شرحه وأصدره في حلة جديدة.
12 - محاضرات في الدين والتاريخ والاجتماع، وهو أول كتاب صدر للشيخ عبد الغني عام 1372ه - 1953م بتشجيع من (الجمعية الغراء) بدمشق. والكتاب عبارة عن ثمان وعشرين محاضرة ألقاها في المجمع العلمي العربي بدمشق، وفي الإذاعة السورية، وفي المساجد، ونشر بعضها في الصحف.
توفي الشيخ عبد الغني في دمشق مساء يوم الخميس، الخامس عشر من شوال 1423ه - التاسع عشر من كانون الأول عام 2002م ودفن في مقبرة باب الصغير، رحمه الله رحمة واسعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.