"سكت دهرًا ثم نطق كفرًا "...هي الجملة التي تداعت إلى مخيلتي وأنا أستمع إلى مشروع القانون الذي يناقشه مجلس النواب الآن والذي تقدم به أحد أعضاء مجلس النواب الموقر والخاص بمنح الجنسية المصرية للأجانب المقيمين في مصر، إقامة بوديعة لمدة خمس سنوات متتالية على الأقل وذلك متي طلب التجنس وتؤول بعدها الوديعة للخزانة العامة للدولة. والتبريرات التي قدمت لتمرير هذا القانون..هي تحسين الوضع الاقتصادي، والمساهمة في جذب عملة صعبة في ظل تنامي أزمة الدولار، وتشجيع استثمار الأموال العربية والأجنبية في المشروعات الاقتصادية، على أن تمنح للأجانب المقيمين بالفعل في مصر لمدد طويلة بحيث أصبح وجودهم تحصيل حاصل، وإن كان من الدول الأجنبية التي تمنح جنسيتها بنفس الطريقة مقابل أموال..فلماذا لا تفيد وتستفيد ؟؟!! ياسيدي..هل أضحت حقوق المواطنة والانتماء ثمنها حفنة دولارات !! فكيف تتاجر في النزعة إلى الولاء والانتماء التي تجعل المرء يتحمل الا عباء والتكاليف الملقاة على عاتقه تجاه هذا الوطن، والذي يجعله يحمل السلاح مدافعًا عن هذا الوطن متي شعر بخطر يحدق به وبأهله..فكيف لهذه المسئوليات النابعة من وطنيتي أن تباع وتشتري ؟؟ وإذا سعرتموها فبكم يساوي تشتيت الكيان الوطني والعبث بالهوية المصرية وتفكيك التركيبة الاجتماعية لهذا الوطن جراء هذا الفعل ؟! ألم يتنامى إلى علمكم أنه بموجب هذا القانون يحق للأجانب تملك أراضي الدولة والتي في كثير من الأحوال لا يقوى المواطن المصري الأصلي على تملكها ؟ ألم يتداعى على فكركم أن الدولة تنهض بالكاد بأعبائها تجاه مواطنيها من تعليم وصحة ودعم...إلى آخره..حتى يشاركهم فيه آخرون !! هل ستسمح للأجانب بالتجنيد في الجيش المصري أما هذه الجنسية المباعة والمشتراة تعطيه كامل الحقوق وتعفيه من كامل المسئوليات ؟؟؟! وكل ما قيل من حجج في تبرير تمرير هذا القانون يعد عذرًا اقبح من ذنب...فالعراقيون والسوريون المقيمون بمصر والذي تدعي أن هذا القانون لتييسير الحياة في مصر لهم، لوامتلكوا هذه الأموال الطائلة لهاجروا إلى دول أوروبية أكثر استقرارًا من الناحية الاقتصادية على الأقل، كما أن معظم البلاد العربية التي نعرفها تحظر على مواطنيها حمل أكثر من جنسية، إذن فمن المستفيد من هذا القانون ؟؟ وما يدريك من احتمال تسلل جنسيات معادية إلى أرض الوطن ولو احتمال واحد في المائة ؟ وإذا كان الحال كذلك فلما لا نبعد عن الشر والشك ونغني له ؟ وما تشيعه من أن الدول المتقدمة ولاسيما أمريكا وبريطانيا والنمسا وهولندا.....وغيرها، تمنح جنسيتها بنفس الطريقة ليس صحيحًا بالمرة..فكم نتكبد من مشقة وعناء لمجرد الحصول على تأشيرة لدخول هذه البلاد، وفرنسا بكل ما لديها من مخابرات وإمكانات وإجراءات احترازية ألغت العديد من الجنسيات التي منحتها لعرب مقيمين بداخلها..اننتظر حتى وقوع الفأس في الرأس بختم الدولة ؟!! ألم يتفتق إلى أذهان نواب مجلس الشعب خطط بديلة دون خسائر جسيمة...إلا من خطة أو سبيل لتشجيع الإنتاج مثلًا والحد من ثقافة التسول والتواكل التي بات يعاني منها الشعب، إلا من مشاريع عملاقة تحتضن هذه الطاقات البشرية المهدرة، إلا من مشاركة من رجال الأعمال بودائع بنكية دولارية لتحسين الحال..وإذا كان الهدف هو تشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية..فقدم لهم مزايا ضريبية مثلًا أو عدل قوانين الاستثمار وأقض على البيروقراطية على نحو يغريهم بالاستثمار في مصر. فإذا أغلقت المنافذ..فأنا مع الرأسمالية الوطنية..وإنشاء مشاريع وطنية عملاقة ولا أقر ببيع الجنسية مهما جارت علينا الدنيا..فتجوع الحرة ولا تبيع جنسيتها....