تحركات سرية للتواصل مع نواب البرلمان وتشكيل جبهة رفض للقانون المنتظر تعيش المدارس الخاصة في مصر حالة من فوضى التراخيص، فهناك مئات المدارس التي تعمل دون تراخيص ومنها مدارس لها أسماء شهيرة في عالم التعليم الخاص، فمدرسة المستقبل للغات بمدينة نصر المملوكة لرجل الأعمال الدكتور حسن القلا والتي قررت وزارة التربية والتعليم وضعها تحت الإشراف المالى والإداري، بعد أن اكتشفت أنها تعمل دون أن تستكمل تراخيصها، واعتمد صاحب المدرسة في ذلك على ترخيص الفرع الرئيسى للمدرسة بمنطقة المقطم. واقعة مدرسة المستقبل لم تكن هي الواقعة الوحيدة التي كشفتها وزارة التربية والتعليم، فهناك مئات المدارس الخاصة التي تعمل بهذه الطريقة وتصدر طلابها إلى الإدارات التعليمية والمديريات لاعتمادهم، وتعد محافظة الجيزة من أكثر المحافظات التي يوجد بها مدارس وهمية أو مدارس تعمل دون تراخيص، أو تتلاعب بأولياء الأمور وبالطلاب بقبول طلاب على مدرسة وتسجيلهم على قوة مدرسة أخرى، ومن ذلك مثلا مدرسة رويال بيراميدز بهضبة الأهرام المملوكة لرجل الأعمال الدكتور نبيل عبد المنعم، حيث فوجئت الوزارة أن القائمين على مدرسة رويال بيراميدز قبلوا طلابًا وسجلوهم في مدارس أخرى ليس لها تراخيص بالمخالفة للقانون والقرارات الوزارية، وزارة التربية والتعليم فطنت أخيرًا إلى مشكلة تراخيص المدارس الخاصة، وقررت وضع الأمور في نصابها الصحيح فاستحدثت مادة في مشروع قانون التعليم الجديد المطروح حاليًا للنقاش المجتمعى قبل عرضه على مجلس الوزراء للموافقة عليه تمهيدًا لتقديمه للبرلمان لإقراره. المادة التي استحدثتها الوزارة في مشروع القانون الجديد، جاءت تحت رقم 53، هذه المادة وغيرها من مواد القانون في القسم الخاص بالتعليم الخاص تمثل نقطة خلاف كبيرة بين وزارة التربية والتعليم وأصحاب المدارس الخاصة، وقد دفعت تلك المواد جمعية أصحاب المدارس الخاصة إلى تكثيف اتصالاتها بنواب في البرلمان من أجل تكوين جبهة رفض للقانون مسبقًا، ووصلت الأمور إلى شن هجوم على الوزارة في حال إصرارها على تمرير القانون بهذه المواد التي يعتبرها أصحاب المدارس الخاصة تعوق عملهم واستثماراتهم، في حين تراها الوزارة ضرورية لضبط فوضى المدارس الخاصة في مصر. عضو بمجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة أكد أن الجمعية تتكاتف من أجل رفض هذا القانون، مؤكدًا أن هناك لقاءات مكثفة جمعتهم بعدد من نواب البرلمان من أجل شرح القانون وتعريفهم بعيوبه قبل عرضه على المجلس، معتبرًا أن القانون الحالى يحارب الاستثمار في التعليم ويدعو إلى "تطفيش المستثمرين" بحسب زعمه. وأشار إلى أن القانون المعد حاليًا لم يكتف فقط بالمادة الخاصة بتجديد الترخيص كل خمس سنوات، بل إنه نص في المادة رقم 56 منه على أنه تحصل لصالح وزارة التربية والتعليم والتتعليم الفنى نسبة من جملة مصروفات المدارس الخاصة لا تتجاوز 1% من إجمالى إيرادات كل مدرسة وتخصص هذه النسبة لإنشاء وصيانة مبانى المدارس الحكومية. وقال ممثل أصحاب المدارس الخاصة إن القانون الحالى وضع نصوصًا لابتزاز أصحاب المدارس، مشيرًا إلى أن الغرض من تجديد التراخيص كل 5 سنوات تحصيل ملايين الجنيهات من أصحاب المدارس كرسوم تجديد ترخيص، بالإضافة إلى أن شرط اعتماد المرسة من هيئة ضمان الجودة الغرض منه - بحسب كلام عضو مجلس إدارة جمعية أصحاب المارس الخاصة- تحصيل مئات الآلاف سنويا من تلك المدارس، لأن تكلفة اعتماد المدرسة الخاصة من الهيئة تزيد على 40 ألف جنيه، لافتًا إلى نص القانون بتحصيل نسبة من إيرادات أصحاب المدارس الخاصة هو نوع من جمع لأموال دون وجه حق، مؤكدًا أن أصحاب المدارس الخاصة كانوا يقدمون تبرعات للمدارس الحكومية ويشاركون في أعمال الصيانات والترميمات، ولكن بشكل ودى دون إلزام قانوني، وهو ما اعتبره عقبات أمام المستثمرين في التعليم من شأنها تعطيل مشاريع الاستثمار في إنشاء المزيد من المدارس الخاصة، متسائلين عن جدوى تجديد الترخيص كل خمس سنوات ما دامت أن المدرسة الخاصة التزمت بأوراقها وتعمل وفقًا لترخيص رسمى فلا داعى لتجديد هذا الترخيص كل خمسة أعوام كما ترغب الوزارة، مشيرًا إلى أن هناك اتفاقا بين أصحاب المدارس بالدفاع عن استثماراتهم مهما كانت الطريقة، وأنه لن يكون هناك تهاون في مواجهة ذا القانون. من جهته، قال طارق طلعت مدير عام التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم، إن مشروع القانون الجديد يسعى إلى ضبط العملية التعليمية في المدارس الخاصة، والقضاء على حالة الفوضى في التراخيص التي تسبب فيها بعض أصحاب المدارس الخاصة والدولية الذين ينشئون مدارس دون الحصول على التراخيص اللازمة، ويعتمدون على ترخيص مدرستهم الأصليةا. وأكد طلعت أن الوزير الحالى الدكتور الهلالى الشربينى مصر على ضبط العملية التعليمية داخل المدارس الخاصة، لافتًا إلى أنه تم وضع العديد من المدارس المخالفة تحت الإشراف المالى والإداري، وإنذار عشرات المدارس هذا العام لإزالة مخالفاتها، وفى حالة عدم إزالة تلك المخالفات فسيتم وضع تلك المدارس تحت الإشراف المالى والإداري، لافتًا إلى أن المدارس الدولية قبل ذلك كانت تعتقد أنها فوق المحاسبة إلا أن ما حدث هذا العام من إخضاع أكثر من مدرسة دولية للإشراف المالى والإدارى للوزارة جعل تلك المدارس تتيقن أن هناك اتجاها لتصحيح المسار وأن الوزارة لن تتوانى عن تطبيق القانون. وقال إن المعترضين على القانون هم أصحاب المدارس المخالفين والذين لا يجيدون العمل وفق اشتراطات القانون، ويريدون الاستمرار في الوضع الراهن أو العودة إلى الماضي، إلا أن الوزارة لن تمنح هؤلاء الفرصة لتنفيذ مخططهم، ولدينا إصرار كامل على تطبيق القانون وتنفيذ منظومة إصلاح التعليم الخاص في مصر، وهى تسير بالتوازى مع عمليات إصلاح التعليم الحكومى التي تتم على أرض الواقع، لافتًا إلى أن نسبة ال1% المقرر تحصيلها من المدارس الخاصة حال الموافقة على القانون ستكون مخصصة لإنشاء مدارس حكومية وصيانة المدارس الحكومية، ما يعنى أن المستفيد من تلك النسبة هم أبناء الطبقات الفقيرة.