نشأ الرسول يتيماً ، فقد مات أبوه وترك أمه حاملاً فيه ، فكفلته أمه 6 سنوات، ثم انتقلت إلى رحمة الله تعالى، ثم كفله جده لسنتين، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى، فكفله عمه أبو طالب وكان ذا عيلة أى كثير الابناء والعيال، فعاش فى هذا الجو، ومن كان هذا شأنه فى أيامنا هذه أو كما نعرف انتقل من أم إلى جد إلى عم فإما أن ينشأ معقداً شديد التعقيد أو مدللاً شديد التدليل، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أسوى الاسوياء وأنجب النجباء، وأزكى الازكياء، وتعد هذه غريبة على من كان فى مثل وضعه ، ولكن الرسول «صلى الله عليه وسلم» لم يتركنا فى حيرة بل أجاب على ذلك حين قال : أدبنى ربى فأحسن تأديبى فالرسول «صلى الله عليه وسلم تربية إلهية ربانية كان المولى عز وجل يعده لمهمة عظمى، وأيضاً لمسئولية كبيرة، ولتحمّل العبء العظيم الذى سوف يقوم به وهو عبء الدعوة فجاء مبرءاً من كل عيب لأن المولى عزو جل جعل منه مثلاً أعلى وقدوة للمسلمين جميعاً فى كل أنحاء الأرض، وبالتالى لأبد أن يكون سوياً فى كل شأن وكل أمر، وقد قال لنا صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فجاء الرسول «صلى الله عليه وسلم ليتمم الأخلاق الكريمة والعظيمة والرائعة التى ينبغى أن تكون عليها أمته وقدم «صلى الله عليه وسلم» نموذجاً يحتذى به ومثلاً أعلى نعتد به، فقال عنه تعالى «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر» وحين وصفه سبحانه وتعالى فى سورة «ن» «وإنك لعلى خلق عظيم» هذا وصف الخالق الأعلى لرسوله ليهدى الناس ، ويقتدوا به ويتبعوه، ويلتزموا بكلامه، وحين يقول المولى لرسوله «وإنك لعلى خلق عظيم» تكون الأخلاق الكاملة الشاملة التى ليس فيها خروج ، وليس فيها انحراف، وإنما هى كما رسمها له ربه الذى علمه ووجهه ورباه، وبالتالى فهى الاخلاق المطلوبة للخالق الأعلى سبحانه وتعالى جمع كل المحاسن فهو مجمع لمحاسن الاخلاق. ألم يقل صلى الله عليه وسلم «الخير فىّ وفى أمتى إلى يوم القيامة» فهو مجمع للخير وزع الخيرية على امته، وكل منهم أخذ بصفته، أو بما فيه من الخير فمنهم من أخذ الوفاء، ومنهم من أخذ الإخلاص، ومنهم من أخذ العدل، فإذا جمّعنا الاخلاق الحسنة الطيبة فى الامة الإسلامية تكون هى اخلاق الرسول فعلى الأمة الإسلامية أن تقتدى وتتأسى وتهتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم فى خلقه وفعله وعدله ، وايمانه وصدقه ،ولنأخذ من ذكرى ميلاده زادا يعيننا على دراسة حياته صلى الله عليه وسلم ونسير على النهج السليم ونسلك الدرب ونهتدى بنفس الهدى القويم النبوى السليم الذى سار عليه الرسول الكريم وحتى نكون الأمة التى وصفها الرسول بأنها خير أمة أخرجت للناس وقد وصفها الله تعالى بأنها خير أمة فقال تعالى فى كتابه العزيز «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» وفى هذا التأسي يمكننا أن نكون أمة رسول الله وأن نكون أمة مدد فى ذكرى عزيزة على قلوب المسلمين وهى ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم. والله ولى التوفيق.