"مصر لا تسير في الاتجاه الصحيح وهناك من يديرون دفة سفينة الوطن من خلف الكواليس".. هذا ما يراه أستاذ التخطيط الإستراتيجي وعضو مجلس علماء مصر السابق عماد مهنا الذي أكد في الوقت نفسه أن الحكومة منحازة إلى رجال الأعمال وقراراتها متخبطة وغير مدروسة. مهنا قال في حوار مع «فيتو» إن الفساد المنتشر في ربوع الدولة لا يحتاج إلى علاج وإنما إلى بتر عاجل لتصحيح الأوضاع والعبور نحو المستقبل.. وإلى نص الحوار: كيف ترى اختيار الرئيس السيسي لرجاله؟ الرئيس عبد الفتاح السيسي ورث تركة فساد وبيروقراطية تبلغ من العمر 30 عاما والإصلاح والتصحيح لن يكون في يوم وليلة ولكن عليه أن يقوم باتخاذ خطوات سريعة وجريئة لحل المشكلات التي تعصف بالبلاد في مختلف المجالات، فيجب أن يكون اختيار رجاله على أساس الكفاءة وليس على أساس الثقة، فمثلا الحكومة الحالية لا تدير البلاد، هناك أناس لا نعرفهم هم من يديرون البلاد ويضعون السياسات والوزراء ما هم إلا موظفون يقومون بتنفيذ هذه السياسات، والتي في معظمها لا تكون صحيحة وتزيد من أعباء الدولة المصرية هل ترى أن الدولة تسير في الطريق الصحيح؟ الدولة لا تسير على الطريق الصحيح، وللخروج من عنق الزجاجة يجب أن يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسي باختيار رجال مفكرين لديهم حلول خارج الصندوق والقيام بثورة تصحيح أوضاع، فالدولة التي تعتمد على الدعم لا تصنع التنمية، يجب أن يقوم السيسي بثورة تصحيحية بدءا من الجهاز الإداري للدولة ولكن أنصحه بإعادة النظر في كلمة الهيكلة لما يحمله هذا المصطلح من سمعة سيئة ويمكن أن يتم تسمية هذه العملية بالتطهير الحكومي، فيجب أن يتم وضع الموظف المناسب في المكان المناسب وإذا حدث أي تقصير يتم نقله وصولا إلى المرحلة الأخيرة والتي تنتهي بالفصل من العمل. ماذا الذي ينقص الحكومة الحالية للقيام بواجباتها تجاه المواطن؟ حكومة شريف إسماعيل ينقصها التخطيط فقرارات الحكومة الحالية معظمها حكومة شريف إسماعيل غير مدروس على الإطلاق، فالخطط التي تقوم بها الحكومة لجذب الاستثمارات خطط عشوائية وقرارات الحكومة للتحكم في السياسات النقدية متخبطة، ودائما ما تنحاز إلى مجتمع رجال الأعمال على حساب الطبقات الأكثر فقرا، وتعتمد في الأغلب الأعم على المنح والمعونات والتي طالبت مرارا وتكرارا بإلغائها كلها وعدم الاعتماد عليها، فهذه المنح والاستثمارات ليست مجانية، فالبلاد الآن تحتاج إلى مفكرين وليس إلى متخصصين وتكنوقراط، كما أننا نحتاج إلى تطبيق سياسية التحالفات الاقتصادية، فالعالم حاليا يتجه إلى تطبيق نظام الاقتصاد السياسي وهو اتحاد معالم الأنظمة السياسية والقضائية والاقتصادية والتي تتفاعل معا وتؤثر بعضها على بعض وبالتالي تحدد معالم وقوة اقتصاد الدولة. كيف يمكن حل مشكلة الجهاز الإداري للدولة؟ يجب إعادة هيكلة الدولة إداريا وسياسيا واقتصاديا.. فنحن نعاني من تضخم وترهل الجهاز الإداري للدولة والذي اقترب عدد العاملين به إلى 6.5 ملايين موظف في الوقت الذي نحتاج فيه إلى 2 مليون فقط، هناك ما يقرب من 60% من الجهاز الإداري عاطلون عن العمل بطريقة مقنعة.. فبحسبة بسيطة كل موظف في الدولة يخدم 13 مواطنا فقط في حين أن النسب العالمية تؤشر إلى أن الموظف يخدم في المتوسط 400 مواطن ومع ذلك نجد أن المواطنين يعانون يوميا من استصدار أي ورقة من جهة حكومية، أولا مصر لديها أكثر من 30 حقيبة وزارية، ليس من المعقول إنشاء وزارة في كل ملف، في حين أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لديها 12 وزارة فقط، الصين التي يبلغ حجم سكانها 2 مليار نسمة لديها 23 وزارة، عدد الوزارات لا يعني الكفاءة وإنما يؤدي إلى زيادة البيروقراطية وتداخل الاختصاصات، ثانيا الوزراء ليسوا هم من يقودون الوزارة ولكن القيادات المتوسطة داخل كل وزارة هي من تقود الدولة، وهم يستطيعون الإبقاء على الوزراء واستبعادهم ويتحصلون على مبالغ فلكية، فالبعض منهم يحصل على راتب مليوني جنيه شهريا بسبب البدلات، فيجب إصلاح الجهاز الإداري للدولة بدءا من رئاسة الجمهورية وصولا إلى المحليات، هذا الجهاز الإداري يستنزف 207 مليارات جنيه وهو ما يعادل 26% من الموازنة العامة ونصف دخول هؤلاء الموظفين تأتي في صورة مكافآت لا نعلم عنها شيئا، ناهيك عن الصناديق الخاصة الموجودة في كل وزارة. ماذا عن الأجهزة الرقابية؟ لدينا 19 جهازا رقابيا للتفتيش على المؤسسات الحكومية في مصر، هل تتخيل وجود هذا العدد الكبير من الأجهزة الرقابية وعلى الرغم من ذلك تحتل مصر مؤشرا عاليا في الدول الأكثر فسادا. ما هي روشتة ثورة التصحيح من وجهة نظرك؟ أولا: يجب أن يتم تقليل عدد الوزارات في الحكومة المصرية إلى 22 وزارة فقط وألا تقتصر إعادة الهيكلة على صغار الموظفين بالجهاز الإداري للدولة ولكن يجب أن تشمل القيادات الوسطى في الوزارات مثل وكلاء الوزراء ورؤساء القطاعات والقضاء على آفة الوساطة والمحسوبية وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب، ثانيا يجب إصلاح التشريعات بالقانون الإداري للدولة، فلا يعقل أن يتم معاقبة موظف ما على اختلاسه 20 مليون جنيها بالسجن 3 سنوات فقط، ولكن يجب أن تكون العقوبة مماثلة لحجم الضرر المترتب على الفساد وإيصالها إلى عقوبة الإعدام.. نيسلون مانديلا عندما تولي حكم جنوب أفريقيا أعلن أن الفساد لا يعالج ولكنه يبتر وهو ما يجب القيام به في مصر.. ويجب تقسيم العاملين داخل الجهاز الإداري للدولة إلى 3 مجموعات، الأولى يجب تغييرها بالكامل وتعيين شباب مثقف واعد غير مرتش والثانية يجب إعادة تدريبها والثالثة يعاد توزيعها، ثالثا يجب أن يتم معاملة الموظف الحكومي بنظام القطاع الخاص، أي يتم إعادة تقييمه كل 6 أشهر والأفضل هو من يتم ترقيته إلى المستويات الأعلى.