اتهم حقوقيون، وعدد من عائلات قتلى فلسطينيين، إسرائيل بإعدام أبنائهم وسرقة أعضائهم بعد احتجاز جثامينهم لديها لأسابيع، إذ تشترط الأخيرة دفن الجثامين مباشرة دون إخضاعها للتشريح، مقابل تسليمها لذويها. الشروط الإسرائيلية قوبلت بالرفض من بعض عائلات القتلى، ومسئولين فلسطينيين ومؤسسات حقوقية، في حين وافق البعض على استلام الجثامين وعدم التشريح، تحت ضغط نفسي وضرب الجيش الإسرائيلي على وتر حساس لدى العائلات، برغبتها بدفن أبنائها، حتى لو كان ذلك على حساب كشف حقيقة مقتلهم أو التحقق من سرقة أعضاء من أجسادهم، بحسب حقوقيين. نسيم صلاح، شقيق الشاب بسيم (38 عاما)، الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي بدعوى طعنه شرطيا إسرائيليًا قرب باب العامود بالقدس، في نوفمبر الماضي، أكد رفض العائلة استلام جثمان شقيقه وفقًا للشروط الإسرائيلية. وقال "نسيم" لوكالة «الأناضول» التركية: «لن نرضى بأي شرط إسرائيلي، ولن نقبل بالمساومة على دماء أخي، ولا يمكننا أن نلغي العرس الذي يليق بتشييعه في وضح النهار وبجنازة تليق به وبتضحيته»، مضيفًا: «نحن أعلنا رفضنا للشروط قبل أن يتصل بنا الجيش الإسرائيلي، وحتى لو اتصل بنا فلن نرضخ لشروطهم، حتى لو طال احتجاز الجثمان لديهم، فالروح صعدت لبارئها أما الجسد فهو فاني». عائلة الشاب عز الدين رداد، من طولكرم (شمال)، هي الأخرى أبدت رفضها للشروط الإسرائيلية لاستلام جثمان ابنها الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في الثالث من ديسمبر، بعد اتهامه بتنفيذ عملية طعن في منطقة باب العامود بمدينة القدس. وقالت شقيقة "عز الدين" للأناضول: "نرفض الشروط بشكل قاطع، من حقنا تشييع جثمان أخي بجنازة تليق به، وبالوقت الذي نريده، خاصة أن عددًا من أفراد العائلة خارج فلسطين ويريدون المجيء وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه". من ناحيته، أشار مدير مركز القدس للمساعدة القانونية في مدينة نابلس (شمال)، ساهر صرصور، إلى أن "الاتهام قائم ضد إسرائيل بسرقة الأعضاء وتصفية وإعدام بعض الفلسطينيين طالما لم يثبت العكس". وقال صرصور: «هناك سوابق لإسرائيل في سرقة أعضاء من جثامين فلسطينيين كانوا محتجزين لديها، وبناء على ذلك يجب أن يكون هناك آلية معينة، حتى لو كان بإشراف جهة ثالثة محايدة، تقوم بتشريح الجثامين والكشف عليها، لنضمن أن الجثمان لم يتم سرقة أعضاء منه، أو أن الشخص أعدم بدم بارد ومن مسافة صفر، وإلا فستبقى التهمة قائمة». وأضاف: «التشريح سيكشف إذا ما تم العبث بالجثمان، والطريقة التي قتل فيها، وكل من هاتين النقطتين لها أبعاد غاية بالأهمية في حال أراد الطرف الفلسطيني التوجه للمحاكم الدولية لمقاضاة إسرائيل في هذا الأمر، خاصة وأن هناك قتلى لم تتضح حقيقة وفاتهم حتى بعد أسابيع من إصابتهم، ولم يكن يعرف أي شيء عن مصيرهم». وأوضح مدير المركز الحقوقي أن الشرط الأساسي الذي تضعه إسرائيل، مقابل تسليم الجثامين المحتجزة، هو دفن الجثمان في ذات الليلة التي يتم استلامه بها، مبينًا بالقول: "هذا له علاقة بعدم القدرة على تشريح الجثمان بنفس الليلة، لأن الجثمان يكون عبارة عن كتلة جليدية، حيث توضع الجثامين بدرجات حرارة تصل لثمانين تحت الصفر في الثلاجات الإسرائيلية، ما يعني أن الجثمان بحاجة ليومين أو ثلاثة حتى يتم التمكن من تشريحه، وهنا يبقى الباب مفتوحًا أمام احتمال إعادة اختطاف الجثمان من المستشفى، من قبل الجيش الإسرائيلي خلال هذه الفترة، ما يدفع الأهالي لدفنه قبل التشريح". ولفت أن الجيش الإسرائيلي يجبر الأهالي على التوقيع على عدد من الأوراق المكتوبة باللغة العبرية لدى استلام جثامين أبنائهم على الحواجز، دون معرفة العائلات ماهية تلك الأوراق، مشيرًا إلى أن في تلك الخطوة استغلال للحالة النفسية والمعنوية لدى العائلة لحظة استلامها الجثمان، حيث يكون همها الوحيد هو استرداد ابنها. وذكر "صرصور" أن إسرائيل فرضت على عدد من العائلات غرامات مالية، "لمخالفتها الشروط التي وضعت مقابل استلام الجثمان"، مشيرًا إلى أن الغرامات تصل إلى 50 ألف شيكل إسرائيلي (نحو 13 ألف دولار أمريكي) في حال تم التشريح، و20 ألف شيكل (أكثر من 5 آلاف دولار أمريكي) في حال تأخير عملية الدفن. وكانت عائلات قتلى محتجزين لدى إسرائيل، ومؤسسات حقوقية، والكتل البرلمانية الفلسطينية، قد اجتمعت في رام الله الأربعاء، لتخرج بقرار "رفض الشروط الإسرائيلية لاستلام الجثامين".