عندما تدعي جماعة الإخوان ومن يسير في مكانها من الأحزاب الدينية، أن رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار منع المنتقبات من التدريس في الجامعة، وتتباكى على الإسلام الضائع في مصر، فهو أمر متوقع من جماعة اعتادت الكذب وتزييف الحقائق ويدخل في إطار التشويه المتعمد لما يجري في مصر من إصلاح ما أفسدته الجماعة. والحقيقة أن رئيس جامعة القاهرة، لم يمنع المنتقبات من التدريس في الجامعة ولكنه حظر ارتداء عضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة إلقاء المحاضرات وهن منتقبات، وخيرهن في حالة الإصرار على النقاب تدريس تخصصات لا تتطلب التواصل مع الطلاب ولا تتعارض مع حسن أداء العملية التعليمية، وأكد رئيس الجامعة أكثر من مرة في حوارات صحفية وتليفزيونية أن كل مادة تدرس تتضمن أكثر من منهج، بعضها يتطلب التواصل مع الطلاب، وبعضها مناهج لا تحتاج بالضروة إلى هذا التواصل، وحرص رئيس الجامعة على مناقشة الأمر مع أعضاء هيئات التدريس المنتقبات.. ولم يعترضن على القرار.. وتفهمن دوافعه. ولكن المثير تجاهل بعض المثقفين والإعلاميين لما أوضحه رئيس الجامعة، والتعامل مع القرار على أنه منع للمنتقبات من التدريس في الجامعة.. وهو المانشيت الذي تبارت الصحف في نشره والاستعانة بمعارضي القرار من أساتذة الجامعات للتعبير عن رفضهم واحتجاجهم على إقراره. ولم يتوقف الهجوم على قرار رئيس الجامعة على معارضيه ومنافسيه داخل أروقتها إنما امتد ليشمل فئات عديدة من بينها مرشحون لمجلس النواب القادم، وجدوا في القرار فرصة لمغازلة جماعات الإسلام السياسي.. التي يعجزون عن التعامل العلني معها، وإنما من خلال الدفاع عن الإسلام الذي يعتبر النقاب أحد رموزه، متجاهلين أن اغلب علماء الدين أعلنوا أن النقاب عادة لاعبادة. كما شارك عدد من الإعلاميين في رفض القرار بحجة أنه سيتم استغلاله من جانب جماعات الإسلام السياسي، ويقدم مبررا تستخدمه في الهجوم على مصر وكأن تلك الجماعات في حاجة لمبرر لمواصلة هجومها المحموم منذ إزاحة الجماعة عن الحكم. وأشار بعض الإعلاميين الذين ساروا في اتجاه الهجوم على قرار رئيس جامعة القاهرة إلى أن حزب النور السلفي سيستغل القرار في دعايته الانتخابية لكسب أصوات البسطاء ومثل تلك الفزاعات لامبرر لها على الإطلاق، ولو أن المسئولين تراجعوا عن اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالإصلاح خوفا من أن تستغل من جانب تيار الإسلام السياسي، فلن يتحقق إصلاح على أرض مصر وإلا كيف سنواجه رفض التيار السلفي لإصلاح الخطاب الديني الذي تعارضه الجماعات السلفية وفي مقدمتها حزب النور. المفترض أن تكشف حجم الزيف الذي يتضمنه الخطاب السلفي ونحول دون إنجاح خطته في ابتزاز الدولة وإجبارها على التراجع عن قرارات جادة تساعد على تصحيح الأوضاع الخاطئة التي تتعارض مع مسيرتنا المدنية. تحية واجبة لرئيس جامعة القاهرة.. وما أثير حول قراره مجرد زوبعة في فنجان.