سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«حرب الممرات المائية».. خطة أمريكا للسيطرة على قناة السويس وباب المندب بمساعدة علي عبد الله صالح.. وأستاذ دراسات عبرية: إسرائيل تلعب دورا غير مباشر لتضررها من «القناة الجديدة»
«من يسيطر على المحيط الهندى سيكون لاعبا بارزا على الساحة الدولية»، جملة قالها ضابط بالبحرية الأمريكية يدعى ألفريد ماهان عام 1941، فعلقت في أذهان قادة البيت الأبيض ليضعوا خطتهم للسيطرة على الممرات الإقليمية المائية جميعها، ومنها يحكمون سيطرتهم على العالم، حتى جاءت أزمة اليمن لتفتح الباب على مصراعيه أمام الحلم الأمريكي. «سقطري» هو أرخبيل مائى يمنى يقع بالمحيط الهندى تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية لفرض سيطرتها عليه مستغلة الاضطراب المتصاعد باليمن، حيث يقع على بعد 80 كيلو مترا قبالة القرن الأفريقي، وعلى بعد 350 كيلو مترا إلى الجنوب من الساحل اليمني. يوجد سقطرى في مفترق طرق أكبر الممرات المائية الإستراتيجية بالعالم كالبحر الأحمر وخليج عدن، ما يجعله ذا أهمية قصوى للولايات المتحدةالأمريكية، وتعتبر السيطرة عليه أهم خطوة في تحقيق مخططها لعسكرة المياه الإقليمية. المخطط الأمريكى الموضوع منذ قرون يسعى إلى عسكرة الطرق البحرية الرئيسية، وعلى رأسها سقطرى لأنه يربط البحر المتوسط بجنوب آسيا والشرق الأقصى عبر قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عدن، كما أنه يمثل ممرا رئيسيا لناقلات النفط ولصادرات الصين الصناعية لأوربا الغربية، حسب ما كشفه مركز الأبحاث الكندى «جلوبال ريسيرش». ولما كانت التجارة البحرية من شرق وجنوب أفريقيا إلى أوربا الغربية تمر أيضا على مقربة من سقطرى عبر خليج عدن والبحر الأحمر، أصبحت فكرة السيطرة على تلك الممرات أمرا ملحا على واشنطن، وذلك عبر إنشاء قاعدة عسكرية هناك، يتم استخدامها للإشراف على حركة السفن، وخصوصا الحربية منها. الخطة الأمريكية تشمل - وفقا لكتابات ماهان - عسكرة المحيط الهندى بالكامل، باعتباره مفتاح البحار السبع بالقرن ال 21 المحدد لمصير العالم. من الناحية العسكرية، يقع الأرخبيل اليمنى على مفترق طرق بحرية رئيسية، ويمتد على مساحة بحرية كبيرة في الجانب الشرقى من خليج عدن، وهى منطقة بحرية دولية تكمن في المياه الإقليمية اليمنية، وهدف أمريكا هو السيطرة على خليج عدن البحرى بأكمله بداية من الساحل اليمنى إلى الصومالي. وبالسيطرة على أربعة ممرات مائية رئيسية هي قناة السويس بمصر ومضيق باب المندب على حدود جيبوتى واليمن، ومضيق هرمز على الحدود الإيرانية مع سلطنة عمان، ومضيق ملقا على حدود إندونيسيا وماليزيا، تتمكن الولاياتالمتحدة من السيطرة على التجارة الدولية البحرية تماما، فالنقاط الأربعة تمثل مراكز اختناق حاسمة لتجارة النفط العالمية. السبيل الوحيد لتنفيذ المخطط الأمريكى – كما أورد «جلوبال ريسيرش» - هو فرض سيطرتها على سقطري، والذي يقع على بعد 3 آلاف كيلو متر من القاعدة العسكرية الأمريكية في دييجو جارسيا، والتي تعتبر من أضخم منشآتها العسكرية بالخارج. ولن تجد الولاياتالمتحدة أفضل من فرصة الأزمة اليمنية الراهنة لتنفيذ مخططها، وخصوصا لأن الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح كان إحدى أذرعها لتنفيذه، حيث التقى في اجتماع مغلق في يناير 2010 الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة المركزية الأمريكية حينها، واتفقا على إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية كاملة في جزيرة سقطري، بحجة مواجهة القراصنة وتنظيم القاعدة باليمن، كرد فعل على هجوم ديترويت الإرهابى على إحدى الرحلات الجوية الأمريكية. «صالح» وافق خلال الاجتماع السرى على دخول طائرات دون طيار وصواريخ أمريكية إلى الأراضى اليمنية، فيما أكد بترايوس أن مساعدات واشنطن لليمن ستقترب من 150 مليون دولار أي 14 ضعف ما كانت عليه قيمة مساعداتها لها قبل أربعة أعوام من ذلك التاريخ. وسائل الإعلام الأمريكية وصفت الاتفاق بأنه جزء من الحرب العالمية ضد الإرهاب، ولكن الواقع كان أشبه باحتلال عسكري، حيث تضمن الاتفاق موافقة الرئيس اليمنى السابق على استخدام قوات أمريكية مسلحة هناك بموافقة اليمن، وحسب ما كشفه مسئول يمنى كبير - رفض ذكر اسمه لمجلة نيوز ويك الأمريكية - فإنه كان من المقرر أن تتحول الجزيرة من مجرد مهبط صغير للطائرات الأمريكية إلى قاعدة عسكرية كبرى جوية وبحرية. وبالرجوع لتاريخ الصراع على سقطري، يتضح أن واشنطن ربما تخطط لإشعال الحرب العالمية الثالثة على أرض اليمن ليكون سقطرى أول نقطة صراع بينها وبين الدب الروسي، والذي كان له وجود عسكري ملحوظ هناك إبان الحرب الباردة، وهو ما اتفق عليه صالح مع بترايوس بشأن إفشال أي محاولات دبلوماسية روسية لإعادة تواجدها بالمنطقة مرة أخرى. بطبيعة الحال الدور الإسرائيلى حاضر بقوة لتنفيذ ذلك المخطط، فأينما وجدت أمريكا وجدت طفلتها المدللة، ولكنها تلك المرة تلعب دور الوسيط غير المباشر لتضمن نصيبها من الكعكعة - على حد وصف الدكتور أحمد حماد، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس، مضيفا « تل أبيب ليست غائبة عن كل التطورات التي تشهدها المنطقة العربية مؤخرا، فهى تتحرك بطريقة غير مباشرة عبر تحالفها الخفى مع إيران، والتي تربطها معها علاقة طيبة». أما عن دوافع إسرائيل من تنفيذ المخطط الأمريكي، فتتمثل كما ساقها الدكتور حماد - في تضررها من مشروع قناة السويس الجديد الذي قطع عليها محاولات تحويل مرور التجارة العالمية اليها، وليبقى مضيق باب المندب نقطة الصراع الرئيسية، حيث ترغب إسرائيل في إغلاقه أمام عبور السفن بقناة السويس، لتتمكن بذلك من التحكم في عبور التجارة العالمية عن طريق مشروع القناة الذي كانت تؤسسه بالبحرين، لذلك تلعب دورا حيويا في توجيه الأحداث في اليمن وسوريا وحتى في الداخل المصري. مؤكدا أن الشرق الأوسط أصبح عرضة لأى تغيرات، حماد لايستبعد أن تنفذ أمريكا مخططها بالسيطرة على الممرات المائية العالمية المتحكمة بالتجارة العالمية والنفط، لفرض نفوذها عليها اقتصاديا وليس سياسيا، وهو ما يضع مؤشرات لاتجاهات تحرك الاقتصاد العالمي، حيث تعتبر واشنطن السيطرة على محاور الاقتصاد هو مفتاح التحكم في العالم، مما ينذر بكون ذلك بداية لصراع اقتصادى مائى للسيطرة على اقتصاديات العالم. وعلى النقيض، لم ير اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، في سيطرة أمريكا على الممرات المائية أو إغلاقها أمرا يصب في صالحها، استنادا إلى أنها تسعى دائما، ولو نظريا، لتبنى دور المطبق للعدل والراعى لتنفيذ القانون الدولى والذي يمنع بدوره أي دولة مهما كانت من فرض سيطرتها، وخصوصا مع وجود تمثيل لكل الدول في تلك المناطق يحول دون السماح لدولة بعينها من فرض سيطرتها عليها، على حد قوله. والأمر نفسه ينسحب على إسرائيل، فهو يرى أن غلق تلك الممرات لن يعود عليها بنفع، وهى تسعى دائما لضمان بقاء عملها، مؤكدا أن لتلك الممرات حصانة دولية لاستمرار الملاحة بها، ولا يمكن لأى دولة إغلاقها أو السيطرة عليها، في الوقت الذي ترغب فيه أمريكا الحفاظ على صورتها كحافظ للعدل الدولي. "نقلا عن العدد الورقي.."