فور الإعلان عن ترشحه لرئاسة الجمهورية طلبت لقاءه.. ورغم ابتعاده عن الإعلام، إلا أنه رحب بي، ودعاني لمنزله الذي أبهرني، عندما وطأته قدماي.. إنه المهندس خيرت الشاطر. قلت له: «إيه العز ده ياعم خيرت؟!» .. قال: هذا من فضل ربي ياعم أبوطقة!!.. قلت: كيف وصلت لكل هذا الثراء، رغم حصار نظام مبارك لك وللإخوان طوال السنوات الماضية؟!.. قال: «عين الحسود فيها عود».. الإجابة في بطن الشاعر ياأبوطقة!!.. قلت: تقصد في بطن الشاطر ياريسنا!!.. قال: أدخل في الموضوع ياأبوطقة وبلاش شغل الفشارين!!.. سألته: لماذا ترشحت للرئاسة!! رغم تصريحات المرشد والإخوان بأنهم لن يخوضوا هذا السباق؟!.. قال: نحن في الجماعة نعمل بمبدأ «لكل وقت آذان ياعمنا» والأحداث الجارية تفرض علينا الترشح للرئاسة!!.. قلت له: لقد كلفني مبارك أثناء زيارتي له بالمركز الطبي العالمي قبل أيام بأن أشكر الإخوان علي تفهمهم الموقف بترشح الشاطر كي يكسر شوكة أبواسماعيل وأبوالفتوح.. فهل بالفعل تترشح لأجل هذا؟!.. قال: أنت رجل فشار ياأبوطقة ولم تقابل مبارك في حياتك!!.. قلت: لكني أراكم تتعاملون مع الشعب المصري بمبدأ التقية كما يفعل الشيعة!!.. قال: كيف هذا؟!.. قلت: قلتم إن مبدأكم هو المشاركة وليس المغالبة ورأيناكم تغالبون علي كل شىء.. ففي البرلمان صرحتم بأنكم تسعون لنيل 02٪ من المقاعد، ولكنكم طمعتم فيها كلها، وفي اللجنة التأسيسية فعلتم نفس الشىء وهاأنتم تكررون المشهد في انتخابات الرئاسة.. قال: لقد قلت لك أن لكل وقت آذاناً ياأبوطقة!!.. قلت: أراكم تنتقمون من الشعب المصري بأفعالكم هذه وكأنكم تخلصون تاركم من النظام السابق فينا!!.. قال: نحن الأصلح لحكم مصر، ونحن من يعرف مصلحة هذا الشعب ياأبوطقة وليس هؤلاء العلمانيين.. قلت له: أنت والإخوان تذكرونني بجدي الكبير عليه رحمة الله!!.. قال: كيف هذا؟!!.. قلت له: كان له قصة تشبه قصتكم تماماً.. فقد فعل مع أهل مدينته كما فعلتم أنتم مع الشعب المصري!!.. قال: وماذا فعل جدك هذا؟!!.. قلت له: سوف أقص عليك القصة ولكن «أعدني» بأنك لن تقاطعني!!.. قال: «أعدك»!!.. قلت: شوف ياسيدي ولا سيدك إلا أنا.. فهذه الحكاية واقعة دون كذب أو تجميل.. فلقد كان جدي الكبير يعمل مزارعاً بسيطاً يعيش اليوم بيومه، وفجأة تآمر عليه أحد التجار وقال له: أحضر المحصول إلي «الدكانة» لأشتريه منك.. وبالفعل أحضر جدي محصول القمح الذي حصده وعندما وصل «للدكانة» أخذ التاجر يصيح بعلو صوته ويستنجد بالعسكر أن يمسكوا بهذا اللص الذي سرق بضاعته.. وبالفعل أمسكو بجدي فوضعوه بالسجن.. قضي جدي بالسجن بضع سنين وعندما خرج قرر أن ينتقم من جميع التجار آن ذاك.. فاستأجر جدي حماراً وملأ فمه بقطع من معدن يشبه الذهب وأخذه حيث تزدحم الناس بالسوق.. فلمح الحمار واحدة من بني جنسه فأخذ ينهق حتي تساقطت النقود الذهبية من فمه وهنا لمحه كبير التجار الذي تفاوض معه علي شراء الحمار بمبلغ مالي كبير وبعد يومين اكتشف التاجر أن جدي خدعه ونصب عليه فانطلق إلي بيت العائلة وأخذ يطرق الباب حتي خرجت له جدتي «وهيبة» عليها رحمة الله فوجدت التاجر غاضباً وبصحبته بعض زملائه من التجار فقالت لهم إن جدي غير موجود لكنها سترسل له «الكلب» وسوف يحضره لهم فوراً.. وبالفعل أطلقت جدتي الكلب الذي كان يحرس منزل العائلة مربوطاً في بهو المنزل ففر هارباً لا ينوي علي شىء.. فعاد جدي بعدها بدقائق وبرفقته كلب يشبه الكلب الذي هرب.. وهنا نسي التجار سبب مجيئهم لبيتنا وبدأوا يفاوضون جدي علي شراء الكلب وبالفعل اشتروه بمبلغ مالي كبير.. وبعد أن ذهب التاجر لمنزله وأوصي زوجته بأن ترسل له الكلب ليحضره إذا ما أرادته ففعلت الزوجة ولكن الكلب هرب دون عودة ولم يره بعد ذلك.. عرف التجار أن جدي ضحك علي «ذقونهم» مرة أخري فانطلقوا إلي بيت العائلة ودخلوه عنوة فلم يجدوا سوي جدتي فجلسوا ينتظرون جدي الذي جاء ثم أخذ ينظر إليهم وإلي جدتي وقال لها: لماذا لم تقومي بواجب الضيافة لهؤلاء الأكابر؟!. فقالت: إنهم ضيوفك أنت فقم بضيافتهم وقدم لهم الواجب بنفسك!!.. وهنا غضب جدي وأخرج من جيبه سكيناً وطعنها في صدرها وأرداها قتيلة.. فوقف التجار مصروعين وأخذوا يلومونه علي فعلته إلا أنه قال لهم: لا تقلقوا فقد قتلتها أكثر من مرة وأستطيع إعادتها للحياة في أي وقت وفوراً أخرج جدي من جيبه مزماراً وبدأ ينفخ فيه فقامت جدتي من موتها وكلها حيوية ونشاط وانطلقت لتصنع القهوة للتجار.. فلقد كان جدي قد وضع تحت جلبابها بالوناً مليئاً بالصبغة الحمراء التي تشبه الدم وكانت السكين مزيفة مصنوعة من العاج.. اندهش التجار ونسوا ما جاءوا من أجله وأخذوا يفاوضونه علي شراء المزمار الذي يحيي الموتي حتي اشتروه بمبلغ مالي كبير.. وعاد الذي فاز بالمزمار منهم إلي بيته وطعن زوجته وأخذ يعزف فوق رأسها لعدة ساعات فلم تقف حتي أدرك أنها انتهت فخبأها وفي الصباح سأله التجار عما حصل معه فخاف أن يقول لهم إنه قتل زوجته فادعي أن المزمار يعمل وأنه تمكن من إعادة الحياة لزوجته فاستعاره منه التجار وقتل كل منهم زوجته، دون أن يجرؤ علي الإفصاح لزميله حتي ماتت كل زوجاتهم وهنا أدركوا أنهم وقعوا فريسة لانتقام جدي منهم فطفح الكيل بهم وذهبوا إلي بيت العائلة، ووضعوا جدي في كيس كبير يشبه «الشوال» وأخذوه ليلقوه في البحر تخلصاً من أفعاله.. سار التجار بجدي متجهين للبحر حتي تعبوا من السير فجلسوا ليستريحوا حتي ناموا تحت ظل شجرة.. وهنا أخذ جدي يصرخ من داخل الكيس حتي جاءه راعي غنم وسأله عن سبب وجوده داخل كيس ومن هؤلاء النيام؟!!.. فقال جدي: أنهم يريدون تزويجي من ابنة كبير التجار في البلد ورغم أنها سوف ترث كثيراً من الأموال إلا أنني لا أريدها وأحب ابنة عمي ولا أرغب في الثراء.. وهنا طمع الراعي في ابنة كبير التجار بعد أن اقتنع بصدق رواية جدي فقرر أن يحل محل «العريس» داخل الكيس بينما أخذ جدي الأغنام وعاد للبلد.. ولما استيقظ التجار ذهبوا للبحر وألقوا بالكيس وعادوا للمدينة مرتاحي البال.. إلا أنهم وجدوا جدي أمامهم ومعه ثلاثمائة رأس من الأغنام فسألوه كيف حدث هذا؟.. وهنا أخبرهم -عليه رحمة الله- بأنهم لما ألقوه بالبحر خرجت عليه حورية وتلقفته وأخرجته للشاطئ وأعطته ثلاثمائة رأس من الغنم وكيلو ذهب ونصف كيلو فضة، وأخبرته بأنهم لو رموه بمكان أبعد عن الشاطئ لأنقذته أختها الأكثر ثراء، وكانت ستعطيه آلاف الرؤوس من الغنم فهي تفعل ذلك مع الجميع.. أما إذا كانوا قد ألقوه في منتصف البحر فكانت ستخرج له والدتها، التي تملك كل خيرات البحر فتعيده أغني أغنياء الأرض.. وهنا كان أهل البلد كلهم يستمعون إلي جدي بإنصات فانطلقوا جميعاً إلي البحر، يتسابقون وألقوا بأنفسهم فيه بحثاً عن الثراء بما فيهم التجار فصارت المدينة بأكملها ملكاً لجدي لذلك ورثنا نحن منه الثقة بالنفس وعدم اللهث خلف الإغراءات وعدم الاهتمام بالمنافسين مهما بلغت قوتهم مثلك تماماً!!.. وهنا وقف الشاطر وأخذ بيدي إلي خارج مكتبه وهو يردد: أنا غلطان.. كيف لي أن أعطي أذني لفشار مثلك.. أقسم بالله أنني عندما أصبح رئيسا لسوف أطهر البلد من أمثالك وساعتها عليك أن تفعل معي مثلما فعل جدك الكبير مع التجار يافشار.