دخلت إلى غرفتها، وعلى غير عادتها، سحبته خلفها بشدة وضربته بعنف، مما أصاب زجاجة بالكسر لكنها لم تهتم، واختلت بنفسها وأخذت تسترجع الذكريات، وتذكرت ذلك اليوم الذي جاء إليها فيه أول خاطب وتذكرت كل ما كان منها، أخبروها بأن شخصا قادما إليها يطلب يدها. كعادة الفتيات في مثل سنها التي لم تتجاوز ال 20 حمر خداها، وبدت في غاية الخجل، وأظهرت بعض التمنع أمام والدتها إلا أنها سرعان ما دخلت غرفتها لتستعد لاستقبال هذا القادم. أمام المرآة وقفت تصفف شعرها وتختار ملابسها بعناية، حينها لم تستطع الاختيار برغم أنها كانت قبل ذلك من أشد الناس مراعاة لهندامها بل إن كثيرات كن يحسدنها على هذه الملابس التي تقتنيها دوما. خرجت إلى خارج غرفتها وطلبت من شقيقتها الصغرى أن تقف إلى جوارها، تنبهت الأخت الصغرى إلى ما تعانيه شقيقتها من قلق وارتياب، ذهبت معها وهي تردد يالله بينا يا عروسة في لهجة تحمل من الحب والدلال ما لا تغني عنه الكلمات، أمام المرآة وقفت البنتان تتحدثان فيما هو قادم ويتمني أن يتم الله الأمر على خير وأن يكلل الله جهودهما بالحياة السعيدة مع ما هو قادم. جرس باب الشقة يرن.. دقات قلب العروسة ترتفع وتزداد حيرتها، العريس جاء وهي لم ترتد ملابسها بعد ماذا تفعل؟ خرجت الأخت الصغرى علها تأتيها بنبأ القادم علها تستريح لكنها قط لم تهدأ، بدأت مضطربة قلقة، وروحها تكاد تخرج منها، فتحت الأم الباب بينما كان والدها يرتدي ملابسه استعداد للقاء الضيوف، قامت الأم بالترحيب بهم، وأخذت تتحدث معهم، كان العريس يبدو أكثر قلقا واضطرابا وتبدو عليه علامات التوتر بينما بدت على الآباء علامات السعادة والفرح ذهبت الأم إلى غرفة ابنتها تدعوها لاستقبال الضيوف وتقديم الواجب لهم، كانت خائفة مرتبكة لكنها سعيدة ومسرورة، أخذت الأم تلاطف ابنتها وتعدها للخروج. ذهبت العروس إلى المطبخ، ومن هناك حملت واجب الضيوف واستأذنت في الدخول عليهم، ما إن رآها العريس حتى بدا ملهوفا وبدت عليها علامات الخوف والارتياب فهذه أول مرة تخرج بزينتها كاملة أمام الغرباء، قدمت الواجب وجلست تستمع إلى ما يدور بدأ الأهل يتحدثون في تفاصيل الزواج لاحظت أن صوت أمه عاليا وأنها تتحكم في كل كبيرة وصغيرة بينما بدا هو صامتا لم ينبت ببنت شفة إلا من لحظات يختلسها نظرا إليها وكانت هي تصطنع أنها لا تشعر بما يحدث بينما قلبها يدق بقوة. تعالت أصوات الحديث بين العائلتين، ولكن أحدا منهما ( العريس والعروس) لم يتدخل، وسرعان ما انصرفت العروس من المشهد وهو الأمر الذي أربك الجميع ونبههما إلى ما يحدث بينهما، وهنا توقفت الأصوات عن الحديث، وبدأت الأمور تهدأ... انصرف العريس وأهله على وعد بلقاء، لم تضع الأم الفرصة بل ودعتهما وقبل ذلك طلبت من الأب أن يأخذ من العريس رقم تليفونه وهو ما حدث بالفعل. بعد أن خرج الضيوف أخذ الأب والأم يتحدثان حول ما دار بينما دخلت العروس إلى غرفتها مصطنعة عدم اهتمامها بالأمر بينما كانت تترقب النتيجة من خلف الباب، دخلت الأخت الصغرى خلف شقيقتها وأخذت تحدثها عما حدث وقالت له يبدو أن هذا الشاب هو «ابن أمه» لم تحتمل الكلمة وطلبت من أختها الانصراف، أيام قليلة وعاد العريس لكن هذه المرة دون والديه، بعد استئذان والد العروس الذي رحب بالأمر وفي اليوم المحدد جلس ينتظر العريس، أبلغت الأم ابنتها بحضور خاطبها إلى المنزل لكنها أبدت عدم رغبتها وقالت بتأفف: «هو كل يوم» بينما دخلت إلى غرفتها وأخذت تبحث عن أبهى حللها وترتدي أجمل زينتها، كانت الأم تخشى من تأفف ابنتها لذلك عندما اقترب الموعد أخذت تؤكد على ابنتها ضرورة حسن الاستقبال بينما كانت هي قد استعدت بالفعل للاستقبال. دق الباب وخرجت الأم تستقبل القادم، وإذا هو زوجها، وقبل أن يجلس سأل عن ابنته، ومدى استعدادها لمقابلة العريس، جاء العريس واستقبله الأب بترحاب شديد بينما كانت عينا العريس زائغتين تبحثان عن شيء ما، لمحت الأم نظراته وهو يبحث عن العروس فنادت على ابنتها للجلوس معهم، وسرعان ما تغيرت الأحوال وصارت الأمور على غير طبيعتها. سأله الأب سؤالا مباشرا ومباغتا: ماذا ستفعل يا بني؟ وماذا ستقدم للعروس؟ تردد في الإجابة ولم يبد جوابا ثم قال للأب لقد جئت لأرى العروس لا لأتكلم عن الزواج وأموره فهذه الأمور في يد أمي. أغلق الصمت باب المناقشة وبهت الأب من الإجابة لكنه خشي على مشاعر ابنته، فتصنع عدم الاندهاش وأصر على مواصلة الحديث، لكنه كان يشعر بغصة في حلقه وهو الأمر الذي جعله يستأذن لدخول الحمام وترك ابنته وعريسها المنتظر علهما يتحدثان لاحظت الأم ذلك فبادرت هي أيضا للخروج من الحوار وطلبت من ابنتها الصغرى أن تذهب معها إلى المطبخ لإعداد الطعام. انتهزت هي الفرصة وتمنت لو أن يتحدث معها في أي شيء لكنه لم يفعل بل كان يتصبب عرقا، همت هي بالانصراف لكنه استوقفها وسألها لماذا لا ترتدين جلبابا كأمي؟ نظرت إليه في استغراب وبدا كأنها تريد طرده من المنزل وماذا تفعل أمك أيضا؟ وبدأ وكأن عقدة لسانه قد انحلت وأخذها يحدثها عن أمه، كانت الأم تنصت لما يدور بينما تصنع الأب أنه بالحمام بينما خرج إلى غرفته ليستريح قليلا. قال الشاب: إن أمي ماهرة في المطبخ تحسن أمور البيت وهي صاحبة الفضل فيما أنا ووالدي فيه فهو يترك أمور المنزل لها وهي دائما تدبر لنا الأمور! نظرت إليه في غضب وقالت له: وماذا أيضا؟ قال أتمنى أن تكوني مثلها في كل شيء، قلت وهي تهم بالانصراف: يا ماما ياما أنت فين؟ وغادرت إلى غرفتها بينما ظل هو جالسا في مكانه ينتظر خروج أحد إليه لكن يبدو أنهم جميعا قد غادروا المنزل.