فى تقديرى أن الفوبيا أو الخوف المرضى، هو اللون الغالب على اللوحة السياسية. فى مصر الآن أغرب فوبيا سياسية على وجه الأرض.. المدقق فى الصورة بإمكانه أن يكتشف بسهولة أننا أمام "صراع فوبيات" لامثيل له فى التاريخ. المصابون ب"الإخوانوفوبيا" أو فوبيا الأخونة، فى مواجهة المصابين ب"العلمانوفوبيا"أو فوبيا العَلْمَنَة!. والفوبيا من أمراض"الهَسْهَسة"!، أو القلق النفسى.. من تعريفاتها، أنها الخوف غير الطبيعى، وهى خوف كامن مزمن، أجمع المتخصصون أنه خوف "غير منطقى" أو غير مُبَرَّر.. قد يكون خوفاً من الأماكن المرتفعة أو الضيقة... إلخ كما هو معروف.. الغريب أن الوسط الطبى النفسى لم يستقر على تحديد واضح لأسباب الفوبيا.. البعض افترض أن الفوبيا تنبع من داخل الفرد أى (مجرد مشاعر).. هناك مثلاً خوف من ممارسات محرمة وممنوعة، مثل الجنس، وقديماً قبل أن يسقط بُرْقُع الحياء، كان المصريون يعانون من فوبيا "فضيحة الحب"، واسمع مثلاً المطربة الراحلة حورية حسن وهى تغنى: من حُبِّى فيك ياجارى/ ياجارى من زمان/ باخَبِّى الشوق وادارى/ لَيعْرَفوا الجيران!. هى إذن مجرد شعور بالخوف غير مبرَّر، تماماً كما يقول لك أحدهم، أنا باكرهك لله فى لله، هكذا بدون سبب!. الفوبيا المسيطرة على المناخ السياسى الآن، لاتخضع لقوانين التجربة أولاً، ثم إطلاق الأحكام. وخطورتها أن تنتقل من حالة الخوف المرضى إلى الاستقطاب والتخوين، ثم إلى حالة كراهية، والأخطر أن تتحول إلى عداء، ومن ثم إلى صدام. نحن الآن فى مرحلة الاستقطاب والتخوين، وهما من أعراض الفوبيا. المفكر الاستراتيجى مصطفى حجازى يقول: "إن أصحاب فكر الاستقطاب والتخوين "مرضى نفسيين"، وأن التراشق الحاد بين القوى السياسية، وما يحدث بمصر الآن ينذر بحرب أهلية!. السؤال: هل تؤدى بنا الفوبيا إلى حرب أهلية؟.. لندع الواقع على الأرض يتولى الإجابة، ولنأخذ مثالاً بقضية الخلاف حول الدستور.. كل الشواهد تؤكد أننا مسرعون نحو حالة انسداد سياسى تام. كما أن انشطار المجتمع لم يعد بحاجة إلى برهان، فالمصابون بفوبيا الأسلمة بدأوا الحشد على أرض الواقع بتكوين جبهات لمواجهة التيارات الإسلامية من خلال التيار الشعبى وتحالف الأمة المصرية والمؤتمر.. وفى المقابل أطلق رموز التيارات السلفية مشروعاً يحمل اسم "حُرَّاس الشريعة" لتوحيد جبهة الإسلاميين فى مواجهة العلمانيين ورافضى الشريعة الإسلامية. باختصار.. شكلنا داخلين على أيام كوبيا.. الله يقطع الفوبيا!.