أحمد بن طولون استعان بمسيحى لبناء مسجده على الطراز المعمارى للكنائس جمعية محبي التراث القبطي تضم عددا من المسيحيين والمسلمين المهتمين بالتراث القبطي- والذين يجتمعون على هدف واحد هو المحافظة علي التراث المصري، وإيجاد المشتركات بين التراث المسيحي والإسلامي للتأكيد علي الهوية المصرية في الفن والمعمار والموسيقي. «فيتو» التقت المهندس سامى مترى - رئيس مجلس إدارة الجمعية- الذى بادرنا بالقول: إن الجمعية بدأت بمجموعة من الأصدقاء الأقباط وكنا نهتم في البداية بالتراث القبطي الأدبي- كتابات كبار المفكرين الأقباط- والتي لا توجد باللغة العربية، بل توجد بلغات أخري، وفكرنا في إنشاء دار نشر لهذه الكتابات، ثم وجدنا أن التراث ليس مجرد كتابات، ولم نستطع في ذلك الوقت إنشاء جمعية- في بداية التسعينيات- لأن الجمعيات لم يكن لها الحق في نشر المؤلفات. متري مضيفا: إنه في عام 1997 قررنا أن يكون اهتمامنا بالتراث القبطي كله- معماري، فني، موسيقي وغيره- الفكرة الأولي كانت تضم المسيحيين لأنها كانت تهتم بالكتابات، وكانت غالبيتها كتابات مسيحية، وعندما فكرنا فى إنشاء جمعية وكان من الضرورى أن نقوم بتكوين مجموعة من المهتمين بالتراث، وكان عددهم 30 من المسيحيين والمسلمين، وكان صديقي المهندس ماجد الراهب مهتماً بالتراث جداً، حتى أنه مؤسس جمعية »الحفاظ علي التراث المصري». وتابع : الجمعية لم تضم متخصصين، لذا فقد أطلقنا عليها «جمعية محبي التراث»، وهدف الجمعية نشر الوعي بأهمية التراث القبطي، وهو تراث مصري ومن المهم معرفة علاقته بالتراث الذي يسبقه (الروماني) والذي يليه الإسلامي والحديث، والمؤتمر الأخير للجمعية كان عنوانه «تواصل التراث المسيحي- الإسلامى»، والمصريون يشعرون أن التراث القبطي جزء منهم سواء مسلمين أو مسيحيين، وفوجئنا بعدد كبير من المسيحيين والمسلمين يريدون الانضمام للجمعية. رئيس الجمعية أكد أن أول محاضرة للجمعية كانت في معهد الدراسات القبطية داخل الكاتدرائية عام 1998، وحاضرت فيها دكتورة نعمات أحمد فؤاد، وكانت الجمعية آنذاك تحت التأسيس، وكان معنا السيدة (رينيه) وكانت تعمل بمركز الميكروفيلم بالأهرام وقررنا إقامة معرض هناك، وبالفعل وافق إبراهيم نافع علي استضافة المعرض وقام بافتتاحه، وكانت نسبة مشاركة الفنانين المسلمين بلوحاتهم في المعرض كبيرة، وعندما نلتقي مع الناس في لقاءات ومؤتمرات نشعر أن الذي يقربنا أكبر من الأمور التي نختلف عليها. وتابع: في أحد لقاءات الجمعية تمت دعوة الدكتور عبدالمعطي بيومي- رحمه الله- وكانت طالبان قد دمرت تماثيل بوذا، وأثير موضوع الفن، وذكر الدكتور بيومي أنه كان يعمل بالكويت بإحدي المجلات الإسلامية، وفي إحدي المرات كتب مقالاً ووضع له رسمة عبارة عن صليب فما كان من القراء إلا أن أرسلوا عدة خطابات علي المجلة، كانت ترفض وضع صورة الصليب في مجلة إسلامية فطلب منه رئيس مجلس الإدارة الرد علي تلك الخطابات للخروج من هذا المأزق، فما كان من الدكتور عبدالمعطي إلا أن ذكر أن الوحدة الأساسية في الفن الإسلامي هو الصليب، حتي إن المسجد الذي يصلي فيه أمير الكويت الوحدة الأساسية فيه هي الصليب، وهنا نجد أن الفن القبطي أعطي للفن الإسلامي، وكلها أخذت من الفن المصري، وكما يقول الدكتور ميلاد حنا: إن التراث عبارة عن طبقات، كل طبقة أعطت التي تليها، ولا يستطيع أحد أن يقول هذا التراث ملكي؛ لأن كل طبقة أعطت ما بعدها حتي الفن الإسلامي أخذ منه الفن الأوروبي. وفي مجال الموسيقي نجد أن الموسيقار محمد عبدالوهاب كان يأتي إلي الكنيسة في مصر الجديدة ليستمع للألحان وقال في حديث إذاعي إنه كان يحب الاستماع للألحان القبطية بالكنائس ليستلهم منها ألحانه، وهناك العديد من الألحان التي أخذت عن الموسيقي الكنسية. وعن الشكل المعماري للكنائس- يقول متري: يوجد الهيكل وبه نصف دائرة تسمي «حضن الآب» وفي المساجد الشرقية تسمي القبلة، أما المنبر في الكنيسة فيسمي الأنبل، فالمعمار في المسجد والكنيسة منح كل منهما الآخر، ويضيف: لدينا فى الجمعية أساتذة عمارة وآثار ورسائل ماجستير، فمثلاً نائب رئيس الجمعية دكتور حجاجي إبراهيم - أستاذ آثار بجامعة طنطا- وأشرف علي العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة في هذا المضمار- وهنا نجد أن العمارة والفن التشكيلي والموسيقي امتزجت، وبالفعل هذه الأمور تشعرنا أننا نتلاقي معاً، وبداخلنا كمصريين جينات مشتركة، وتقول إن بداخلنا حضارة. ويتذكر المهندس متري أنه عندما وقعت حادثة القديسين جاء المسلمون من المسجد الذي يجاور الكنيسة التي كنا بها ليؤدوا واجب العزاء وجاء المعزون من عدد من المساجد. وأكد أن «هناك ثلاثة من نواب رئيس مجلس إدارة الجمعية من المسلمين، الدكتور حجاجي والفنانة وفيقة مصطفي، ودكتورة راندا بليغ- رئيس قسم الآثار بجامعة المنصورة- ونقوم من خلال الجمعية بتوعية الناس بأهمية تراثنا (المسيحي الإسلامي)، كما أن الإسلام دخل مصر بالتدريج، فالإنسان المصري عرف الله وعرف قبل ذلك الإله الواحد، قبل باقي الشعوب، وعندما جاءت المسيحية والإسلام تأثر بهما المصري لأن التوحيد بداخلا. ويقول: التراث الإسلامي والمسيحي مسيرة واحدة حتي في الرحلات التي تنظمها الجمعية تهدف لزيارة الأماكن المسيحية والإسلامية فمصر بداخلنا، فهناك معابد قديمة تحولت لكنائس، وهناك كنائس تحولت لمساجد وفي الأقصر مسجد كان في الأصل كنيسة. وعن علاقاته مع أصدقائه المسلمين يقول المهندس متري: عندما كنت صغيرا كنت أذهب إلي المسجد مع أصدقائي المسلمين، لكن اليوم لو ذهبت إلي المسجد يكون لحضور مناسبة، لكن زمان كنت أذهب للمسجد وأصدقائي يحضرون للقداس معنا وأشار إلى أن أحمد ابن طولون عندما رأي الشكل الجميل للكنائس أراد بناء مسجده علي النمط المعماري الذي بني به الكنيسة، فاستعان بمسيحى وطلب منه أن يأخذ شكل أعمدة الكنائس لبناء مسجده، فما كان من المهندس إلا أن قام بتصميم المسجد بدون أي عامود ليحافظ علي التراث المصري بالكنائس. وحكي المهندس متري أن خاله المهندس هلال زكي بطرس وكان مهندساً معمارياً في السويس، عندما أرادوا بناء مسجد كبير فى السويس ذهبوا إليه وبني مسجدا كبيرا بالسويس منذ حوالي 40 عاما.