حبه لمهنته كان يشعره بأن له سلطان وصولجان، فى وقتها كانت المهنة لأهلها وبمنأى عن الدخلاء وقراصنة البحر، الآن تغير حال عم سيد حرشة أقدم بمبوطى فى السويس كلها وانتهى به إلى العمل سمكرى بالمنطقة الصناعية بعد أن كان يعمل «سفيرا» لمصر متنقلا من مركب لأخرى خلال عمله الذى كان. عم حرشة يؤكد أن البمبوطية من أقدم المهن التجارية فى العالم وتعتمد على المقايضة والعملة الأعلى لها فى البحر هى السجائر والخمور ولغة التعامل فيها والسائدة بين الشعوب والجنسيات هى لغة «الخرس» كاشفا المزيد من أسرار عالم يجهله كثيرون يقول عم حرشة: أتحدث أكثر من خمس لغات ولكن لغة الخرس كانت هى التى استخدمها فى عملى وكنت بمثابة سفير لبلدى على سطح مركب من بورسعيد إلى السويس والعكس، وأعرف كل أنواع المراكب بدءا من القوارب الصغيرة حتى الحفارات والناقلات الضخمة. عن المراكب يكمل عم حرشة هناك مراكب بعينها لا يستطيع المصريون وخاصة البمبوطية الاقتراب منها وهى التنجر الأمريكى والإنجليزى وكذلك المراكب الحربية وباقى المراكب ترحب بالبمبوطى للعمل عليها. ويوضح عم حرشة أن التنجر هى حاملة البترول والبساجيرى هى حاملة الركاب والكارجو هى حاملة البضائع والحاويات وكلها أنواع للمراكب، محطتها الأولى فى السويس والثانية فى الإسماعيلية والثالثة فى بورسعيد. مدن القناة عرفت مهنة البمبوطية - كما يقول عم حرشة - بعد افتتاح قناة السويس عام 1969 ولكن احترفها أهل السويس منذ القدم وهى كلمة انجليزية الأصل معناها «رجل القارب» ومأخوذة من «مان بوت manboat» وتحرفت إلى بمبوط. عم سيد حرشة احترف هذه المهنة بعد اصابته بقذيفة فى حرب الاستنزاف فى إحدى العمليات العسكرية التى قامت بها فرق الصاعقة المصرية بسيناء وبدأ رحلة كفاحه بالعمل «لحام» على سطح إحدى المراكب ثم امتهن مهنة البمبوطى والتى توارثها منذ اجيال ونظرا لضيق الحال عمل بائع أسماك فى سوق السمك حتى انتهى به الحال سمكرى فى المنطقة الصناعية .ويتحدث عم سيد حرشة عن طبيعة مهنة البمبوطى وتاريخها بأنها مهنة متواجدة فى أى ميناء فى العالم وممارسها يحمل بضاعته ليبيعها على السفن من خلال الموانيء، فور رؤيتهم للسفن العابرة حيث يتجهون لها بمراكب صغيرة ويبيعون لها ما معهم من بضاعة. البمبوطية التى ساعدت الكثير من السوايسة فى خلق فرص عمل جديدة ضاقت بأهلها وأصبحوا كالمتسولين يفترشون الميناء بحثا عن جديد للرزق ويضطر بعضهم لبيع السمك بسوق السمك. أحد جوانب المشكلة أوضحها عم حرشة بقوله: كان سهلا الحصول على الترخيص من أحد الموانئ والهيئات الملاحية للعمل وكل ما كان يحتاجه البمبوطى هو إلقاء حبل طويل من على مركبة يؤجره ب250 جنيها فى نهايته خطاف بأطعمة وفواكه ومشروبات إلى مركب آخر يأخذ البضاعة ويقايضها بهدايا كالملابس وغيرها وبالفارق يحصل البمبوطى على رزق يومه.