طلبنا «الباشا الكبير» أخذونا إلى زنزانته الصدفة وحدها كانت السبب فى الحوار التالى.. فعندما ذهبت إلى سجن طرة، طلبت من الإدارة مقابلة الباشا الكبير، قاصدا جمال مبارك، لكنهم أساءوا فهمى فأرسلونى إلى زنزانة حبيب قلبى.. حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق.. وإليكم تفاصيل الحوار الذى دار بيننا. بمجرد أن رآنى تبسم العادلى وقال: منور ياعم عرفة.. لكن هل ما زلت تذكرنا يا حاج.. تحسست رقبتى ولا مؤاخذة، قفايا وقلت: وكيف ننساك يا كبير.. اليوم جئتك كى استمع إلى صوتك الملائكى وأرى سحنتك السمحة! قال لى وهو يعدل من وضع الكاب فوق رأسه: أهلا بك فى بيتك.. تحب تشرفنا فى طره.. لا تندهش فالأمر بأيدينا ولن يستغرق سوى مكالمة هاتفية!! قلت له : هذا الكلام كان زمان يا كبير عندما كنتم تحتجزون الناس دون توجيه اتهام ولا دياولو!!.. قال : كنا نفعل ذلك لأن «البرىء متهم حتى تظهر براءته» !!.. قلت له : أنت تقصد أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته يا كبير!! .. قال : لا لا .. فأنا أعنى ما أقول أما بعد ثورتكم هذه فقل أنت وغيرك ما تشاءون!!.. قلت له : أبهذا الحديث كنت أنت ورجالك درعا واقية لمبارك وعائلته؟!!.. قال : وما زلنا ياعم عرفة!!.. قلت له : لقد دمرتم البلد وانتهكتم حقوق الانسان وزاد فى عهدكم التعذيب في السجون وطغيتم من خلال جهازكم الجبار المسمى خطأً بأمن الدولة!!.. قال لى : لا تخرج عن شعورك يا رجل وتذّكر مع من تجلس!! .. قلت له : مع مسجون ومتهم بقتل المتظاهرين وسفك دمائهم البريئة!!.. قال: لم نقتل أى متظاهرين فحراس الجامعة الأمريكية هم من قتلوا الشباب الثائر صدقنى ياعم عرفة!! قلت: شوية شوية ستقول لى أن عمال كنتاكى هم الطرف الثالث الذى يعبث بالبلد!!.. قال : وهل تصدقنى إذا أقسمت لك بالطلاق؟!!.. قلت ضاحكا: طلاق من من؟!! قال : من زوجتى!!.. قلت: نعلم أن حريمك تعدى عددهن العشرة.. قال : هى زوجة واحدة أم الولاد أما الباقى فمجرد «مزز» لزوم الأمن النفسى. قلت: ولماذا فجرتم كنيسة القديسين بالاسكندرية؟!!.. قال: حتى ينشغل الناس عن ابننا جمال وتوريث الحكم ويدركونا أن مصر بدوننا معرضة للخطر من الداخل والخارج وهذا من صميم عملنا يا عم عرفة!!.. قلت: لقد مر يوم 52يناير بسلام واحتفل الشعب بذكرى ثورته!! قال: وهذا من تدبيرنا كى يهدأ الناس ويكفوا عن المطالبة بإعدامنا فلو لم يمر هذا اليوم بسلام لكان الثوار طالبوا بمحاكمة ثورية لمبارك و لذلك حرصنا من هنا علي أن يمر هذا اليوم بسلام!! .. قلت له : لكنكم ستحاكمون بالمؤبد على الأقل فى كل الحالات!! .. قال : هذا هو عشم إبليس في الجنة ياعم عرفة!! قلت: ومن أين تأتى بكل هذه الثقة؟!!.. قال: ألم تر بأم عينيك يارجل أننى ما زلت أتلقى التحية الميرى فى أى مكان حتى فى المحكمة!! فوجدت نفسى أقفز من مكانى وأقدم له التحية واستأذنه فى الخروج حانيا رأسى قبل أن يأمر ببقائى معه على سبيل التسلية!!