فى لقاء فضائى ساخن على قناة «صدى البلد».. وفى برنامج «استوديو البلد» الذى تقدمه الإعلامية الكبيرة عزة مصطفى نفى الدكتور محمود عبد الرحمن - عضو شورى جماعة الإخوان- أن يكون أحد شباب الجماعة هو المعتدى على مراسلنا بالإسكندرية عمرو أنور، رغم أننى قلت لعضو شورى الجماعة إن الشابين المعتديين قالا لعمرو: « أنتم صحيفة فيتو التى تتطاول على فضيلة المرشد ». . بالضبط مثل إهانة الذات الملكية، أو التطاول على مقدس لا يجوز التطاول عليه. وقد فهمت من الدكتور محمود أن المعتديين يرجح أن يكونا تابعين للحزب الشيوعى المصرى، وقد استفزهما خبر «فيتو» لتطاوله على فضيلة المرشد، وقد يكون المعتديان تابعين لحزب الوفد مثلا، على اعتبار أن الوفديين قد يناورون لنيل رضا الجماعة بالاعتداء على عمرو، واحتمال ثالث قد يورط أتباع الدكتور رفعت السعيد كبير حزب التجمع، باعتبار أن الود موصول بين السعيد وبديع، فانفعل رجال السعيد دفاعا عن بديع واعتدوا على عمرو. إلى الآن لم يعتذر المرشد، ولم تصدر الجماعة بيانا تأسف فيه على حادث الاعتداء على مراسل أثناء تأدية عمله، ولم يصدر عن حزب الحرية والعدالة - نسخة الإخوان السياسية والتى لا نعرف متى تظهر نسختها العسكرية - أى بيان يشير فيه من قريب ، أو بعيد، إلى حادث الاعتداء الغاشم على مراسل كان يؤدى واجبه الصحفى. ولعل نفى الدكتور محمود عبد الرحمن أن يكون المتورطون فى الاعتداء من شباب الجماعة نابع من تحقيق داخلى.. أو تأكيدات من جماعة البحيرة ، أو إخوان الإسكندرية، بأن المعتديين ليسا من أبناء الجماعة ، وأنهما من المتعاطفين مع الجماعة، باعتبار أن الجماعة لها أعضاء عاملون ، وآخرون منتسبون، وفرق من المحبين والعاشقين. أقول للدكتور محمود - وهو رجل طيب ووقور وهادئ : إن الجماعة التى لا ترد على مثل هذا الاعتداء بجدية، وتحقق داخليا، لتعرف من هو المعتدى ، هى جماعة لا تبعد مسافة كبيرة عن الحزب الوطنى المنحل، وإذا تصورت هذه الجماعة.. أنها قد تتسلى بنا باستخدام العنف والتهديد والوعيد بإغلاق الصحف ، ومطاردة الصحفيين .. فإن الوهم قد عشش في رءوس كبرائها مبكرا، وقبل مرور ثلاثين عاما هى عمر نظام مبارك.. وأقول للسيد وزير الداخلية إن عدم إلقاء القبض على المجرمين اللذين اعتديا على عمرو يعيد إلى الأذهان صور اعتداءات الحزب الوطنى وبلطجيته على الصحفيين فى زمن البلطجة، ويقودنا إلى التساؤل : هل تهيمن الجماعة على وزارة الأمن والأمان وتفعل فيها ما كان يفعله الحزب الوطنى المنحل؟ هل عدم القبض على المعتديين مجاملة لجماعة أصبحت تتصدر المشهد الآن ؟!! شورى بطعم مبارك الشورى. . لم يحضر أحد.. لماذا ؟ لأن شيئا لم يتغير ذهب حزب وطنى وانصب على رءوس الناس حزن وطنى آخر، ومن حزن إلى حزن يا قلبى احزن واحزن.. بقدر إحساسك بأن مصريين دفعوا دماءهم ثمنا للحرية والكرامة فجنى السفهاء حصاد الدم. . احزن بقدر حجم المؤمرات التى حيكت بليل، تنهش فى لحم النبلاء الذين قفزوا فوق الأشواك، وحطموا الأسوار ليتبوأ سماسرة السياسة مواقعهم. الشعب يريد إسقاط «اللانظام» الشعب أسقط رءوس نظام فبقى اللانظام.. الشعب الآن يريد إسقاط اللانظام.. يريد هدم حانات الغش والتدليس.. ولأن إرادة الشعب لم تتحقق طوال ستين عاما عبر الصناديق، فإن الشعب لم يذهب إلى الصناديق فى الشورى.. ذهب فى انتخابات البرلمان.. فكانت الصدمة الكبرى.. والشعب لا يريد صدمة أخرى .. ذهب الشعب إلى الميادين، ففيها روحه لم يسرقها أحد، وفيها شرفه لم يسلبه أحد، وفيها عزه لم يكسره أحد، وفيها نصره لم يهزمه أحد. . الميادين هى الصناديق فإن أردتم الأصوات فهنا أصوات تغنى. . وأصوات تؤمن بأن الصندوق هو الفراغ الذى يضمنا، وليس الخشب الذى يسرق أحلامنا. . انتخابات الشورى بطعم مبارك وبلون أحمد عز وبشفافية حبيب العادلى. . أوراق التصويت مليئة بصرخات أم أهدت روح ابنها إلى وطن لا يزال سارقو ثورته يعدون بإطلاق اسمه على حارة، أو عطفة ، أو زقاق برغم أن اسمه زين السماء بمصابيح من وهج الحرية. حمبولى الأقصر وحمبولى البلد بطريقة تتشابه إلى حد كبير مع مسلسلات الجاسوسية ، مضت قصة الحمبولى ، وصار الشاب الأسمر بطلا من ورق.. وسقط كورقة توت، وعندما سقط ردد مقولة الدكتور زكريا عزمى «أنا غلبان» وقال .. ومما قال إنه سارق، وناهب، ولكن قاتل.. لا وألف لا. ولا فرق بين حمبولى الصعيد، وحمبولى البلد الذى سقط من أول ضربة فيس بوك. . انهار حمبولى البلد واعترف. . انهار.. وانهارت معه دولته. . ومن عناصر التشابه بين حمبولى البلد، وحمبولى الصعيد أن الأخير كان معاونوه من مديرية أمن الأقصر يمدونه بمعلومات عن ملاحقات أمنية، بينما حمبولى البلد كانت كل مديريات أمن المحافظات تمده بالملاحقات الشعبية قبل تحركها. وحمبولى الأقصر كانت أشهر صوره مع سلاحه ، وحمبولى البلد كانت أشهر صوره بين قواته من الشرطة والجيش. . وحمبولى الأقصر خُط بالصدفة قادته الصدفة البحتة ليكون حديث الناس، ومصدر رعب للجميع ، وحمبولى مصر أصبح خُط الجمهورية عندما قادته صدفة اغتيال السادات ليجد نفسه بين لحظة وأخرى كبير البلد. . كل البلد. وخُط الصعيد كان يقول: « سأسلم نفسى عندما أضمن عودة الأمن » وخط الجمهورية كان يقول « البلد لا تتحمل تجربة ديمقراطية كاملة » أى أنه كان مستعدا لتسليم نفسه للتقاعد.. لو أن البلد قادر على أن يصلب طوله بدونه. حمبولى الصعيد ضبطوا معه «كليبا» يعذب فيه مواطنا بالاشتراك مع زوجته، وحمبولى مصر ضبط آلاف المرات يشاهد زوجته وهى تعذب الوطن نفسه ، ولدينا مئات من حفلات التعذيب الجماعى والفردى. والحق يقال. . حمبولى الصعيد لم يكن لديه جمال، ولا علاء بينما رزق حمبولى البلد ولدين أحدهما بزنس مان والثانى بلا مواهب. . حمبولي الصعيد جرب نفسه فى المال، وحمبولي البلد اختار الخيال. . تصور نفسه وريثا لمصر. . الأول كان يحلم ببضعة جنيهات يتركها لأولاده، أثناء وجوده فى السجن ، بينما كان الثانى يحلم بأن يترك لابنه بلدا أثناء وجوده فى القبر. حمبولى الصعيد مواطن بسيط حاد عن الطريق ، وحمبولى مصر مواطن بسيط سرق الطريق. . الأول يعرف حجم جرمه، والثانى يصنع من جرائمه تاريخا يتفاخر به. . الأول قد ينتهى به المطاف إلى حبل المشنقة، بينما الثانى تنتظره قصور العرب أجمعين. . ولأننا قوم إذا سرق فينا الضعيف قتلناه ، وإذا سرق فينا الشريف كرمناه، فإن الأول نسميه الخُط بينما الثانى نسميه المخلوع !! البابا. . سلامتك يحظى البابا شنودة بحالة حب مصرية. . ومن الحب ما قتل. . ومن الحب إلى حديث الموت, بين رحلة وأخرى ، ولأن الناس يعرفون وطنية البابا فإنهم يحبونه، وحديث الموت حول رحلته الأخيرة سرى فى أرجاء الوطن كالنار فى الهشيم ، والهشيم هو النبت المتكسر، أو القش الضعيف. . تفاصيل الخبر الذى سرى بهذه السرعة ليلة أمس الأول تناقلتها الألسن وكذبتها الكنيسة مثل كل مرة. هذه المرة كانت الأزمة أصعب، ومن بين رقاده أطل برأسه على محبيه وهو يقول : أنا بخير.. أنا بخير.. اطمأنت قلوب، ووهنت أخرى، خوفا من مجهول قادم.. مجهول يطارد ضعافنا، ولا يعرف لقلوب الموقنين بحق الله طريقا. بين حديث الحياة، وهذيان الموت مسافة يعيش فيها الأمل. . والأمل هو الكنز الوحيد الذى إذا فقدناه فقدنا كل شيء يربطنا بالحياة، والأمل فى حياة بعد الموت هو ما يجعلنا نقبل الفكرة.. فكرة الانتقال إلى عالم لا ظلم فيه ، ولا بهتان، ولا عصيان. ليلة القبض على الطرف الثالث ما بين اللونين الأبيض والأسود مئات الألوان .. وما بين الجميل والقبيح تقع ملايين المناطق المعبرة عن جمال، وملايين أخرى معبرة عن طرف ثان.. وما بين الطرف الأول والطرف الثاني ملايين التوقعات بأطراف لم يأت ذكرها ولن يأتي.. الطرف الثالث سكن مصر منذ يناير الماضي .. عشش في قراها واعتلى منصة القتل في ميدان التحرير .. قنص عيون الشباب في محمد محمود ودهس أبدان الولاد أمام عيون ماسبيرو، سحل فتيات مصر النابضات بروح الشرف. والطرف الثالث الذي ظهر أول أمس للمرة المليون أمام ماسبيرو وأراد النّيل من المعتصمين هو نفسه قاتل شباب السويس في أول أيام الثورة، وهو ذاته مختطف أرواح الزهور في القاهرة. لمن أراد القبض عليه نستطيع أن ندلي بأوصافه للمسئولين وأصدقائهم وذويهم وجيرانهم .. الطرف الثالث قمحي اللون .. يشرب مثلما نشرب من مجرى النيل، ويأكل مثلما نأكل من طين الأرض .. يشم هواء ملوثا مثل ذلك النوع الذي أدمنّاه في ميادين مصر قبل الثورة وبعد الثورة، وللعلم فإن الطرف الثالث يتزاوج مثلنا ويتكاثر كتكاثرنا، وكان مثلنا يلبس من قطن المحلة حتى تلاشى فأصبح كغيره يلبس من قطن الصين. والطرف الثالث الذي أبكى مصر مرات ومرات إنما يفعل ذلك لأنه يحبها كما نحبها .. يعشقها عصفورة أسيرة داخل قفص ذهبي، ونحن نحبها من تحت الشجر وهي في الأعالي .. يغني لها مثلما نغني، ولكنه يتوقف عندما يقول الشاعر " ولا بد للقيد أن ينكسر " فهو يرغب فيها بقيدها .. لا يحبها متمردة، يعشقها مستسلمة ، ضعيفة ، وهنة ، ساكنة لا حراك فيها. والطرف الثالث الذي أطل برأسه مرة أخرى أمام ماسبيرو ثم تخفى في سمرة أولاد بولاق ما زال يحير العسكر ومن في المخفر .. يختفي ومن ثم يظهر .. يضرب ويقتل وفي كل مرة يهرب .. يذوب بين المتظاهرين وبين الثوار وبين المتمردين ليفاجئنا المرة تلو المرة بخطف الفرحة من فوق جباه العابرين بمصر إلى حديقة الحرية . والطرف الثالث كان في عصر سابق يزوّر الانتخابات .. كان يسرق الصناديق .. كان ينثر الإحباط بين الصفوف .. كان نشالا بارعا ثم أضحى في عصر الثورة قاتلا مخيفا، ولكنه لا يستطيع سرقة الصندوق، ولهذا ستجدونه دوما يسرق الأرواح الطيبة ويقنص العيون الشابة، ويختطف من أيدي الصبية علما يرفرف ويزرع مكانه راية سوداء تنعق. وللطرف الثالث معاونون ومتعاونون من كبار القوم ومن صغارهم .. كتاب ومفكرون وتجار .. كلهم تجار، وبضاعتهم وطن ما عاد يعرف صانعيه من المتاجرين !! كلمات من القلب . . إلى قلب هي..ما زالت تلهث خلف حكمة تفسر غموض الكون ، تبحث عن نقطة ضوء فى محيط مظلم ، جعلت من ليلها معاشا، ومن نهارها لباسا. . خلفت كل الآيات.. وأكلت من ظنون الأفق البعيد كل أطياف اللايقين، تسربت من بين جسدها لعلها تتلاقى مع أطياف العابرين قبلنا بقرون، لم تجد شيئا، فقط أمسكت بأحبال من هواء.. قالت : لا يقين إلا فى جسدى المتمدد أمامى. هو. . صدمته الليالى بحزمة من نور سرى فى بدنه. . أمسك اليقين بيديه، ووضع خيوط الستر يدارى عورته. . توضأ بنور الهدى ، أومض خيط الرؤية الصاعد من عينيه، كشف كل ما فيها من كهوف تعشش خلف الابتسامة الجامدة، لم تفهم هى . . لم تقرأ.. لم تع حتى الآن أنه اليقين الذى ألقت به المقادير فى سرداب ليلها الحالك.