التوقيت المريب..! البرادعى يسحب ترشحه من سباق الرئاسة.. لماذا فعلها البرادعى..؟! البرادعى يقول إنه تحمل الإساءة قبل الثورة وبعدها، وإنه سيواصل العمل السياسى خارج «الإطار القديم» وسيعود للشارع لاسترداد الثورة.. وأن الانتخابات الرئاسية القادمة «تمثيلية». حيّرنى انسحاب البرادعى هذه المرة إذا صح ما قيل إنه فعلها من قبل فى أكتوبر 2011 ثم علق انسحابه بطلب أمريكى من جانب الرئيس أوباما كما قالت الزميلة روزا اليوسف «15يناير» بواعث حيرتى يكمن بعضها فى توقيت الانسحاب فهل اكتشف البرادعى فجأة أن العملية السياسية لن تحقق أهداف الثورة فقرر استردادها على طريقته .. وكيف له أن يحكم على الانتخابات الرئاسية ولم تبدأ بعد..!! لا ننكر أن الانتخابات البرلمانية شابها قصور لكنه لا يرقى للطعن فى مصداقيتها ، ولا يعنى الانقلاب على نتائجها التى تعبر عن رغبة الناس أيا ما تكن درجة صواب تلك الرغبة. حينما عاد البرادعى إلى مصر بعد انتهاء ولايته فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفعما بأشواق التغيير أيام النظام السابق تفاءلت به لأقصى درجة، وازداد إعجابى حين طالب بخروج المليونيات إلى الشوارع لإسقاط النظام وقت قوته قبيل انفجار ثورة يناير.. كان الرجل واضحاً .. وكان مؤثراً فى تفجير الأحداث.. لكنه - وهذا سبب آخر للحيرة- كثير السفر للخارج فى أوقات الشدة واليسر، ولا ندرى سببا معتبراً لذلك.. فرجل فى حجم البرادعى يجب أن يظل وسط الجماهير أو على الأقل فى طليعة أعوانه وداعميه الذين انشأوا له صفحة «حملة دعم البرادعى» فى الفضاء الإلكترونى.. وهو ما جعل حضوره فى ذلك الفضاء ربما أقوى من حضوره فى الشارع وبين بسطاء الناس..!! وإذا كان ثمة انحراف عن مسار الثورة - كما علل الرجل أسباب انسحابه - فهل يكفى هذا الانسحاب لكى يقوّم هذا الاعوجاج.. وهل آية المناضل أن يترك سيفه ورمحه قبل أن تبدأ المعركة..؟! أم أن الرجل تأكد من انسحاب الدعم الشعبى عنه، وعدم وجود توافق سياسى حوله، فآثر الانسحاب حتى لا يجنى ثمار ذلك مزيداً من التراجع الشعبى...؟! وهل ظن البرادعى أن إعلان انسحابه سيحشد الناس حوله مطالبين بعودته كما حدث مع عبد الناصر - مثلا - عقب النكسة حتى ينافس من جديد فى السباق الرئاسى..؟! كان ينبغى للمناضل أن يواصل نضاله فالمعركة لم تحسم والشارع لم يقل كلمته بعد، وليس معنى حصول التيار الدينى على أغلبية برلمانية أنه مؤشر نهائى للسير بانتخابات الرئاسة فى المسار ذاته.. وهو ما يجعل توقيت الانسحاب مثيراً للريبة أكثر مما يبعث برسائل الرفض للأوضاع الحالية.. كنا نوجو أن يبقى البرادعى وسط أنصاره.. فمن يدرى.. لعله يكسب المنافسة، أو يخرج منها بشرف المحاولة بدلاً من أن يخون ثقة مرشحيه وينسحب دون أن يستطلع رأيهم فى ذلك.. فالمناضل ينبغى أن يكون آخر من يقفز من السفينة إذا جنحت وترنحت... وهو ما لن ينطبق أبداً على مصر فالله خير حافظاً لها.. وهو أرحم الراحمين. ثورتنا البيضاء غداً نستعيد فيه ذكرى ثورتنا البيضاء.. وإنى على ثقة أن الجميع سوف يكون على مستوى المسئولية .. ولن يسمحوا لأى عناصر مندسة بإفساد هذا اليوم العظيم.. هذه الثورة لن تفشل أبداً.. بعد أن قام بها الشعب كله وحماها الجيش العظيم الذى يجب أن نفتخر به.. ونقدر دوره الذى لا ينكره إلا جاحد.. الثورة حققت الكثير واستطاعت أن تسقط نظاما مستبدا استمر عقودا طويلة ،فنقلت البلاد إلى عهد جديد.. قائم على الحرية والكرامة والديمقراطية.. نعم هناك مطالب لم تتحقق بعد.. ولكن الثورة أيضاً مستمرة. تعالوا.. نبدأ مرحلة جديدة.. مرحلة البناء والعمل لنبنى «مصر الجديدة».. تحية لشهداء ومصابى الثورة فى ذكراها الأولى