لا يختلف الكثيرون على ان انسحاب الدكتور محمد البرادعى من انتخابات الرئاسة يمثل خسارة للعملية الانتخابية ، وان هذا القرار سينال كثيرا من زخم الانتخابات وسخونتها . ولا يختلف الكثيرون على ان البرادعى شخصية وطنية عاشقة لوطنها ، وانه كان له دور كبير فى الثورة ، ويكفى انه اول من قال ان الثورة ستنجح فى مصر حين يخرج مليون شخص للشارع يطالبون بالتغيير ويصرون عليه .. وان اختلف البعض مع فكر البرادعى او مع طريقته فى التعامل مع الاحداث او مع اصراره على السفر والتواجد فى الخارج فى اكثر الاوقات حرجا وسخونة مع الايام الاولى للثورة ، لكن لا ينسى احد ان البرادعى كان فى مقدمة الحشود التى خرجت للمطالبة بالتغيير والثورة يوم 28 يناير . وبلا شك فان انسحاب البرادعى جاء مخيبا لآمال الكثيرين من مؤيديه الذين كانوا يتطلعون لفوزه فى الانتخابات الرئاسية ليحقق التوازن مع اكتساح التيار الاسلامى لانتخابات مجلس الشعب، وبالتأكيد كان وجود البرادعى على رأس السلطة السياسية ووجود التيار الاسلامى على رأس السلطة التشريعية يمثل تنوعا مطلوبا ، وفى نفس الوقت جاء انسحاب البرادعى مخيبا لآمال حتى من كانوا سيعطون اصواتهم لمنافسيه ، لكنهم كانوا يريدون منافسة قوية وزخما فى المنافسة. عموما من حق البرادعى ان يتخذ القرار المناسب له وان يعلن انسحابه من الانتخابات، لكن المشكلة جاءت فى توقيت اعلان هذا القرار قبل ايام قليلة من الاحتفال بالعيد الاول لثورة 25 يناير وهى المناسبة التى تترقبها مصر كلها ما بين فرحة بالثورة وامل فى المستقبل واصرار على المضى قدما فى تحقيق اهداف الثورة ، وخوف مما سيحدث فى هذا اليوم مع انتشار بعض الدعاوى بثورة ثانية وظهور من يقول "باى باى سلمية" . واذا كنا نتفق مع الدكتور البرادعى فى ان هناك اخطاء شابت العملية الديمقراطية خلال الشهور الماضية وان الثورة لم تحقق اهدافها بعد، لكن لم يكن متوقعا من الرجل ان يختار هذا التوقيت الذى يدعو فيه البعض لثورة ثانية غير سلمية ليعلن قراره ويزيله بعبارات تشيع الاحباط والغضب ، وقد تصب - دون قصد منه - الزيت على النار . ويكفى ما ورد على لسان احد قادة الجمعية الوطنية للتغيير من ان البرادعى لن يترشح في عملية انتخابية مزيفة لأنه يرى أن نتيجة انتخابات الرئاسة محسومة مسبقاً ، وان الانتخابات شكلية ورئيس الجمهورية متفق عليه ، وان البرادعى سيقود ثورة جديدة تتحقق من خلالها كل أهداف 25 يناير . لا يستطيع احد ان يشكك فى وطنية الدكتور البرادعى ولا فى دوره الكبير فى ثورة يناير ولا يستطيع احد ان يلوم الرجل على قراره بالانسحاب من سباق الرئاسة ايا كان السبب فى ذلك ، لكننا نختلف معه فى توقيت الاعلان عن هذا القرار ، والذى يبدو كمن يضرب كرسى فى كلوب العملية الديمقراطية فى هذا لوقت الحساس والحرج ، كما نختلف مع قيادات الجمعية الوطنية للتغيير بان الانتخابات شكلية ورئيس الجمهورية متفق عليه وان البرادعى سيقود ثورة جديدة تتحقق من خلالها كل أهداف 25 يناير .. رفقا بمصر