دعا التوهامي العبدولي مساعد وزير الخارجية الذي يرأس حاليا حزب الحركة الوطنية التونسية لصحيفة «العرب اللندنية» إن العديد من الجمعيات القطرية ضالعة في تمويل الإرهاب في تونس، ودعا إلى ضرورة معالجة هذا الملف بشكل جذري. وبحسب التوهامي العبدولي، فإن الحكومة الحالية مدعوة إلى تحمل مسئولياتها تجاه النشاط المشبوه لهذه الجمعيات والأموال الطائلة التي تصلها من قطر وغيرها. وطالب الحكومة الحالية ب"فك ارتباط تونس بالدوحة على اعتبار حجم المخاطر المحدقة بها من خلال أموالها المشبوهة وعلاقاتها مع الجماعات الإرهابية". وقال ل"العرب":" إن المراهنة على قطر كانت منذ البداية خاطئة وإن تونس تضررت من دولة قطر لأن الجميع يعلم أنها ضالعة في تمويل العديد من الجمعيات المتشددة". ويعتبر متابعون أن ملف الجمعيات الخيرية في تونس الذي عاد ليطفو من جديد على السطح، مُرشح لأن يتفاعل خلال الأسابيع القادمة. وكانت تقارير كشفت عن أن عددا من تلك الجمعيات مرتبط بأحزاب دينية، وأخرى تتخفى ورائها جماعة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بينما تُستخدم جمعيات أخرى كغطاء لتجنيد الشباب التونسي والدفع به إلى ساحات القتال في سوريا. وتأتي دعوة العبدولي فيما ارتفعت الأصوات المطالبة بمتابعة نشاط الجمعيات والمنظمات الأهلية التي ثبت أن عددا منها مرتبط بجماعات خطيرة مُصنفة إرهابية. وتتساءل الأوساط السياسية التونسية حول ما إذا كانت حكومة مهدي جمعة حسمت أمرها باتجاه شن حملة واسعة ضد الجمعيات والمنظمات الأهلية ذات التمويل والنشاط المشبوهين، وذلك في أعقاب إعلان وزارة الداخلية عن اعتقال 11 عضوا ينشطون بإحدى الجمعيات الإسلامية بتهمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وكانت الداخلية التونسية ذكرت في بيان أمس الأربعاء أن وحدة مختصة في البحث في جرائم الإرهاب تابعة لها قدمت 11 موقوفا من أعضاء وموظفي "جمعية الخير الإسلامية" للمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة بتهمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب". وأشارت إلى أن النيابة العامة أمرت بفتح التحقيق حيث أصدر قاضي التحقيق أوامر إيداع بالسجن بحق رئيس الجمعية وعضوين آخرين للاشتباه في تورطهم في تمويل ودعم عمليات إرهابية والارتباط بمنظمات وجمعيات أجنبية تعمل في مجال تمويل المجموعات الإرهابية". واعتبر مراقبون أن عملية الاعتقال هذه تُعد مقدمة لحملة مرتقبة ضد الجمعيات الإسلامية ذات التمويل المشبوه، وذلك ضمن خارطة الطريق التي تلزم الحكومة الحالية بمعالجة شاملة لملف الإرهاب. وكانت وزارة الداخلية أقرت في وقت سابق بوجود نحو 150 جمعية إسلامية مرخصا لها "يشتبه بضلوعها في تمويل نشاطات إرهابية في البلاد"، وتعهدت بالعمل من أجل تجميد أموال مثل تلك الجمعيات. لكن الوزارة تراخت في اتخاذ الإجراءات المناسبة، ما دفع العديد من الأحزاب إلى مطالبة الحكومة بتنفيذ تعهداتها، لاسيما وأن ارتباطات تلك الجمعيات بتنظيمات إرهابية منها جماعة الإخوان المسلمين أضحت ماثلة للعيان، ولا تحتاج إلى دليل.