على الرغم من التصريحات المتواصلة لقيادات الأحزاب الدينية فى تونس بأن الحياة المجتمعية التى تميل إلى العلمانية لن تمس، فإن الخوف من طغيان مظاهر التدين على الشارع التونسى تزداد باطراد، مع تكرار حوادث اقتحام مجموعات دينية مؤسسات عامة فى تونس، وطرد أو احتجاز مديريها بحجة تطبيق الشريعة. آخر تلك الحوادث ما شهدته، أول من أمس، كلية الآداب والفنون فى ضاحية منوبة القريبة من العاصمة، حيث اقتحمت مجموعة سلفية متسلحة بشعارات وأعلام تطالب بتطبيق الشريعة، ومنح الطالبات المنتقبات جميع حقوقهن، وتخصيص أماكن لممارسة نشاطهن السلفى. وقامت هذه المجموعات الملتحية -بحسب شهادات الطلبة والعاملين فى الجامعة- باحتجاز عميد الكلية والاعتصام فى ساحة الجامعة إلى حين تلبية مطالبهم. الطلبة الذين وُصفوا بأنهم سلفيون نظموا اعتصاما، مطالبين بالسماح لطالبات منتقبات بدخول الجامعة، مما تسبب فى تعطيل انتظام الدراسة والامتحانات. ووقع الاحتجاج الذى شارك فيه عشرات فى كلية الآداب والفنون والإنسانيات التابعة لجامعة منوبة، وأكد عميد الكلية السيد الحبيب الكزدغلى، لموقع «الحوار» التونسى، أن عشرات السلفيين لا ينتمون إلى الكلية قاموا بمنع طلبة من إجراء دروسهم وامتحاناتهم، وقاموا بعملية مساومة وابتزاز مقابل منح جميع الحريات للمنتقبات، كما تم تهديده بشكل علنى بأنه سيبقى قيد الاحتجاز إلى حين تلبية جميع مطالبهم. ولا تعد هذه الحادثة، التى وصفها الإعلام التونسى «بالخطيرة»، الأولى من نوعها، حيث شهدت إذاعة «الزيتونة» للقرآن الكريم عملية اقتحام مماثلة من جماعة سلفية يقودها الشيخ عادل العليمى، الذى أعلن عن تأسيس هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى تونس، وتم على إثرها طرد مديرة الإذاعة السيدة إقبال الغربى، بحجة أنها غير مؤهلة لإدارة مؤسسة دينية، على حسب قولهم. وكانت حادثة مماثلة قد وقعت فى سبتمبر الماضى، حين احتج طلبة وُصفوا أيضا بالسلفيين، على منع طالبة منتقبة من التسجيل فى كلية الآداب بمدينة سوسة الساحلية (150 كيلومترا جنوب العاصمة تونس).