تشهد هذه الأيام عودة الكثير من فلول الحزب الوطنى والنظام السابق، الذين دخلوا الجحور مع سقوط مبارك وتخليه عن السلطة. يعودون الآن عبر قنوات يملكها فلول، ويعمل بها أيضا فلول، فى محاولة منهم لإغراق الإعلام على طريقة إغراق السوق بالمادة الإعلامية الفاسدة، والحفاظ على الوضع الذى كانوا عليه فى ظل النظام السابق، ذلك الوضع الذى كشفته الثورة العظيمة التى قام بها الشعب وأجبرت حاكما مستبدا فاسدا على الرحيل.. فهم كانوا مستفيدين من هذا الوضع، وعمالتهم لأجهزة النظام ولجنة سياساته مقابل النفوذ والثروات التى جمعوها ب«الحرام». لكنهم الآن يعودون بعد أن طردهم الناس من أماكن عملهم، وأصبحوا غير مرغوب فيهم، بعد أن استمروا سنوات يلعبون بعقول الناس، ويبشرون بالوريث الفاسد.. ويتطوعون فى مهاجمة المعارضين، معتمدين على توصيات وتقارير أمن الدولة الملفقة. كانوا عديمى الكفاءة إلا فى منافقة وموالسة النظام واتباع تعليمات الأمن، فرفعوهم إلى مصاف الكبار، الذين كانوا صغارا، ومنحوهم النفوذ والمال، وتركوهم يعملون بالسمسرة والحصول على مقابل تخليص أعمال الغير.. فأصبحوا أثرياء فى سنوات قليلة، يمتلكون الأراضى التى حصلوا عليها ببلاش، وتاجروا فيها.. وفيلات بتسهيلات من رجال أعمال روجوا لهم ودافعوا عن فسادهم. يعودون عبر برامج تافهة و«سبوبة».. ويحاولون أن يدافعوا عن أنفسهم مرة بأنهم ضُللوا مثل أفراد الشعب، على الرغم من أنهم لم يكونوا يتعاملون أو يرضون أن يتعاملوا مع الشعب.. فقد أتوا بهم ليكونوا بلطجية للنظام ومنحوهم الحصانة لحمايتهم من مقاضاتهم. يعودون الآن اعتمادا على طيبة الناس.. تلك الطيبة التى تحملت 30 عاما من الفساد والاستبداد والقهر والقمع والتعذيب.. والكذب والنفاق وتجريف الحياة.. والاستيلاء على المال العام، وبيع البلد بثمن بخس، وتوطيد العلاقة مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية التى كان يتاجر بها والقضايا العربية.. يعودون الآن.. وبعضهم يتحدث عن أنه ثورى، وناقص يقول إنه كان فى الميدان وشارك فى الثورة وهتف بإسقاط النظام، بعد أن قال إن أولاده كانوا فى التحرير.. وبعضهم يتحدث عن الثوار الذين كانوا فى مؤسسته وكانوا تحت رعايته.. وشاركوا فى الثورة.. وربما بناء على تعليماته. يعودون الآن، ولسان حالهم، يقول إن الرئيس السابق المخلوع حسنى مبارك هو الذى شجع وحمى الثورة. يعودون الآن ببجاحة وقلة دم، لم يكن أبدا عندهم دم فى حياتهم. يعودون الآن ويقولون بكل فجاجة، إنها لم تكن ثورة ولا يحزنون، وإنما الحكاية كلها فعل ثورى (!!) وكأنهم لم يروا الملايين التى خرجت إلى الميادين والشوارع.. وصل الأمر إلى الذهاب إلى القصر الجمهورى فى القاهرة والإسكندرية، ليجبروا مبارك على التنحى، على الرغم من كل المماطلات التى كانت تمارسها عائلة مبارك وعصابته على البقاء فى السلطة تحت أى ظرف، حتى لو كان على حساب دم الشهداء، الذى سقط طاهرا فى ميادين وشوارع مصر والآلاف من المصابين الذين تمت تصفية عيونهم على يد قناصة النظام.. وعلى حساب اقتصاد البلد الذى لا يهمه.. فقد باع البلد للمحاسيب مقابل عمولات له ولأولاده. يعودون الآن للدفاع عن فساد النظام السابق، وهم الذين كانوا يسبونهم ويكتبون عن فسادهم وعن عصابة «أبناء الرؤساء»، ويتهمونهم بالفساد والإفساد قبل ضمهم للحاشية، فيصبحون من الموالين مقابل النفوذ والفلوس والحصانة.. وبالنفوذ يبتزون الناس ويحصلون على أموالهم كتعويضات، على الرغم من أنهم لا يستحقون(!!). يعودون الآن وقد شجعتهم الاختيارات الأخيرة من الوزراء والمحافظين.. فها هو على السلمى، نائب رئيس الوزراء، فهو من الفلول أيضا، الذى يستولى الآن على الوزارة من الحوار الديمقراطى إلى القطاع العام.. جاء من ظل السيد البدوى، الذى جعل الوفد لا يختلف اختلافا كبيرا عن الحزب الوطنى المنحل. ناهيك عن وزراء آخرين.. وأيضا المحافظين.. فقد عاد «الفلول» وبرعاية عصام شرف والسلمى والمستشار عطية.. بل وصل بعض المحافظين الفلول إلى أنهم جاؤوا برعاية قيادات كبرى فى المجلس العسكرى. إنهم معندهمش دم.