المشروع النهضوى التركى ذو المرجعية الإسلامية بامتياز، كان حاضرا فى المسودة الأولى لبرنامج المرشح «المحتمل» لرئاسة الجمهورية عبد المنعم أبو الفتوح، كاشفا فى الوقت ذاته عن ملامح رؤية ليبرالية، تبتعد قليلا عن استخدام الشعارات الدينية، مؤكدا ضرورة تحقيق أهداف الثورة، التى تخص الإنسان فى المقام الأول وهى: «عيش، حرية، عدالة اجتماعية». أبو الفتوح الذى عُرف ب«المفكر الإصلاحى» داخل جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن يتركها جعل من النظام المختلط «برلمانى رئاسى» منهجا لنظام الدولة فى حال وصوله إلى الحكم، وقال فى مسودة برنامجه، إن هدفه هو إعادة التوازن بين السلطات الثلاث، عن طريق اعتماد النظام «المختلط» مع تقليص سلطات الرئيس بما يحصرها فى النطاق التنفيذى، وإلغاء أى ولاية له على السلطتين القضائية والبرلمانية، ودعم استقلال القضاء، وتفعيل وتوسيع سلطة البرلمان، ودعم آليات الرقابة الشعبية عليه، والعمل للوصول إلى نظام برلمانى بنهاية الفترة الرئاسية الأولى. يطرح الرجل رؤية اقتصادية وسطية، بين الرأسمالية والاشتراكية، كذلك يؤكد انحيازه إلى الفقراء، عن طريق تفعيل أشكال الملكية والإنتاج المختلفة، وعدم قصرها على ثنائية القطاع العام والقطاع الخاص، وتحويل الاقتصاد المصرى من اقتصاد «ريعى» إلى اقتصاد «منتج»، يعتمد على صناعات فيها ميزة تنافسية. القيادى الإخوانى السابق، يحاول خلال برنامجه العمل على تقليل العجز المزمن فى الميزانية بشكل سنوى عن طريق زيادة الموارد العامة، وتحجيم الإنفاق العام مع تطبيق قاعدة «وحدة الموازنة لسد الأبواب الخلفية لها»، مع وضع ضوابط للاستثمار الأجنبى. وضع أبو الفتوح أولوية للإنفاق العام فى قطاعى الصحة والتعليم، وتوجيه الموارد المهدرة نحو الاستثمار الاجتماعى فيهما، مع الاعتماد على إعادة هيكلة الأجور من خلال رفع الحد الأدنى، وتطبيقه على القطاعين العام والخاص والجهاز الحكومى، ووضع سقف للدخول الشاملة للعاملين فى القطاع العام والهيئات الاقتصادية والجهاز الحكومى، مع آلية مرنة لزيادة الأجور سنويا، فضلا عن اعتماد سياسة ضريبية تعطى الضرائب المباشرة والتصاعدية الإسهام الأكبر فى الوعاء الضريبى. ويقدم أبو الفتوح علاجا لمشكلة البطالة، يتمثل فى تأسيس قاعدة بيانات تقوم على مسح شامل للعاطلين، وربطهم بسوق العمل، وإطلاق برنامج قومى لتدريبهم، إضافة إلى تشجيع التوسع فى المشروعات المتوسطة والصغيرة، مع اعتماد خطط طويلة المدى مثل إصلاح التعليم، وإعادة توجيه الاستثمارات مع الإصلاح الهيكلى والمؤسسى. ويتناول المحور السياسى فى برنامجه، آليات تمكين المواطن المصرى، وتأكيد دوره فى صياغة القرار الوطنى، من خلال إعادة تعريف علاقة الدولة بالمواطن، لتقوم على «التكامل لا التبعية»، وذلك عن طريق تعميق أفكار «الديمقراطية التشاركية»، وذلك باعتماد فلسفة التخطيط بالمشاركة، وانتخاب القيادات على المستوى التنفيذى، وإطلاق حرية التنظيم الجماعى على المستويين الجغرافى والفئوى، وضمان الحريات الفردية، وحرية التعبير والإبداع والإعلام. الفساد الذى ضرب مصر فى العقود الأخيرة، يحاول أبو الفتوح أن يجد له حلا، من خلال تفعيل الأجهزة الرقابية، وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية، ودعم اللا مركزية والمراقبة الشعبية مع تفعيل سلطات المستويات المحلية وربطها بآليات المراقبة الشعبية، فضلا عن وضع نظام قانونى يمنع تعارض المصالح الخاصة للمسؤولين الحكوميين والعاملين فى القطاعات المختلفة بالدولة مع الصالح العام، وتحديد ما يتقاضاه المسؤولون بالدولة من مستحقات مالية. برنامج أبو الفتوح يستهدف أيضا محاولة استعادة مصر دورها الإقليمى، الذى تفرضه ضرورات الأمن القومى والانتماء العروبى والإسلامى لمصر، من خلال اعتماد سياسة خارجية تستند إلى استقلال الإرادة الوطنية المصرية. التعامل مع قضية النيل، يعطيه أبو الفتوح أولوية «أمن قومى»، التحديات الطائفية، بالطبع لها مكان فى برنامج المرشح «المحتمل»، وربما كل المرشحين أيضا. لكن أبو الفتوح يرى ضرورة إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة ومكافحة التمييز فى إطار يضمن استقلاليتها وفاعليتها، كما يعتبر الرجل قضية البحث العلمى أولوية تتعلق بالأمن القومى. وتطرق برنامجه أيضا إلى تأمين المناطق الحدودية عن طريق إدماج مواطنيها فى الإطار العام للدولة بعيدا عن الحلول الأمنية.