أعتقد أن الضغط الشعبى المصرى على إسرائيل المتمثل فى محاصرة السفارة، بكل ما فى هذا العمل من عشوائية وانفعال عاطفى بهدم الجدار، الذى بناه الجيش بإنزال العلم بكل هذه المظاهر التى هاجمها كثيرون، واعتبروها تؤدى إلى تأزم العلاقات الدولية مع وجود احتمالات لأن تتعرض مصر لعقوبة قانونية دولية بسبب هذه التصرفات.. أعتقد أن كل هذا صب فى مصلحة إتمام صفقة مبادلة الأسرى الفلسطينيين بالجندى الإسرائيلى، تلك الصفقة التى كانت تعانى من فشل متكرر على مدى السنوات الماضية، كان لا بد من هزة قوية تعيد إليها الحياة، وتجعل إسرائيل تعيد حساباتها، الضغط الشعبى المصرى بما تضمنه من أداء بدا للبعض متهورا وفوضويا لا بد أنه جعل إسرائيل تشعر بخطر ما، أضف إلى ذلك تحركات حكومة فلسطين فى سبيل الحصول على عضوية الأممالمتحدة، ثم أضف إلى كل ذلك مهارة المخابرات المصرية فى استثمار كل ما يحدث بطريقة تستحق الإشادة بمجهوداتها التى أبهجت الفلسطينيين، وأعادت إلى مصر جزءا من بريقها. لكن الشرارة الأولى بدأت من الجماهير الغاضبة، التى جعلت سفير جهنم يضطر للعودة إلى بلاده، وهنا أعود فأكرر ما قلته على هامش أحداث السفارة وقتها فى أحد المقالات (بصراحة لا يوجد شخص يعرف الصح والغلط، لأن الثورة نفسها ليس لها كتالوج، ومن يخبرك بغير ذلك فهو رجل هجاص، منذ يوم 25 يناير، وكل ما نتخيل أنه خطأ ثورى يتضح لنا بعض مرور وقت قصير أنه كان صح جدا، وكل ما كنا نتخيل أنه ثوريا صح جدا يتضح بعد مرور الوقت أنه كان خطأ عظيما، وأنا من هنا أتوجه بنداء لأى شخص يمتلك نسخة من كتالوج الثورة أنه مايخبيش حاجة علينا، والنبى يا إما يقولنا ما يجب وما لا يجب، يا إما يرحمنا من الأستذة علينا، والدب فى الجناب والتقطيم). أنا لا أمنح بطولة هنا لأحد، ولا أبرر ما اعتبره البعض خطأ كبيرا، لكننى ألفت النظر إلى أن غضب الجماهير فى أحداث السفارة لعب دورا فى إتمام هذه الصفقة، ولن أقول أرغم ولكن أقول حرض إسرائيل على أن (تجر ناعم)، لعبت الجماهير دورا فى إتمام الصفقة دون أن تقصد.. من كان يقول وقتها إنه عمل عظيم النفع أقول له (كان عملا أبهج البعض، لكن لم يكن هناك أى دليل على أنه عمل عظيم النفع).. ومن كان يقول وقتها إنه عمل ضار أقول له (رب ضارة نافعة). فى الوقت نفسه الذى كان الأسرى الفلسطينيون يتنسمون الحرية، وهم يقتربون من منازلهم، كان المتهمون فى أحداث السفارة يغادرون مقر النيابة العسكرية بعد إخلاء سبيلهم.. حاولت أن أربط بين المشهدين لأصل إلى نتيجة تبهرك يا صديقى القارئ.. ثم اكتشفت أنه مش وقته.. حمدا لله على سلامة الجميع.