ما سوف أرويه لكم، يصلح فقط أن يدخل في موسوعة خوارق الطبيعة.. الوزير الأسبق فاروق حسني أعلن مؤخرا أنه كان مكروها من سوزان مبارك طوال السنوات الخمس الأخيرة من عمره في الوزارة.. جابر عصفور وزير الثقافة، الذي حصل على لقب الأسبق، أعلن مؤخرا أيضا أنه كان أول المعترضين على أن تسمى أكبر جائزة أدبية في مصر باسم «مبارك»، ولهذا فهو الآن أول المهنئين بأن صارت تحمل مؤخرا اسم «النيل»!! ليس مطلوبا ممن تورطوا في عهد مبارك وكانوا جزءًا أساسيا من ذراع السلطة لتدجين المثقفين أن يتحولوا اليوم إلى أبطال ومناضلين ضد الفساد والتوريث، يكفي أن يصمتوا حتى يداوي الزمن خضوعهم الشائن!! هل يستمر فاروق وزير ثقافة 23 عاما إلا إذا كان مطيعا لمبارك ولزوجته في ظل نظام فاسد يسبق فيه الولاء الشخصي للأسرة على الكفاءة.. فاروق قال إنه لم يكتف برفض التوريث بقلبه، وهو أضعف الإيمان، لكنه أعلنه بلسانه وهي درجة عالية من درجات الإيمان، وحرص على أن تصل هذه الرسالة إلى سوزان، ورغم ذلك أبقته على مقعده وزيرا، بل دعمته الدولة بأوامر من الرئيس وزوجته في معركة اليونيسكو وقال له مبارك بعد الهزيمة قولته التي صارت مثلا: «ارم وراء ظهرك يا فاروق».. فاروق هو أكثر الوزراء إدراكا لقوة ونفوذ سوزان، وكان هو الأقرب لها وكثيرا ما دافعت عنه عندما كانت تواجهه عواصف التغيير التي كانت تتوجه إلى البحث عن قيادات أصغر سنا لتتوافق مع عمر الوريث.. كان فاروق هو الاستثناء الوحيد في وزارة نظيف، فاحتل موقع أكبر الوزراء سنا.. راجع صور فاروق المتمرد الثوري الآن ضد التوريث تذكروا تلك الانحناءة التي كان يحرص عليها في كل الصور التي جمعته في السنوات الخمس الأخيرة مع سوزان تذكروا تلك النظرة التي تحمل كل الامتنان والعرفان لولية نعمته.. من الذي كان يحدد أسماء القيادات في وزارة الثقافة سوى السيدة التي كانت تعامل كملكة متوجة؟ لقد كان فاروق ينفذ كل أوامرها فهل يجرؤ أن يقول لا لابنها؟! ويبقى المناضل الأكبر جابر عصفور الذي سارع في العام الماضي بقبول جائزة القذافي التي يصل مقدارها المادي إلى نحو مليوني جنيه، وهى نفس الجائزة التي رفضها أكثر من أديب عالمي، لأنهم يعلمون أن الغرض منها هو منح معمر صفة الرئيس العادل المدافع عن الحرية، رغم أن الجميع يعلم أنه أكثر رؤساء الدنيا الذين يقهرون شعوبهم ويناصب الأدباء والمثقفين العداء، عدد من الأدباء العرب طالبوا وقتها عصفور بألا يقبل الجائزة، لكنه أمام قيمتها المادية هرول إلى ليبيا وكان معه على الطائرة عدد من الأدباء المصريين يقودهم د.يحيى الجمل ليس بصفته أديبا بالطبع، بل صديقا مقربا للقذافي.. الكل كان في الطائرة يحاول أن يقرص العريس عصفور في ركبته لكي يحصله في جمعته.. كيف أن من يهرول لجائزة تحمل اسم القذافي نصدق أنه كان له تاريخ نضالي مشرف ضد جائزة تحمل اسم مبارك!! لقد اختار مبارك «عصفور» في آخر وزارة شكلها لكي يستعيد بها حكمه ووافق عصفور على أداء هذا الدور، وقبل يومين من تنحي مبارك بعد أن تأكد من غرق السفينة كان هو أول القافزين منها.. إديني عقلك.