«القذافي» أم المليون

هل يستطيع «د. جابر عصفور» أن يعلن علي الملأ أنه لم يستطع أن يقاوم مبلغ المليون جنيه ولهذا وافق علي قبول جائزة تحمل اسم الرئيس الليبي «معمر القذافي» أم أن الحقيقة هي أنه يشعر بأن جائزة باسم العقيد «القذافي» قيمتها الأدبية تتجاوز أموال الدنيا؟!
لا أستطيع أن أحكم علي النوايا إلا أننا بالتأكيد لم نصل بعد إلي هذه الدرجة من الصراحة مع النفس ومع الناس.. الأديب في مصر هو أقل خلق الله تمتعاً بمباهج الحياة.. رقم المليون لم يعرفه إلا بعد أن تجاوز عامه الثمانين الأديب العالمي الكبير «نجيب محفوظ» بعد حصوله علي جائزة «نوبل» بينما نجوم التمثيل والطرب والفضائيات يتجاوز بعضهم رقم المليون وهم لم يكملوا بعد الثلاثين!!
جائزة الرئيس الليبي «معمر اللقذافي» تحيطها العديد من التساؤلات والهواجس، حيث إن الأديب الإسباني «خوان غويتسللو» رفض استلامها احتجاجاً علي القمع الذي يمارسه «معمر القذافي» في الجماهيرية الليبية ضد زملائه الأدباء.. بينما «د. جابر عصفور» سافر لاستلام الجائزة ومعه كوكبة من أهم وألمع كتاب مصر وهذا يعني بالطبع نوع من التعضيد والمبايعة والتأكيد أن قبول الجائزة لا يوجد فيها ما يشوب.. وكأنهم يصحبونه إلي حفل عرس.. لو أن هذه الجائزة بلا قيمة مادية هل كان سوف يسافر «د. جابر» ومعه كل هؤلاء الكبار.. أم أن موقعه السابق كأمين عام للمجلس الأعلي للثقافة علي مدي 10 سنوات يجعل الجائزة بالنسبة له لها وجهها السياسي لأن «د. جابر عصفور» لا يزال أيضاً داخل دائرة النظام مسئولاً عن مركز الترجمة وكل شيء محسوب.. ومواقف الأديب السياسية لا ينظر إليها بمعزل عن موقعه.. اقتراب المثقف من الدولة في مواقع قيادية وفي كل العهود ظاهرة لا يمكن إغفالها وتتعدد الأسماء «أحمد لطفي السيد»، «طه حسين»، «توفيق الحكيم»، «يحيي حقي»، «نجيب محفوظ»، «صلاح عبد الصبور» وغيرهم.. وسوف أضرب مثلاً بصلاح عبد الصبور عندما راجعت مؤخراً الوثائق التي قدمها كاتبنا اللامع «حلمي النمنم» عن موقفه من إقامة جناح لإسرائيل في معرض الكتاب باعتباره مسئولاً قبل 30 عاماً عن المعرض تكتشف أنه كان يسعي للخروج من المأزق وأيضاً البقاء علي مقعده.. كان يتمني أن يعثر علي ثغرة إدارية تمنع مشاركة إسرائيل بدون أن يثير غضب الرئيس «السادات» ولكنه عندما علم أنها إرادة الرئيس انصاع للأمر.. المؤكد أن شيئاً من هذا نجده في كل من يقترب من الدولة.. هذه المرة مع جائزة «القذافي» عليك أن تضع في المعادلة كل ذلك وأيضاً مبلغ مليون جنيه!!