كأن مصر بكل تاريخها، تنتظر السلفيين لأن يأخذوا بيدها. الشيخ ياسر البرهامى، أحد رموز السلفية، كان ضيفا غير عادى فى مؤتمر عقده حزب النور فى المنيا. البرهامى قال، كعادته، إنه وجماعته يحاولون أن يأخذوا المجتمع المصرى ناحية اليمين، فى حين أن الليبراليين والعلمانيين يحاولون جره ناحية الشمال بنشر الإباحية، مضيفا أنه فى حال اتبع المرشحون فى الانتخابات القادمة البلطجة والعنف فسيستخدم السلفيون سيوفهم الحضارية. القيادى السلفى، قال إن غالبية الشعب المصرى تريد تطبيق شرع الله، مضيفا أن الدعوة السلفية تعرضت لهجوم شرس واضطهاد خلال الفترة السابقة، عندما رفضت فصل الدين عن السياسة، موضحا أن السلفيين ليسوا «متلونين»، فانخراطهم فى العمل السياسى، والمشاركة فى الانتخابات البرلمانية محل اجتهاد، خصوصا أنهم يبحثون عن كل ما يجلب المنافع ويدفع المفاسد. البرهامى أشار إلى أنه ليس من المعقول أن لا يكون لهم موقف من القضايا السياسية، «فى الفترة السابقة كنا نرفض المشاركة فى الانتخابات والسياسة بسبب التزوير القذر الذى كان ينتهجه النظام القديم». مصر عاشت فى دولة بوليسية. قالها البرهامى، مؤكدا أن دولة المخلوع كانت تعطى مساحة لتحرك التيارات الإسلامية، تارة لتحقيق توازنات، ثم تضيق عليهم تارة أخرى، وأضاف أن البعض يريد أن تكون الدولة مدنية، والمدنية معناها «الحرفى»، كما يذكر برهامى «الدولة اللا دينية»، التى تطبق قوانين تخالف شرع الله، ويكون جزاء من يتلو آيات الله السجن مثلا. البرهامى أشار إلى أن تطبيق الشريعة ستتحقق من خلاله جميع مصالح المصريين، متهما من وصفهم بكتاب «الأدب الإباحى» بأنهم زنادقة ويجب التصدى لهم، كما شن هجوما على رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، لأنه طالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور، ثم عاد وطالب بتعديلها ثم بالإبقاء عليها، وبعدها تم إرغام شيخ الأزهر على إقرار وثيقة المبادئ لضرب أى محاولات لتطبيق الشريعة. الرجل انتقد أيضا مطالب مرشحى الرئاسة المحتملين، الدكتور محمد البرادعى وأيمن نور، بتطبيق دستور 23، الذى تأتى الشريعة فيه فى المرتبة الرابعة. وأوضح أن الأمة مرت بعدة مراحل من التغريب بدأت عندما احتل الإنجليز مصر، فكان آخر الزعماء الملتحين والمتدينين هو أحمد عرابى الذى ثار ضد الاحتلال، وعندما تولى محمد على حكم مصر دخلنا فى حرب التغريب الحقيقية التى ما زلنا نعانى منها حتى الآن، ثم جاء سعد زغلول الذى رفع من على وجه زوجته النقاب وبعدها دعوة قاسم أمين إلى تحرير المرأة، حتى إن أقارب التيارات الإسلامية والإخوان المسلمين فى تلك الحقبة لم يكونوا ملتزمين بالحجاب، حتى جاءت مرحلة الصحوة الإسلامية. البرهامى قال إن حرب التغريب فى جميع أنحاء العالم بدأت ضد المسلمين بشراسة بعد سقوط الدولة العثمانية وحتى الآن، فالمسلمون فى القوقاز يتعرضون لانتهاكات بشعة وبعضهم لا يعرف من هو محمد، وإذا سئل عن ربه سيقول المسيح. وانتقد الشيخ السلفى أيضا بعض القوانين التى أقرها الأزهر مثل رفع سن الزواج والطفولة، وأشار إلى أن رفع سن الطفولة ترتب عليه عدة أزمات منها صعوبة شهر الإسلام، وأوضح أن الأزهر يقوم بتدريس الشريعة فى مناهجه لا المبادئ العليا للشريعة التى أقرها فى وثيقته، التى وقفت عند حقوق الإنسان، كما أن المادة الثانية من الدستور كان يعتبرها البعض مادة ديكورية وغير مفعلة، كما وصفها الدكتور يحيى الجمل فى أحد تصريحاته. وردا على أسئلة حول موقف السلفيين من التنسيق مع التيارات الأخرى فى الانتخابات القادمة، قال برهامى إن جمع الإسلاميين فى قائمة واحدة سيعرضهم للخطر، مشيرا إلى أن السلفيين يرفضون بشكل قاطع التحالف مع الأحزاب العلمانية، لكن من المحتمل أن يكون هناك تنسيق على المقاعد الفردية، وإذا وجدنا مرشحا أفضل فى دائرة «سنقوم بسحب مرشحنا شريطة أن يدعم المرشح الآخر المشروع الإسلامى». البرهامى أنهى مؤتمره فى المنيا وانتقل منها إلى بنى سويف ليلقى كلمة فى مؤتمر جماهيرى حاشد بشارع عبد السلام عارف، بحضور رموز وقيادات الدعوة السلفية ومرشحيها فى الانتخابات البرلمانية ونحو 10 آلاف من الحضور. البرهامى قال إن رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان جاء إلى مصر للدعوة إلى العلمانية قائلا «لقد ادعى أن العلمانية لا تخالف الدين لأنها علمانية الدولة وهذا فهم خاطئ، لأن الإسلام ليس مقتصرا على الصوم والصلاة وهى نفس فكرة من يقول إن المادة الثانية من الدستور ديكور».