تنقلت سلسلة مقالاتى «مخرج على الطريق» عبر عشرين سنة تقريبا. أول ظهور بدءا من عام 1992 فى جريدة «الحياة اللندنية» ثم بعد فترة توقف عدت للنشر فى «القبس الكويتية» من عام 1997، ونحو 200 مقال أسبوعى، إلى أن قررت الجريدة تغيير جلدها خصوصا صفحتها الفنية استعانة باستشارة أجنبية. دعيت فى ما بعد للكتابة تطوعا فى جريدة «القاهرة» الأسبوعية ولم تدم إسهاماتى طويلا إثر انسحابى عقب رفض رئيس التحرير نشر أحد المقالات. كان المقال المرفوض هو أول مقال ينشر لى بعد ذلك فى جريدة «الدستور الأصلى» قبل قرصنتها. بمراجعة المقال المرفوض-المقبول يخيل لى أن صاحب الرفض اعتقد أننى أقود حملة دعائية للنبيذ، خصوصا افتتاحيتى للمقال «أى نبيذ فى الدنيا يستحق تذوقه لا بد وأن يحمل اسما فرنسى اللغة، أو على الأقل ينطق اسمه بلكنة فرنسية». ربما ظن رئيس التحرير فى محله لولا أن الحقيقة أن ما كتبته لم يخص فقط النبيذ، بل عن مقابلة الفنان حسين فهمى فى الحفل وتبادل ذكرياتنا فى أثناء تصوير فيلم «موعد على العشاء» حين دعانى مع مدير التصوير محسن نصر على أكلة سمك بأحد مطاعم أبى قير الشهيرة، واستعرض أمامنا خبرة تذوقه وعلاقته الحميمة بالنبيذ. أما الآن فأتابع مشوارى بعد الثورة على صفحات «التحرير» دون أى تلميحات لأى مشاريب كحولية أو حتى الشاى بالنعناع. وكم راودتنى فكرة جمع بعض هذه المقالات فى كتاب يوما ما. لكن ما هو أهم من ذلك ويخطر ببالى مرارا كلما عدت أتصفح ما كتبته عبر السنوات هى الرغبة الملحة فى إعادة تقديم بعضها، مع ضرورة التعديلات والإضافات كلما لزم الأمر، من أجل التواصل مع قارئ جديد يطل على المقال لأول مرة. أيام المدرسة كانت حصة الإنشاء هى حصتى المفضلة أنطلق بشغف على الورق وأحيانا كثيرة شفهيا مع إلحاح الفصل كله مطالبا «خان.. خان يا أستاذ»، فأسرع بالوقوف أمامهم مستحوذا كليا على انتباههم ومستمتعا باللحظة قبل أن أحكى وأنسج قصصا فورية من صنع خيالى. فأعترف أن الكتابة دائما كانت ولا تزال عشقى الآخر بعد حبى الأزلى للسينما.