يبدو أن القوى السياسية التى ذهبت للاجتماع بالمجلس العسكرى يوم السبت أول أكتوبر لتسمع قراره فى مطالب شعب مصر التى أعلنها المتظاهرون يوم الجمعة 30 سبتمبر قد عادت ومعها السلطانية بدلا من الحصول على تاج الجزيرة الذى ذهبوا لإحضاره. لم يتحقق تقريبا أى مطلب من مطالب الثوار. على سبيل المثال فإن المطلب المُلحّ بإلغاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية لم يتحقق. ما تحقق هو الحصول على وعد بأن المدنيين سيظلون يحاكمون أمام المحاكم العسكرية فى القضايا التى نص عليها القضاء العسكرى! وأعتقد أن فتحية لموناتة يحق لها أن تضحك ملء فمها لأن السادة مسؤولى الأحزاب قد فرحوا وزأططوا للنتيجة السابقة. كذلك لم يتحقق مطلب إلغاء قانون الطوارئ الذى أراه مطلبا سخيفا ما كان يصح أبدا أن تقبل القوى السياسية الحديث بشأنه.. والحقيقة أننى أشعر بحنق بالغ نتيجة ترديد وتكرار هذا المطلب العبثى من جانب أناس يحسن الواحد الظن بهم، فالطوارئ قد انتهت بالفعل، وقد أوضح المستشار طارق البشرى وغيره من الفقهاء هذا الأمر بمنتهى الوضوح، والحديث فى الموضوع بعد ذلك هو محض استعباط.. ما كان يجب الحديث بشأنه هو التوقف عن الزعم بأن الطوارئ لا تزال سارية لأن هذا الزعم ينتهك القانون والدستور وينال من مصداقية من يقولون به لأنهم سيصيرون مستندين إلى شرعية أحمد عز وفتحى سرور وحبيب العادلى. كان يتعين على من حضروا اللقاء أن يسعوا لإنقاذ المجلس العسكرى من مخالفة الدستور وتوريط الشرطة فى القبض على الناس دون إذن النيابة تحت وهّم أن الطوارئ قائمة، وهو الأمر الذى سيوقع رجال الشرطة فى المحظور ويؤدى إلى محاكمتهم وإدخالهم السجن عندما تعود لنا مصر قريبا. بدلا من هذا فقد سعد السادة الحضور بوعد المجلس العسكرى لهم بالنظر فى قانون الطوارئ! وهنا أيضا استمرت فتحية لموناتة فى الضحك على السياسيين الطيبين الذين يُفترض أنهم يمثلون الشارع ويسعون لتخليصنا من حكم حسنى مبارك وطوارئه، فإذا بهم مشغولون بإحصاء عدد المقاعد التى سيريحون مؤخراتهم عليها فى الانتخابات القادمة! أما فى ما يخص الجدول المحدد لتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة فلم نسمع أى كلام مفيد فى هذا الأمر.. لقد كان مطلب القوى الوطنية وإنذار المرشحين الرئاسيين أن شهر فبراير 2012 أو مارس على أقصى تقدير يجب أن يشهد انتخابات الرئاسة، فإذا بأشاوس الأحزاب يعودون ظافرين ومعهم وعد بأن الانتخابات الرئاسية ستجرى ذات يوم من أيام عام 2013! هنا كذلك يحق للسيدة فتحية لموناتة أن تسمعنا شهقة إسكندرانى معتبرة. أما مطلب قانون العزل السياسى للمجرمين والمفسدين والقتلة الذين ما زالوا طلقاء ويسعون للعودة إلى مقاعد مجلس الشعب بعد أن حصلوا على تراخيص بسبعة أو ثمانية أحزاب هى الحزب الوطنى نفسه، فلم يحدث بشأنه أى شىء معقول.. كل ما فى الأمر أنه سيتم منع أحمد عز وصفوت الشريف وفتحى سرور والمرحوم كمال الشاذلى من الترشح فى الانتخابات القادمة.. أو هذا ما فهمته من أن رؤوس الحزب الوطنى سيتم منعهم! أما بالنسبة إلى بيضة الديك التى أطارت صواب القوم من الفرحة فهى إلغاء المادة الخامسة التى كانت تمنع الحزبيين من الترشح على المقاعد الفردية.. وهنا أكاد ألمح فتحية لموناتة مكسوفة أن تضحك لأنها تعرف أن هذه المادة كانت موضوعة لاستخدامها فى المفاوضات مع الشعب المصرى بغرض المساومة عليها ثم الموافقة على إلغائها، فيبدو الأمر كأن المجلس العسكرى قدم تنازلا هاما.. حكاية هذه المادة تذكرنى بالمشاهد الساخنة الإضافية التى دأبت المخرجة إيناس الدغيدى على حشرها فى أفلامها وهى لا تحتاج إليها ولا تودّ بقاءها بالفيلم، لكن تضعها من أجل أن تقضى الرقابة بحذفها، وبهذا يتركون لها بقية مشاهد الإمتاع والمؤانسة التى كانت تريدها من البداية. أيتها القوى الوطنية اللذيذة: مبروك عليكم السلطانية.