نالت حظها من التعليم بشهادة جامعية واكتفت بتربية أطفالها في حياة بسيطة.. سلفتها غارت منها لأنها الوحيدة المتعلمة.. وابنها: «فضلت تضرب ماما بالسكينة لحد ما موتتها» «سلفتي بلوتي».. مثل يتندر به أهل الريف وقراه البسيطة كلما حضرت الظروف مشكلة بين «سلايف» اعتادت إحداهما التجني على الأخرى والنيل منها ولو بتدبير الأمور لتظهر على غير حقيقتها، وكأن الدنيا وعذابها بالنسبة إليها أصبح وجود وسعادة زوجة شقيق زوجها، إلا أن ما حدث في عزبة «الجويني» التابعة لقرية «القضاه» بدائرة مركز كفر صقر، كان أمرا جديدا على كل من سمع بخلافات السلايف يومًا؛ إذ ضربت الغيرة قلب ربة منزل وجعلتها تستعين بوالدها وشقيقها لقتل «سلفتها»، لا لشيء إلا لأنها حصدت من التعليم والسيرة الطيبة بين الناس ما لم تنله هي. على بعد أمتار قليلة من مدخل العزبة الواقعة بأقصى شمال محافظة الشرقية، وبينما تقترب الشمس من المغيب يوم الخميس الماضي، كانت «سماح» بنت الخامسة والثلاثين ربيعًا، في منزلها تحمد الله على ما نالته من حظها في التعليم بحصولها على ليسانس آداب من جامعة الزقازيق، وحياة زوجية هانئة رزقها الله فيها على بعد أمتار قليلة من مدخل العزبة الواقعة بأقصى شمال محافظة الشرقية، وبينما تقترب الشمس من المغيب يوم الخميس الماضي، كانت «سماح» بنت الخامسة والثلاثين ربيعًا، في منزلها تحمد الله على ما نالته من حظها في التعليم بحصولها على ليسانس آداب من جامعة الزقازيق، وحياة زوجية هانئة رزقها الله فيها بثلاثة أطفال أصغرهم «منة الله» الرضيعة ابنة الثمانية عشر شهرًا، وزوج يعمل مدرسًا للغة العربية بمدرسة العزبة، بالكاد يرى الدنيا من خلف نظارة سميكة أورثته إياها الحياة وتعبه بين المدرسة وحراسة الأرض لتوفير نفقات بيته وزوجته وأطفاله الثلاثة. «إلحقوا فيه بقرة وقعت في البير».. كلمات صارخة علت شوارع وجنبات العزبة تدعو الجميع لإنقاذ بقرة أحد الأهالي، لكن في منزل «الأستاذ صلاح» كانت الأمور مغايرة ولا تدعو لنجدة أي شيء على الإطلاق؛ إذ فوجئ الرجل بوالد زوجة أخيه «رحاب» المعروفة بينهم باسم «ريم» يستقل دراجة بخارية «موتوسيكل» ويدفعه أرضًا فور خروجه من المنزل، لا لشيء إلا لأنه توعد ريم بالضرب بعدما تعدت على ابنته قبل نحو شهرين. بدلًا من استكمال طريقه ل«حصد» بعض الحشائش لأجل بقرته، سقط الزوج على الأرض متأثرًا بالدفعة المفاجئة التي تلقاها، فيما توقف والد زوجته ليُلقي دراجته جانبًا قبل أن يبدأ التشابك مع صلاح محاولًا النيل منه وتنفيذ تهديده الذي أعلنه صراحة أمام مرأى عدد من أهل القرية بأنه سيقتلهم. علت أصوات المشاجرة واستغاث الطفل الأكبر بوالدته فور سقوط والده على الأرض، لكن الأم فوجئت هي الأخرى بأن الرجل الكبير لم يحضر وحده للتشاجر مع زوجها، وهو الأمر الذي أكدته سلفتها التي هرولت نحوها بعدما نزلت عن دراجة أخيها، لكن الشر الظاهر في عيني ريم والسكين التي كانت بحوزتها أكدت حضورها للانتقام والقتل، وأن والدها وشقيقها جاءا لمساعدتها في ذلك ليس إلا. بطريقة آلية جذبت سماح «مقشة» كانت خلف باب المنزل وحاولت أن تدفع «الشرشرة» من أيدي زوجها ووالد سلفتها لئلا يقتل أحدهما الآخر، لكن الدفعة أطارت السلاح ليتحصل عليه والد سلفتها، فيما فوجئت سماح بريم تطعنها في ظهرها لتسقط أرضًا. تبدل المشهد تمامًا من مجرد شجار بين امرأتين إلى جريمة يصعب على أحد توقعها، وهو ما أكده «محمد» الطفل الصغير ابن العشر سنوات، الذي أوضح ما حدث لوالدته ولخص باقي الأحداث بكلماتٍ طفولية باكية: «مرات عمي خلت أخوها يمسك ماما وهي فضلت تضرب فيها بالسكينة اللي كانت معاها لغاية ما ماما شهقت مرة واحدة وسكتت بعدها وماتت». كلمات الصغير كانت أحد الأسباب الرئيسية لتوثيق الجريمة التي حدثت، حيث جرى ضبط المتهمة وشقيقها ووالدها، لكن أهل المتوفاة كشفوا عن تفاصيل جديدة تؤكد أن الجريمة سببها الرئيسي الغيرة ليس إلا، وفق ما توضحه «إسلام» شقيقة المجني عليها، مؤكدة أن المتهمة «طول عمرها بتغير من سماح علشان هي متعلمة عنها». «أبلة سماح ملتزمة ومؤدبة جدًا وهي الوحيدة في سلايفها اللي متعلمة تعليم عالي، وعلشان كده ريم من يومها وهي بتغير منها».. قالتها إسلام شحاتة ل«التحرير» موضحةً أن بداية المشكلات بين شقيقتها وسلفتها تعود لأكثر من شهرين: «كانت سماح عندها حمى ومعلقة محلول وجوزها راح الصيدلية يجيب ليها الدواء، لكن ابنها خد لعبة من إيد بنت القاتلة، فالقاتلة جريت ورا الواد ودخلت البيت وضربته قدام أختي، ولما أختي قالت لها كده عيب يا ظالمة ضربتها بالشبشب وعورتها في شفايفها». إسلام أشارت إلى أن شقيقتها أخبرتها بذلك لكنها لم تخبر زوجها صلاح، فما كان منها إلا أن أخبرته ليذهب الرجل إلى منزل شقيقه يشكو له ما حدث، فما كان من أخيه إلا أن جاء في صف زوجته وأكد أن سماح هي من أخطأت كما زعمت زوجته، لكن صلاح عاد مرة ثانية في عصبية وقلة حيلة يحمل قطعة خشب ويطلب من شقيقه النزول هو وزوجته، إلا أن الأخير لم يفعلها، ليغادر الزوج المكان بعدما ردد جملته الغاضبة: «ماشي يا بنت الكلب مش هاسيبك»، لكنه لم يفعل شيئا جديدا. طارت الكلمات لمسامع والد ريم، فيما بدأت الأخيرة «تتلكك» لسماح وتتربص بأي شيء لتنتقم منها بعدما تمكن زوج سماح من شراء نصف قيراط من أرض والده، فيما كانت ريم تطمح في ضمه إلى أرض زوجها هي، خاصةً أنه يسافر للعمل في السعودية لأجل التوسع في حياتهم، وجاءتها الفرصة عندما حاول طفلا سماح «محمد ومحمود» اللهو وإشعال نيران لشوي سمك، حيث امتدت النيران لحزم قش كانت بين المنزلين. تمكنت سماح من إخماد النيران وتهديد طفلها الكبير بأنها ستخبر والده فور عودته من العمل، إلا وهرب الصغير خارج العزبة، لكن ريم حضرت إلى المكان وأخذت تكيل السباب لسماح وتتوعدها بأن قالت «بتسلطي عيالك وعاوزين تولعوا في البيت.. يا أنا يا انتي في البلد وهاقتلك يا بنت الكلب»، وفق حديث إسلام، التي أوضحت أن أختها كان ما يشغل بالها وقتها البحث عن طفلها واستعانت في ذلك بأهل القرية ومكبرات المسجد، قبل أن يجدوا الطفل باكيًا على رصيف الطريق السريع بعدها بست ساعات. التقط الدكتور عادل حسن، ابن عمة المجني عليها، أطراف الحديث ليوضح أن جلسة صلح تمت قبل أكثر من شهر لمحاولة الصلح بين سماح وريم، حيث قالت سماح وقتها إنها تسامح في حقها، لكن ريم رفضت الصلح قبل أن يقوم والدها من فوره ويقول: «مش هنسامح ولازم نقتلهم»، مؤكدًا أن الشجار والتربص سببه شراء زوج سماح نصف قيراط ب25 ألف جنيه من والده لضمه إلى أرضه، حيث إن ريم كانت تريد شراء الأرض لزوجها لأجل ضمها لقيراط ونصف اشتراها من والده هو الآخر. وأشار الدكتور عادل ل«التحرير» إلى أن والد ريم منع زوجها من التدخل في الوقت الذي كانت ابنته تقوم فيه بقتل سماح، حيث استعان في ذلك ب«شرشرة» كانت بحوزته، مطالبًا بالقصاص العادل لدماء ابنة عمته «اليتيمة المغدور بها». محضر الواقعة، الذي حمل رقم 3324 إداري كفر صقر لسنة 2019، أشار إلى أن المجني عليها «سماح شحاتة مصطفى عبد المنعم» 35 عامًا، تعرضت لخمس طعنات أودت بحياتها، فيما اتهم زوجها «صلاح عبد الله أحمد علي» كلاً من: «رحاب.رمضان» وشهرتها «ريم» 30 عامًا، زوجة شقيقه، وشقيقها «سامح» ووالدها «رمضان» بالتهجم عليه وعلى زوجته في منزله، قبل أن يؤكد اتهامه للثاني بقتل زوجته. وفور ضبطها، أدلت المتهمة الرئيسية «ريم» باعترافاتها حول الواقعة، وأنها من قتلت المجني عليها بواسطة سلاح أبيض «سكين» كانت بحوزتها، وبمناظرة الجثة تبين وجود خمس طعنات في «منتصف الصدر والناحية اليسرى من البطن وآخر بالناحية اليمنى من البطن، وأسفل الصدر من الناحية اليمنى، وطعنة بالظهر أسفل الكتف اليسرى». جرى التحفظ على المتهمين الثلاثة وأداة الجريمة تحت تصرف النيابة العامة، فيما مثلت المتهمة جريمتها تحت أعين فريق من النيابة العامة، وجرى انتداب فريق من الطب الشرعي وتشريح الجثة لبيان أسباب الوفاة، فيما صرحت النيابة العامة بالدفن عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، وأمرت بحبس المتهمين على ذمة التحقيقات.