«الشيخ عيسى»، عزبة بسيطة تقع على الضفة الغربية لترعة «البحر اليوسفى»، فى مركز المنيا، تغلب الطيبة والبساطة الشديدة على أهلها، ونادراً ما تحدث بينهم خلافات، وبالأمس القريب استيقظ الأهالى على جريمة هزت مشاعر الجميع، حينما ألقت «أم» بطلفيها فى الترعة القريبة من منزلها فنجا أحدهما «رضيع» بينما غرق الآخر. الأم سمعتها طيبة ولا تعانى من مشاكل نفسية، والأب عامل على باب الله لكنه لا يشتكى العوز والفقر، غير أن خلافاته مع زوجته دفع ثمنها طفلاه البريئان، فهو يرفض أن تذهب زوجته لأسرتها، حتى فى عيد الأضحى منعها، وألقى عليها يمين الطلاق، والسبب، بحسب الجيران، أن والد زوجته رفض تزويج ابنته الصغرى من شقيقه، الغريب أن الأم القاتلة ارتكبت جريمتها ببرود أعصاب، حتى إنها التقت إحدى قريبات زوجها وابتسمت فى وجهها وألقت عليها تحية الصباح، فضلاً عن إلهائها الطفلة «ندى» ابنة سلفتها التى حاولت تعقبها فأعطتها «بسكويت» لكن الطفلة البريئة حينما نظرت للخلف شاهدت زوجة العم تقتل طفليها بيديها. «ضاحى»، فلاح، جد الطفلين، جلس أمام منزله بالعزبة، يتلقى العزاء فى وفاة حفيده الأكبر، محمد، 5 سنوات، مندهشاً مما فعلته زوجة ابنه «شيماء» بطفليها حتى الرضيع «هانى» لم تشفق عليه، رافضاً الحديث، مكتفياً بقوله «مراة ابنى مش مجنونة، وحالتها طبيعية جداً ولا تعانى من أى أمراض ولا تمر بأى ظروف مالية صعبة، هاقول إيه، الناس كلها عارفة اللى حصل، سيبونى فى حالى، بيتنا خرب وحفيدى مات»، بينما توجه والد الطفلين إلى غرفته بداخل المنزل، ولم يخرج منها بسبب شدة الصدمة. كانت تحسن معاملتهما ولا تعانى من أى أمراض.. ابنة عم الضحيتين تعقبت «القاتلة» وشاهدتها تلقى بهما فى الماء.. خلافات بين المتهمة وزوجها بعد منعها من زيارة أسرتها وإلقاء يمين الطلاق عليها دفعتها للتخلص منهما.. ومثلت جريمتها أمام النيابة العامة التى حبستها 4 أيام على ذمة التحقيقات «ربيع خ»، أحد الجيران، قص، ل«الوطن»، أسباب الخلافات بين المتهمة وزوجها، مؤكداً أن الزوج ألقى يمين طلاق على المتهمة بألا تذهب لمنزل أسرتها تحت أى ظرف، والسبب أنه قبل نحو عام أراد الزوج «رضا» أن يزوج شقيقه الأصغر لشقيقة زوجته الصُغرى، لكن والدها رفض طلبه، وقال له إنه يرغب فى زواجها من نجل عمها، ومن وقتها منع «رضا» زوجته «شيماء» من الذهاب إلى منزل والدها، مضيفاً: «الزوجة التزمت لمدة عام كامل بعدم الذهاب لمنزل والدها، أو أن يأتى أحد من أسرتها لزيارتها، حتى قام والد رضا بعقد جلسة صلح وتناول الجميع وجبة غداء داخل منزله، وبعد مرور أسبوع واحد، طلبت منه شيماء أن تذهب إلى منزل والدها فى عيد الأضحى، فرفض الزوج، وطالبها بتأجيل هذه الزيارة، الأمر الذى دفعها إلى الانتظار لذهاب زوجها إلى الحقل، واصطحبت ابنيها محمد وهانى، وألقت بهما فى ترعة البحر اليوسفى القريبة من المنزل، وخلال ذلك شاهدتها ابنة شقيق زوجها، وتُدعى ندى عبدالله (7 سنوات)، ما دعاها للصراخ ولفت انتباه الأهالى الذين سارعوا لإنقاذ الرضيع قبل أن يُفارق الحياة، بينما غرق شقيقه». وقالت «أ.م»، شاهدة عيان، ومن أقارب الزوج، إن المتهمة التى ألقت بطفليها فى مياه الترعة لا تعانى من أى أمراض نفسية أو عصبية، وهى فى الأساس من عائلة مقيمة بمحافظة بورسعيد، وهناك خلافات قديمة بين أسرتها وعائلة زوجها، ونجح والد زوجها فى الصلح بينهم قبل أيام من عيد الأضحى، وهى تعيش فى منزل مشترك مع زوجة شقيق زوجها، وفى يوم الحادث كان زوجها يعمل فى الحقل وكانت شيماء موجودة بالمنزل مع سلفتها ولها ابنتان هما «ندا وشيماء»، فأخذت المتهمة طفليها وخرجت للشارع فسألتها سلفتها «رايحة فين؟»، فردت عليها «هشترى حاجة للعيال من بره»، وفى أثناء ذلك تعقبتها ابنة سلفتها، طفلة عمرها نحو 7 سنوات تدعى «ندى عبدالله»، بالسير خلفها، فتحايلت عليها بإعطائها باكو بسكويت كان يأكل منه الطفل «محمد» وطلبت منها أن تعود للمنزل لإبعادها عن مشاهدة الجريمة، وبالفعل استجابت لها الطفلة، ولكنها نظرت للخلف فوجدت زوجة عمها تلقى بالطفل الرضيع فى الترعة، ثم شقيقه الأكبر، فأسرعت الطفلة إلى أمها وروت لها ما حدث، فذهبت سلفتها إلى شاطئ الترعة وهو مجاور للمنزل الذى تقيم فيه مع المتهمة، فوجدت الطفلين بداخل المياه ويبعدان عن الشاطئ بنحو 3 أمتار، فصرخت سلفتها «الحقونى» فسمعها أحد الجيران، الذى أسرع وقفز فى المياه ونجح فى إنقاذ الطفل الرضيع «هانى» حيث كان طافياً على سطح المياه، وحينما حاول الجار إنقاذ الطفل الثانى «محمد» لم يعثر عليه وكانت المياه قد غمرت جسده واختفى. «الجد»: «مراة ابنى مش مجنونة وبيتنا خرب وحفيدى مات» وأضافت: «بعد أن ارتكبت الأم جريمتها كانت تسير بالشارع البحرى بشكل عادى، ومرت من أمامى وقالت لى صباح الخير، واندهشت من مرورها من أمام منزلى الذى يبعد عن منزلها، وبعد دقائق فوجئت بخبر وفاة محمد، فهرولت إلى المنزل، فقال لى الموجودون إن أم الطفلين ألقتهما فى المياه وهربت، فتوجهنا جميعاً تجاه كوبرى القرية، فوجدناها هناك دون أن نعرف هل كانت موجودة بالصدفة أم كانت تراقب ولديها بالترعة، وكان موجوداً معنا والد زوجها، الذى قال لها «منك لله» وردت عليه «أنا رميتهم فى البحر علشان أستريح منكم». شاهدة العيان أكدت أن المتهمة لم تعتَد على ضرب أبنائها وأنها كانت تحسن معاملتهما ولا تعانى من أى أمراض، ولا يوجد مبرر قوى لارتكاب تلك الجريمة، خاصة أن زوجها شخص مؤدب وكان وقت الجريمة يعمل فى الحقل وهو دائم السفر إلى محافظة الإسكندرية للعمل هناك، لكنه منذ شهر وهو مقيم فى القرية ولم يسافر، كما أن الخلافات بين المتهمة وزوجها عادية، وكان يحدث صلح بين الحين والآخر. وأمام فريق من النيابة العامة وإدارة البحث والأدلة الجنائية الذين انتقلوا لموقع الحادث، مثلت المتهمة جريمتها، بتوجهها إلى الضفة الغربية للترعة التى تبعد عن منزلها بنحو 25 متراً وألقت بقطعتين من الطوب الإسمنتى فى المياه «فى إشارة للطفلين»، ثم نظرت حولها وتوجهت إلى كوبرى القرية لمراقبة الطفلين ومعرفة مصيرهما. وقرر أحمد أبودومة، وكيل نيابة مركز المنيا، تحت إشراف المستشار أحمد الفولى، المحامى العام لنيابات جنوب المحافظة، حبس المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامها بإلقاء طفليها فى ترعة البحر اليوسفى بعزبة الشيخ عيسى التابعة لقرية صفط الخمار، وقتل أحدهما عمداً مع سبق الإصرار والترصد، والشروع فى قتل الثانى «الرضيع». يُذكر أن اللواء مجدى عامر، مدير أمن المنيا، تلقى إخطاراً من العميد مجدى سالم، مدير إدارة البحث الجنائى بالمديرية، يفيد بقيام سيدة تدعى «الشيماء ص.ع»، 24 عاماً، بإلقاء طفليها «محمد ر.ض»، 5 سنوات، و«هانى ر.ض»، 6 أشهر، داخل ترعة البحر اليوسفى أمام عزبة الشيخ عيسى، وانتقل فريق بحث جنائى ضم المقدم أحمد صلاح مفتش مباحث مركز المنيا، والرائد أحمد يسرى رئيس المباحث، لمعاينة مكان الواقعة، حيث جرى إنقاذ الطفل الأول «الرضيع» قبل غرقه، فيما انتشلت قوات الإنقاذ النهرى شقيقه جثة هامدة، وأفادت التحريات الأولية أن هناك خلافات عائلية بين ربة منزل وزوجها ويدعى «ر.ض»، 33 عاماً، وأنها دائمة الشكوى من معاملته السيئة، حيث يرفض أن تذهب لزيارة أسرتها.