مع تعقد خطوط المواجهة بين الصينوأمريكا في الحرب التجارية المندلعة بينهما، لجأت بكين إلى سلاح المعادن النادرة، حيث هددت بحظر تصديرها إلى الولاياتالمتحدة "لا تقولوا إننا لم نحذركم" عبارة استخدمتها الصحف الصينية من قبل لتهديد أعدائها في الصراعات الساخنة، ففي 1962 وجهتها إلى الهند قبل الصراع المسلح بين بكين ودلهي، ووجهتها مرة أخرى لفيتنام قبل غزوها عام 1979، والآن كانت الولاياتالمتحدة هي المعنية بهذه العبارة، حيث قالت صحيفة "الشعب" الحكومية الصينية في مقال لها "ننصح الجانب الأمريكي بعدم التقليل من قدرة الصين على حماية حقوقها ومصالحها التنموية"، وأضافت: "لا تقولوا إننا لم نحذركم". وذلك في أعقاب تهديدات صينية بأنها قد تحظر تصدير المعادن النادرة إلى أمريكا مع تصاعد النزاع التجاري بين البلدين. وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى أن الصين تعد أكبر منتج لهذه المواد الخام، الحيوية للعديد من الصناعات الأمريكية بما في ذلك القطاعات ذات النمو المرتفع مثل إنتاج السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح. هذه التقارير انتشرت بعد تغريدة لرئيس تحرير صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية المملوكة للدولة، وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى أن الصين تعد أكبر منتج لهذه المواد الخام، الحيوية للعديد من الصناعات الأمريكية بما في ذلك القطاعات ذات النمو المرتفع مثل إنتاج السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح. هذه التقارير انتشرت بعد تغريدة لرئيس تحرير صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية المملوكة للدولة، هذا الأسبوع قال فيها إن "الصين تنظر بجدية في تقييد صادرات المعادن النادرة إلى الولاياتالمتحدة". ما المعادن النادرة؟ تمثل المعادن النادرة مجموعة مكونة من 17 عنصرا تستخدم في عدد كبير من القطاعات الصناعية، بما في ذلك تكنولوجيا الطاقة المتجددة ومصافي تكرير النفط والإلكترونيات وصناعة الزجاج. وعلى الرغم من أنها "نادرة"، فإنها توجد بكثرة نسبيا في قشرة الأرض، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، إلا أن هناك عددا قليلا من دول العالم التي تنتجها، وذلك لصعوبة استخراجها، كما أنها قد تلحق الضرر بالبيئة. وتنتج المناجم الصينية نحو 70% من الإنتاج العالمي من المعادن النادرة، كما تنتج ميانمار وأسترالياوالولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى عدد قليل من البلدان الأخرى كميات صغيرة فقط. وتهيمن الصين أيضا على مجال تكرير خامات المعادن النادرة، ففي العام الماضي، أجريت ما يقرب من 90% من جميع عمليات المعالجة إلى أكاسيد قابلة للاستخدام في الصين. وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية، تضاعفت صادرات الصين من أكاسيد المعادن النادرة تقريبا، وفقا للإحصاءات الصينية الرسمية. كيف تعتمد الولاياتالمتحدة على الصين؟ تقول الإذاعة البريطانية إن نحو 80% من المعادن النادرة التي تستوردها الولاياتالمتحدة، بين عامي 2014 و2017، تأتي من الصين، وفقا لبيانات الحكومة الأمريكية. أرقام 2019 تفضح آلام الصين في الحرب التجارية
وبلغت القيمة المقدرة للمركبات الأرضية النادرة والمعادن التي استوردتها الولاياتالمتحدة العام الماضي 160 مليون دولار، بزيادة 137 مليون دولار على عام 2017. وتقوم كل من إستونيا وفرنسا واليابان أيضًا بتزويد الولاياتالمتحدة بالمعادن النادرة بعد معالجتها، لكن خامها الأصلي يأتي من الصين. في الوقت نفسه، يرسل منجم المعادن النادرة الوحيد الذي يعمل في الولاياتالمتحدة، ما ينتجه إلى الصين للمعالجة، ويواجه بالفعل رسوما جمركية بنسبة 25% تفرضها الصين. وتمتلك الولاياتالمتحدة خيارات للاستيراد من ماليزيا بدلا من الصين، ولكن الكميات لن تكون كافية، أضف إلى ذلك أن الحكومة الماليزية هددت بوقف إنتاج المعادن النادرة بسبب المخاوف البيئية. كيف ستتأثر أمريكا في حالة حظر تصدير المعادن النادرة لها؟ حظر تصدير المعادن النادرة إلى الولاياتالمتحدة، إذا تم تطبيقه، يمكن أن يكون له تأثير كبير على الصناعات الأمريكية الكبرى التي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات التي تعتمد على المعادن الأرضية النادرة. يقول أندرو كوفلان، المحلل في مجموعة أوراسيا، للإذاعة الوطنية العامة الأمريكية إن النقص الحاد في المعادن النادرة سيعني على الأرجح أن وزارة الدفاع سيكون لها الأولوية في الحصول على الشحنات المتاحة لأغراض الأمن القومي. إلى أين تتجه الحرب التجارية بين الصينوأمريكا؟
إلا أنه يصف التهديد الصيني بأنه "مبالغ فيه" وأنه الغرض منه إزعاج الولاياتالمتحدة أكثر من كونه تهديدا حقيقيا، وأنه "غالبًا نتيجة لدعوات وسائل الإعلام القومية المحلية وليست أداة حقيقية في يد الحكومة في بكين". ويرى كوفلان أن الولاياتالمتحدة يمكن أن تعتمد على نفسها أو تستورد من أستراليا أو البرازيل أو حتى روسيا كمصادر بديلة للمعادن النادرة. إلا أنه سيتعين على الولاياتالمتحدة أن تعالج مشكلة ندرة منشآت معالجة المعادن النادرة، لأنها موجودة أساسًا في الصين. في السياق نفسه يقول باتريك لوزادا، مدير مجموعة "أولبرايت ستونبريدج" للإذاعة الأمريكية إن: "المعادن النادرة ليست في الواقع نادرة للغاية"، كما قال: "سيكون هناك أيضًا تأثير دفاعي ضئيل". حيث يشكل استهلاك الجيش الأمريكي من المعادن النادرة أقل من 5% من إجمالي استهلاك البلاد، وفقًا لتقرير حكومي صدر عام 2010، وليس من الواضح كم يستهلك الجيش الآن. ويمكن للولايات المتحدة أن تعتمد على نفسها في إنتاج العناصر النادرة، لكن هذا سيستغرق بعض الوقت ويمكن أن تكون مصادر الخام محدودة إذا تم استبعاد الصين. «هواوي».. آخر ضحايا الحرب التجارية بين أمريكاوالصين
ويقول محللون إن الصين لعبت ببطاقة حظر المعادن النادرة مرة واحدة فقط في الماضي، وجاءت هذه الخطوة بنتائج عكسية بعد أن حظرت البلاد تصدير المعادن النادرة إلى اليابان في عام 2010. وحينها، أجبرت منظمة التجارة العالمية الصين، في وقت لاحق، على إلغاء حظر التصدير، كما تسبب القرار الصيني في زيادة عمليات الإنتاج غير المشروعة. ويرى كوفلان أن التهديد الصيني، يمكن أن يدعم وجهة نظر صقور الإدارة الأمريكية المعارضين للصين، ويقول: "من نواح كثيرة، هذا شيء ترحب به الأصوات المتشددة في البيت الأبيض، لأنها حذرت منذ فترة طويلة من الاعتماد المفرط على سلاسل التوريد الصينية". ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج في يونيو على هامش قمة مجموعة العشرين.