تظل عائلة "ذو الفقار" من أهم العائلات الفنية في تاريخ مصر، الثلاثي "محمود" وعز الدين وصلاح" كل منهم حقق نجاحات كبيرة ما بين الإخراج والتأليف والتمثيل والإنتاج. في كل مجال وظيفي، نجد بابًا خلفيًا يُسمى ب"أبناء العاملين"، يبلي المجتمع بالكثيرين من ضعاف القدرات نتيجة للمحسوبية، إلا أن الوضع مغاير تمامًا في المجال الفني، هذا المجال الذي يعتمد بالدرجة الأولى على الموهبة الشخصية، فحتى إن دخل الابن أو الأخ السوق بهذه الطريقة، وهو دون موهبة، فلن تمر سوى فترة زمنية قصيرة للفظه خارجه، فالمنتج أو المخرج الذي يُجامل مرة لن يُجامل أخرى على حساب اسمه وعمله. وفي تاريخنا السينمائي، العديد من العائلات التي تمكن أفرادها من فرض أسمائهم لسنوات على الساحة، وأصبحوا نجومًا، وعلى رأسهم عائلة "ذو الفقار". عائلة "ذو الفقار"، مكونة من أشقاء ذكور خمسة، "محمود، عز الدين، ممدوح، صلاح، وكمال"، لأب يعمل ضابطًا يُدعى "أحمد مراد ذو الفقار"، ولأسرة تنحدر أصولها إلى مدينة طنطا بمحافظة الغربية، الخمسة ارتادوا المجال الفني، منهم من أصبح نجمًا، ومنهم من اقتصر مشواره على عمل واحد ثم ابتعد. محمود ذو الفقار الابن الأكبر عائلة "ذو الفقار"، مكونة من أشقاء ذكور خمسة، "محمود، عز الدين، ممدوح، صلاح، وكمال"، لأب يعمل ضابطًا يُدعى "أحمد مراد ذو الفقار"، ولأسرة تنحدر أصولها إلى مدينة طنطا بمحافظة الغربية، الخمسة ارتادوا المجال الفني، منهم من أصبح نجمًا، ومنهم من اقتصر مشواره على عمل واحد ثم ابتعد. محمود ذو الفقار الابن الأكبر هو محمو ذو الفقار، ولد في 18 فبراير من عام 1914، حصل على التوجيهية سنة 1930، ثم دبلوم العمارة سنة 1935، والتحق بوظيفة مهندس في قسم التصميمات بوزارة الأشغال، بعد فترة قدم استقالته لوزارة الأشغال والتحق بوزارة الأوقاف، وفي الأخيرة تعرف على المخرج حسين فوزي الذي رشحه لدور البطولة أمام عزيزة أمير في فيلم "بائعة التفاح" (1993). وتحول تعاون "عزيزة" و"محمود" إلى ثنائيًا شهيرًا، وقدّما معًا أفلام منها "الورشة، ابن البلد، ليلة الفرح، وادي النجوم، حبابة، ابنتي، الفلوس"، هذا الثنائي تحول إلى الحقيقة أيضًا بزواج لم ينته إلا بوفاة عزيزة في 1 يوليو 1963، ولما توفيت اختار مريم فخر الدين زوجة ثانية له، وما لبث أن حدث الانفصال بعد 8 أعوام في 1960، وذلك بعد إنجاب ابنته الوحيدة "إيمان" التي ظهرت في السينما، وهي طفلة في فيلم "ملاك وشيطان" (1960)، ولما كبرت اشتركت في تمثيل فيلم "القطط السمان" (1981)، ثم اعتزلت لتتفرغ لحياتها الخاصة. وبدايةً من فيلمه مع عزيزة "هدية" (1947)، ثم فيلمهما "فوق السحاب"، تحول محمود ذو الفقار إلى مخرج سينمائي كبير، وانطلق في مسيرته الإخراجية والتمثيلية وأيضًا الإنتاجية من خلال شركة "أمير فيلم" للإنتاج السينمائي، والتي أنتجت العديد من الأعمال، وبينها "البني آدم، سمعة تحترق، الأستاذة فاطمة". وفي رصيد محمود ذو الفقار أعمال عديدة من تأليفه وإخراجه، ومنها: "للرجال فقط، ثمن الحب، امرأة في دوامة، المراهق الكبير، لا تذكريني، العملاق، المرأة المجهولة، نساء محرمات، شباب اليوم، توبة، أنا وقلبي، رحلة غرامية، رنة الخلخال، بنت الجيران، الأرض الطيبة، غلطة العمر"، ومثّل وأنتج وألّف وأخرج ما يزيد على 100 فيلم، حتى رحل في 22 مايو 1970. عز الدين ذو الفقار نجل العائلة الثاني هو عز الدين ذو الفقار، المولود في 28 أكتوبر 1919، وبعد انتهائه من دراسته الثانوية التحق بالكلية الحربية، وتخرج فيها ضابطًا، من دفعة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعمل في الجيش المصري حتى وصل إلى رتبة يوزباشي. غرس شقيقه "محمود" بداخله بذرة حب الفن، وأشركه معه في دور صغير كممثل بفيلم "الورشة" (1940)، وعقب ذلك حاول صديقه المخرج كمال سليم ثم من بعده المخرج محمد عبد الجواد إقناعه بالعمل في السينما إلى أن وافق وعمل مساعدًا للأخير، ثم شق طريقه كمخرج وكاتب سيناريو، وكان أول أفلامه "الكل يغني" من إنتاج شركة شقيقه "أمير فيلم". انطلق عز الدين ذو الفقار، وقدّم فيما بعد العديد من الأفلام كمخرجًا وكاتب سيناريو ومنتجًا أيضًا، ومن أهم أعماله "أسير الظلام، موعد مع الحياة، أقوى من الحب، ابن الحارة، شاطئ الذكريات، طريق الأمل، هارب من الحياة، رُد قلبي، بين الأطلال، البنات والصيف، الرجل الثاني، نهر الحب" وغيرها. ونجح عز الدين ذو الفقار، في التفوق على أخيه محمود ذو الفقار، وتحديدًا في مجال الإخراج، وأدهش النقاد والمشاهدين معًا، برقة متناهية، وإحساس مرهف، كانا أبرز صفاته، بل كانا أبرز بصماته على عشرات الأفلام، حتى آخر شريط فيلم له "موعد في البرج" (1962). وقد تزوج عز الدين ذو الفقار من سيدة الشاشة فاتن حمامة، عام 1947، وأخرج لها عدة أفلام ناجحة حتى حدث الانفصال أثناء تصوير فيلمها مع عمر الشريف "صراع في الوادي" عام 1954، وذلك بسبب قُبلة جمعت الثنائي بعدما كانت معروفة برفضها أي مشهد أو لقطة فيها قُبلة. وأنجب عز الدين من فاتن ابنتهما "نادية" التي ظهرت في السينما وهي طفلة في "موعد مع السعادة" (1954)، ولما كبرت أسند إليها دور البطولة في فيلم "أنا لا عاقلة ولا مجنونة" (1976) مع محمود ياسين، ثم اقترن بالفنانة كوثر شفيق، وأنجب منها ابنته "دينا"، التي تزوجت من المخرج أحمد يحيى. ورحل عز الدين ذو الفقار في 1 يوليو 1963. صلاح ذو الفقار الابن الثالث للعائلة هو صلاح ذو الفقار، وهو مولود في 18 يناير 1926، وأراد له والده أن يصبح طبيبًا مثل جده، وحينما تخرج في التوجيهية، وحصل على مجموع كبير، تقدمّ للالتحاق بكلية طب الإسكندرية نزولًا على رغبة الوالد، وبعدما قُبل ورقه، مرِض رب الأسرة المرض الأخير، وأخبره أنه موافق على أن يلتحق بكلية أخرى، فالتحق بكلية البوليس، وتخرج وأصبح مدرسًا بالكلية وملازمًا أول. وصلاح الذي مكنه شقيقاه المخرجان "محمود وعز الدين" من خوض تجربة التمثيل وهو طفل ولكنه لم يستمر بالتمثيل حينها، تخرج وقضى أعوامًا في خدمته كضابط شرطة، ولكن شقيقيه مجددًا حولا وجهته تمامًا هذه المرة، عندما فكر شقيقه "عز الدين" في أن يقدم فيلم "عيون سهرانة" (1956)، وقصته بطلها طالب في كلية الشرطة، ويُجيد الملاكمة، لم يجد خيرًا من أخيه الأصغر "صلاح" ليسند إليه الدور، فكانت بداية ناجحة، واستقال بعدها صلاح من الشرطة، وتفرغ للعمل الفني. وكما حقق شقيقاه نجاحات كبرى في مجال الإخراج تحديدًا، نجح صلاح ذو الفقار في تخليد اسمه كبطل سينمائي هام في تاريخ السينما المصرية، من خلال العديد من الأفلام الشهيرة، ومنها: "الرجل الثاني، ملاك وشيطان، أنا وبناتي، الحب كده، موعد في البرج، الناصر صلاح الدين، الأيدي الناعمة، مراتي مدير عام، أغلى من حياتي، عفريت مراتي، لمسة حنان"، وغيرها، كما أنتج أفلام عديدة، ومنها: "أريد حلًا، الرجل الآخر، شيء من الخوف، 3 لصوص". وكان لصلاح ذو الفقار 4 زيجات، بينها اثنتان فنيتان، مع احتفاظه بزوجته الأولى "نفيسة" التي أنجب منها "منى ومراد"، ولم يعمل أي منهما في الفن، فقد أحب النجمة زهرة العلا أثناء عملهما معًا في فيلم "رُد قلبي" (1957)، وتزوجها لمدة أشهر معدودة، ثم أحب شادية، عندما تقاسما بطولة فيلم "أغلى من حياتي" (1965) وامتدت فترة زواجهما نحو ثماني سنوات، حيث طلبت الطلاق منه حتى يعود لزوجته أم أولاده. ممدوح ذو الفقار الابن الرابع للعائلة هو ممدوح ذو الفقار، وشارك وهو طفل بفيلم "الورشة" (1940)، مع شقيقه محمود ذو الفقار، وعزيزة أمير، وأنور وجدي، وإخراج استيفان روستي، ثم ابتعد بعدها عن الساحة الفنية. كمال ذو الفقار الابن الخامس للعائلة هو كمال ذو الفقار، ولم يُشارك كممثل في أية أعمال، إلا أنه شارك بالقصة في فيلم "العملاق" من إخراج وتأليف شقيقه محمود ذو الفقار. وتظل عائلة "ذو الفقار" من أهم العائلات الفنية في تاريخ مصر، الثلاثي "محمود" وعز الدين وصلاح" كل منهم حقق نجاحات كبيرة ما بين الإخراج والتأليف والتمثيل والإنتاج، ونجحوا في تخليد أسمائهم في تاريخ السينما المصرية.