يسود اعتقاد واضح لدى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها جهة الفعل الأولى في حربها التجارية مع الصين، وأن الأخيرة لا تمتلك ما يمكن فعله لتتخلى عن موقف رد الفعل في الصراع الذي أشعلته قرارات الرئيس الأمريكي بفرض رسوم وتعريفات جمركية إضافية على البضائع الصينية داخل الولاياتالمتحدة. مجلة فوربس الأمريكية، ترى أن إدارة بلادها مُطالبة بالعمل على كافة الاحتمالات والاستعداد التام لأي قرار تصدره بكين في هذه الحرب التجارية، لا سيما وأنها لا تزال تمتلك في جعبتها العديد من الكروت التي يمكن أن تناور بها لتقليل الآثار المترتبة على القرارات الأمريكية، أو حتى الضغط على زر «التدمير الذاتي». واعتمدت المجلة الأمريكية في تحليلها على آراء بعض الكتاب والخبراء الاقتصاديين، والذين أكدوا أنه لا يزال هناك عدد من الكروت التدميرية في أيدي الصين، والتي يمكن من خلالها أن تدمر بشكل واضح عدد من الصناعات الحيوية في الولاياتالمتحدة. استراتيجية الصين في المقام الرئيسي تعتمد على الطابع التنافسي لمنتجاتها، حيث يلعب السعر المنخفض لبعض الصناعات الدور الحاسم في مساعدة الشركات الصينية على منافسة كبار المنتجين حول العالم. وفي هذا السياق، قال رينيه مو، محلل العملات في مؤسسة DailyFX: "واحدة من الوسائل المتاحة للصين هي "السيطرة على الضرر"، عن طريق خفض ضرائب التصدير المحلية، وهذا يعني تخفيضات ضريبية أعلى للمصدرين". وأضاف مو: "تحتاج شركات التصدير الصينية إلى دفع ضرائب تصدير، ولكن يمكنها الحصول على خصم بمجرد بيع المنتجات في الخارج". الصين تستخدم ورقة إيران لمساومة ترامب في الحرب التجارية في الأسبوع الماضي، أعلنت بكين أنه اعتبارا من 15 سبتمبر، ستزيد معدلات خصم الضرائب على الصادرات على 397 منتج، بما في ذلك بعض القطع االرئيسية التي تدخل في العديد من الصناعات الكبرى بالعديد من البلدان، بما في ذلك الولاياتالمتحدة. بكين اتبعت منذ اندلاع الحرب التجارية مع الولاياتالمتحدة سياسة "السيطرة على الأضرار"، وفي إطار سعيه لمجابهة التحديات الاقتصادية الجديدة، أقر بنك الشعب الصيني سلسلة من التعديلات والإجراءات التي من شأنها أن تُعيد رسم السياسات المالية والاقتصادية لبكين خلال الفترة المقبلة، وذلك بما يتناسب مع الأوضاع الجديدة. وفي ظل الظروف الحالية لضعف العملة الصينية، فإن إعادة وضع السياسات المالية في بكين سيساعد على تخفيف الضغط على قيمة اليوان، كما أن ذلك سيضع حدًا لبعض الاتهامات الأمريكية المستمرة بشأن التلاعب بقيمة عملة الصين. ويرى الخبير الاقتصادي الأمريكي نيل كامبيرلي خفض العملة الصينية أمر بات يؤثر على الاقتصاد الصيني، لا سيما في ظل الإجراءات الأمريكية الجديدة، مشيرًا إلى أن رفع قيمة العملة الصينية يوفر لبلاده بعض الحماية من تأثير التعريفات التجارية الأمريكية. وبخلاف محاولات الصين للسيطرة على الأضرار، فإنها لا تزال تملك أهم الكروت على مستوى التأثير في الصناعات الأمريكية، وهو ما يتعلق بضرائب الحكومة الصينية على التصدير. الصين تستعين بالشركات الأمريكية لعلاج أزمات حرب ترامب التجارية وقال مو: "يمكن للصين أيضًا الانتقام عن طريق زيادة التعريفات على السلع الموجودة أو تشديد سياسة الصناعة على السلع الأمريكية". ويرى الخبير المتخصص في العملات أن حال اتباع الصين لتلك السياسة، فإنها تكون قد اتخذت قرار صريح بتدمير طرفي المواجهة بالحرب التجارية، فالشركات الصينية ستواجه معاناة واضحة في تسويق منتجاتها بأسعار مرتفعة، كما ستتسبب تلك السياسات الاقتصادية للصين في نسف بعض الأجزاء الرئيسية في الصناعات الأمريكية. وعلى مدى الأسبوع الماضي، ظهرت تقارير تُفيد بأن وزير الدفاع جيم ماتيس حذر ترامب من أن الولاياتالمتحدة لا تواكب خطط الصين الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي، غير أن ذلك لم يكن كافيًا لإنهاء أي خلافات نشبت بين ترامب وعمالقة وادي السيليكون في الولاياتالمتحدة. ويهدد الانقسام بين واشنطن ووادي السليكون شراكة من شأنها أن تكون حاسمة للحفاظ على تقدم الولاياتالمتحدة في الذكاء الاصطناعي، وهو المجال الذي تولي له الصين أهمية بالغة في الفترة الحالية، حيث تستثمر أموالها بكثافة في أبحاث التطوير والتقنيات المستخدمة فيه. بكين وهي واحدة من البلدان التي تُعرف بقدراتها الاقتصادية العالية، حاول ترامب إيقافها في السوق الأمريكي، من خلال سلسلة من العقوبات التي تتمثل في فرض تعريفات إضافية على بضائعها داخل السوق، غير أن خطط الرئيس الأمريكي اصطدمت بتحذيرات متعددة من قبل الشركات الأمريكية العملاقة، وعلى رأسها «أبل». قيمة اليوان.. الصين تناور بآخر كروتها في الحرب التجارية مع ترامب الشركة الأمريكية العملاقة وجهت تحذيرًا واضحًا في خطاب موجه إلى الممثل التجاري للولايات المتحدة، مؤكدة أن الرسوم الجمركية التي اقترحها الرئيس الأمريكي على بكين تغطي مجموعة واسعة من منتجات أبل، مما يجعل أكبر شركة للتكنولوجيا في البلاد على خط النيران في التوترات التجارية المستمرة بين واشنطنوبكين. وإجمالًا، لا تزال الصين تمتلك كروت خفية في الحرب التجارية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو الأمر الذي لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يوليه أهمية كبيرة في الوقت الحالي.