لم يكن في حسبان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن حربه التجارية التي شنها ضد الصين سيكون لها تداعيات واضحة المعالم على عدد من الشركات الأمريكية الضخمة، والتي عُرفت منذ عقود طويلة بتفوقها الاقتصادي الواضح، مما جعلها من أعمدة واشنطن الرئيسية على المستوى المالي والاقتصادي. تسعى الصين بشتى السبل لإيجاد وسائل فعالة لمواجهة الحرب التجارية مع الولاياتالمتحدة، والتي بدت في ذروتها على مدى الأسابيع القليلة الماضية، على خلفية فرض واشنطن مجموعة من العقوبات الاقتصادية والتعريفات الجمركية على البضائع الصينية داخل الولاياتالمتحدة. الصين تستخدم ورقة إيران لمساومة ترامب في الحرب التجارية الصين وهي واحدة من البلدان التي تُعرف بقدراتها الاقتصادية العالية، حاول ترامب إيقافها في السوق الأمريكي، من خلال سلسلة من العقوبات التي تتمثل في فرض تعريفات إضافية على بضائعها داخل السوق، غير أن خطط الرئيس الأمريكي اصطدمت بتحذيرات متعددة من قبل الشركات الأمريكية العملاقة، وعلى رأسها «أبل». الشركة الأمريكية العملاقة وجهت تحذيرًا واضحًا في خطاب موجه إلى الممثل التجاري للولايات المتحدة، مؤكدة أن الرسوم الجمركية التي اقترحها الرئيس الأمريكي على الصين تغطي مجموعة واسعة من منتجات أبل، مما يجعل أكبر شركة للتكنولوجيا في البلاد على خط النيران في التوترات التجارية المستمرة بين واشنطنوبكين. وقالت الشركة في رسالتها إن التعريفات التي اقترحها ترامب على السلع الصينية بقيمة 200 مليار دولار ستؤثر على مجموعة كبيرة من منتجاتها الأساسية البالغ عددها 14 تقريبًا، مثل أبل ووتش وهيكل آيبودز وقلم أبل الذكي، كما أنها ستضرب أيضًا أجهزة هو آيباد وميني ماك، بالإضافة إلى العديد من المحولات وأجهزة الشحن لمجموعة كبيرة من المنتجات. التأثير المباشر على أداء الشركة الاقتصادي -وإن كان غائبًا- فإنه يحضر بقوة على الأسعار المتوقعة لمنتجات أبل المستقبلية، والتي تعتمد في جزء من تكوينها على مكونات صينية، ونتيجة لذلك، سيتعين على المستهلكين دفع المزيد مقابل منتجات الشركة، حسبما قالت أبل. قيمة اليوان.. الصين تناور بآخر كروتها في الحرب التجارية مع ترامب شبكة CNBC الأمريكية ترى أنه من الناحية النظرية، يمكن للهوامش الربحية لشركة أبل، والمستويات العالية من تدفق السيولة أن تسمح لها بامتصاص بعض التكلفة المتزايدة، غير أن تلك الوسيلة لا يُمكن أن تثبت فعالية على المدى الطويل في أداء الشركة الاقتصادي. في الربع الثاني من العام الجاري، ربحت الشركة 11.5 مليار دولار من مبيعات بلغت بشكل إجمالي 53.3 مليار دولار، لتصبح الشركة الأغلى من حيث القيمة السوقية أكثر من تريليون دولار، وفقًا لتصنيف تم في أوائل الشهر الماضي. كل هذه الإمكانات الضخمة لم تمنع أبل من توجيه إنذار مبكر للإدارة الأمريكية بشأن بعض سياساتها التجارية، والتي قد تُهدد القدرات الاقتصادية الضخمة لواحدة من أهم أعمدة الولاياتالمتحدة على مستوى التكنولوجيا. وقالت أبل في رسالتها: "من الصعب توقع آثار العمل بتلك التعريفات، والتي تؤذي الشركات الأمريكية والمستهلكين"، وأضافت: "نأمل بدلاً من ذلك، أن تُعيد الإدارة النظر في هذه الإجراءات وأن تعمل على إيجاد حلول أخرى أكثر فعالية تترك الاقتصاد الأمريكي أقوى وأكثر ثباتًا من أي وقت مضى". كان الرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك، قد تجاهل في وقت سابق مخاوف تتعلق بالتعريفات المفروضة على البضائع الصينية، قائلًا إنه أجرى محادثات مع ترامب حول التعريفات الجمركية وإنه على ثقة من أنها لن تصل إلى إصدارات أيفون، والذي يمثل معظم أرباح أبل. الصين تُنعش القارة السمراء باستثماراتها.. وإسقاط الديون فرصة ذهبية لإفريقيا وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض ليندساي والترز خلال تصريحات خاصة لشبكة CNBC، أن فترة الإشعار والتعليق العامين لممثلي التجارة الأمريكيين بشأن التعريفات الإضافية المقترحة، انتهت يوم الخميس، وهو ما يعني مضي الإدارة الأمريكية قدمًا في تطبيق هذه الخطط التجارية. وفي استجابة سريعة من السوق للقرارات التجارية الأمريكية، أغلقت أسهم شركة أبل على انخفاض بنسبة 1% تقريبًا أمس الجمعة، بعد ارتفاعها بنسبة 1% في وقت سابق من الجلسة. من جانبه، قال المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية إنه دعا الخبراء القانونيين والتجاريين للانضمام إلى ممثلي الشركات في ندوة هذا الأسبوع لتقييم الآثار المحتملة لإجراءات واشنطن على صناعات الشحن وبناء السفن والمواني، وكيف يمكن للشركات أن تتعامل بشكل أفضل معهم. وأوضح المجلس أنه من المحتمل تأثر مجموعة من الصناعات والقطاعات بما في ذلك الطاقة والسيارات والشحن والمصارف والتأمين والذهب والمعادن النفيسة الأخرى والصلب والألومنيوم والفحم سواء بشكل مباشر أو غير ذلك من خلال القيود التجارية. وتراهن بكين بشكل رئيسي في الوقت الحالي على الآثار السلبية المنعكسة على الاقتصاد الأمريكي بعد تطبيق تلك السياسات التجارية العنيفة مع الصين، وذلك أملًا في أن تُمثل الشركات الأمريكية ضغطًا على ترامب يحول دون الاستمرار في هذه السياسات التجارية.