لم يعد ملف كوريا الشمالية يُمكن التنبؤ بأحداثه وسياسات أطرافه المختلفة خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل التحالفات والمواءمات السياسية بين أطراف الأزمة، خاصة بعد أن بدأت الكوريتان مفاوضات مباشرة على خلفية اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون في سنغافورة يونيو الماضي. وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في الآونة الأخيرة، فإن الوضع لم يخلُ من بعض العقبات الدبلوماسية، والتي كان أبرزها إلغاء وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو زيارته المرتقبة لبيونج يانج خلال الشهر الماضي، الأمر الذي يؤثر على فرص السلام لكل الأطراف. حالة المماطلة التي انتهجتها بيونج يانج، دفعت العديد من الأوساط السياسية في كوريا الجنوبيةواليابان للإعراب عن قلقهما الواضح إزاء ما وصفوه بالتعامل غير الجدي من كوريا الشمالية في ملف تفكيك قدراتها النووية، الذي اعتبروه شرطًا أساسيًا للموافقة على التصالح مع بيونج يانج أو حتى الجلوس معها على طاولة المفاوضات برعاية مباشرة من جانب الرئيس الأمريكي. اقرأ أيضًا: «الوجوه المتعددة».. سياسة كوريا الجنوبية في التعامل مع جارتها الشمالية ووفقًا لما جاء في صحيفة ديلي إكسبريس البريطانية، فإن كوريا الجنوبية رأت في موقف جارتها الشمالية ما يُقلق بشأن الوضع في شبه الجزيرة الآسيوية، وهو الأمر الذي دفعها إلى التفكير في العودة من جديد للتعاون العسكري مع الولاياتالمتحدة، خاصة بعد أن تم إلغاء المناورة العسكرية الأضخم بين الجانبين، والتي كان مقررًا لها سبتمبر الجاري. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون: إنه "من المتوقع شمول هذا التعاون صفقة تتضمن 6 طائرات استطلاع من طراز P-8A بوسيدون البحرية و64 صاروخ باتريوت مضاد للصواريخ الباليستية". فيما ذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي في البنتاجون، أن الصفقة تتضمن طائرات بويند الصنع من طراز بوينج، والتي تُستخدم في عمليات صيد الغواصات وإجراء الاستكشاف البحري، وذلك بقيمة تصل إلى 1.6 مليار دولار. يأتي ذلك وسط قلق متزايد من أن كوريا الشمالية لن تفي بوعدها للرئيس الأمريكي بالعمل على نزع الأسلحة النووية، كما تشعر اليابان بالقلق من نفس التوجه. وترى كوريا الجنوبية، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية متشككة وتشاركهما نفس القلق إزاء الموقف الكوري الشمالي، لكن خارطة طريق لنزع الأسلحة النووية في بيونج يانج، قد تجعل واشنطن تتحمل المزيد من الضغوط للوقوف على موقف ثابت لبيونج يانج، حسب الصحيفة البريطانية. اقرأ أيضًا: رغم التوتر.. العرض العسكري لكوريا الشمالية يبعث برسائل طمأنة لجيرانها وأفادت وكالة التعاون الأمني الدفاعي في البنتاجون هذا الأسبوع، بأن الصفقة المُخطط لها ستساعد كوريا الجنوبية على تحسين قدراتها الدفاعية الصاروخية ودعم أهداف الأمن القومي الأمريكي من خلال تعزيز قدرات سيئول البحرية. من جانبهم، كشف مسؤولون عسكريون أمس الخميس، أن الولاياتالمتحدةواليابان نجحتا في اختبار نظام الدفاع الصاروخي الياباني المطور قبالة سواحل هاواي. ولفتت تقارير إلى أن طوكيو اتخذت قرار توسيع قدراتها الدفاعية الصاروخية، ردًا على ما تعتبره مخاوف مستمرة بشأن الصواريخ الكورية الشمالية. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع: "لا يمكننا أن نُجنب أنظارنا عن حقيقة قاسية أن هناك عدة مئات من القذائف التسيارية العابرة للقارات، والتي يغطي نطاقها الولاياتالمتحدة". وعلى الرغم من رسائل الطمأنة التي بعث بها العرض العسكري الأخير في كوريا الشمالية، والذي جاء لإحياء الذكرى ال70 لقيام الدولة في بيونج يانج، فإن النقطة الأكثر إبرازًا في وسائل الإعلام الدولية، هي غياب أسلحة الدمار الشامل عن العرض العسكري، وعلى رأسها الصواريخ الباليستية بعيدة المدى "العابرة للقارات". اقرأ أيضًا: بعد تعثرها.. جنرالات واشنطن يُحيون المفاوضات مع كوريا الشمالية وصرح ديف شميلير، الباحث المشارك في مركز جيمس مارتن لدراسات منع انتشار الأسلحة النووية خلال حديثه لCNN: "بالمقارنة بالعروض العسكرية الماضية، بدا غياب أنظمة الصواريخ العابرة للقارات أمرًا واضحًا في العرض العسكري بكوريا الشمالية". وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض سارة ساندرز: "الرئيس الأمريكي لا يُمانع عقد اجتماع آخر لمناقشة نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية". الصحيفة البريطانية أكدت أن زعيم كوريا الشمالية حقق نجاحات لا يمكن إغفالها على مستوى الدبلوماسية الدولية خلال العام الجاري، لا سيما بعد اجتماعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصيًا في سنغافورة مايو الماضي، إضافة إلى سلسلة من اللقاءات التي جمعته بقادة الصينوكوريا الجنوبية.