في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات الداعية لترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة رئاسية خامسة رغم مرضه، نجد على الجانب الآخر أصوات مناهضة لهذه الولاية الجديدة، وبدأت تخرج إلى الشارع للتعبير عن هذا الرفض مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. لم يقرر الرئيس الجزائري بعد ترشحه لفترة رئاسية جديدة في الانتخابات لمقررة العام المقبل من عدمه، إلا أن توقعات ترشحه أثارت جدلًا في الشارع الجزائري في ظل مرضه وغيابه عن المشهد العام منذ إصابته بجلطة دماغية مطلع 2013، أي قبل عام من فوزه بولاية رابعة. وبينما يطالب 26 حزبًا سياسيًا وتنظيمًا مدنيًا "بوتفليقة" بالترشح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، تعارض قوى سياسية ومدنية ترشحه، وتطالب بتغيير سياسي عميق في البلاد التي يحكمها حزب جبهة التحرير الوطني منذ الاستقلال في العام 1962. "المواطنة" والولاية الجديدة حركة "مواطنة" التي تتكون من رؤساء أحزاب معارضة وشخصيات من المجتمع المدني من بينهم رئيس الحمومة الأسبق أحمد بن بيتور، من الرافضين لترشح بوتفليقة، حيث دعت إلى وقفة احتجاجية بمدينة قسنطينة في شرق الجزائر للمطالبة بتغيير سياسي وللتعبير عن رفض ترشح الرئيس لولاية رئاسية خامسة. إلا أن الشرطة الجزائرية قامت بمنع التجمع الذي دعت إليه الحركة، وقامت باعتقال البعض من شخصياتها البارزة قبل أن تطلق سراحهم في وقت لاحق. اقرأ أيضا: بعد «لقاء الخصوم».. هل يشارك الجيش في «الانتقال الديمقراطي» بالجزائر؟ الحركة قالت في بيان لها: "اقتادت مصالح الأمن المتحدثة باسم الحركة ورئيس حزب الاتحاد من أجل التغيير زبيدة عسول ورئيس حزب نداء الوطن علي بن نواري ورئيس رابطة حقوق الإنسان صالح دبوز إلى مركز شرطة المدينة، حيث بقوا فترة وأبلغوا بأن تنظيم أي تجمع في المدينة ممنوع بسبب عدم الحصول على ترخيص رسمي"، بحسب "يورو نيوز". وهذا النشاط ليس الأول للحركة، فسبق لناشطيها وقيادييها أن تعرضوا للمنع خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظموها في ساحة الشهداء بوسط العاصمة منذ أسابيع، حيث تم توقيف عدد من الناشطين والسياسيين، وتجريدهم من مختلف وسائل الاتصال والتصوير، بهدف الحد من نشر وبث النشاط في منصات التواصل الاجتماعي. تكميم الأفواه ولا تزال السلطات الجزائرية تحظر المسيرات والاحتجاجات في العاصمة منذ العام 2002، وتزعم الحكومات المتعاقبة بأن القرار يسري على محافظة العاصمة فقط، ولا ينطبق على المدن والمحافظات الأخرى، إلا أن ما تعرضت له احتجاجات الأطباء المقيمين وناشطي حركة "مواطنة" في مدينة قسنطينة يشير إلى عكس ذلك. اقرأ أيضًا: هل نظمت الجزائر رحلات جوية إلى إسرائيل؟ رئيس رابطة "الدفاع عن حقوق الانسان" في الجزائر صالح دبوز، أفاد أن مصالح الأمن اقتادتنا إلى مراكز للشرطة، ورفضت السماح لنا بتنظيم تجمع يدخل في اطار ممارسة حقنا الدستوري في التعبير عن مواقف وآراء سياسية. كما انتقد حزب "جيل جديد" المعارض، في بيان نشره أمس هذه الاعتقالات ووصفها ب"القمعية"، واعتبر أن السلطة "تريد الاستمرار في سياسة تكميم الأفواه"، بحسب "سبوتنيك". التعجيل برحيل النظام وانبثقت الحركة المكونة من قادة أحزاب سياسية وناشطين وشخصيات مستقلة، عما كان يعرف ب"تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي"، فبعد تفكك التكتل المعارض للسلطة بسبب مشاركة الإسلاميين في الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت العام الماضي، توجه نشطاء سياسيون إلى إطلاق حركة "مواطنة" قبل أشهر قليلة، كتنظيم مدني يضم في صفوفه أحزابًا معارضة وأكاديميين وحقوقيين وإعلاميين وشخصيات مستقلة، كرئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور. اقرأ أيضًا: الحكومة الجزائرية في ورطة بعد «فضيحة المنتجات الزراعية» كانت 14 شخصية جزائرية سبق لها أن أصدرت رسالة مفتوحة تطالب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعدم الترشح إلى ولاية رئاسية خامسة، فيما أُعلن تأسيس حركة "مواطنة"، لتكون موضعا للنقاش وموقعًا لمن يرفض ترشح "بوتفليقة" إلى ولاية خامسة، والبحث عن سبل تحقيق التغيير السلمي والمنشود للنظام القائم. وأضاف أصحاب المبادرة في بيان صدر عنهم أنهم قرروا توحيد جهودهم في إطار فضاء للتشاور والتفكير والمبادرة، من أجل المساهمة في الوصول إلى التغيير الحقيقي المنشود، والذي تحتاجه البلاد أكثر من أي وقت مضى. ا وتهدف "حركة مواطنة" إلى جمع أكبر عدد ممكن من الجزائريين من أجل التعجيل برحيل النظام القائم، وتحضير الشروط الضرورية من أجل انتقال سياسي سلمي، مؤكدين أن رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحده ليس كفيلًا بإحداث تغيير في النظام ولا في الطريقة التي تسير بها البلاد. كما ترى الحركة أن البلاد بحاجة إلى إصلاحات سياسية وإصلاحات في مؤسسات الدولة تكون عميقة، وأنها لا يمكن أن تتحقق إلا إذا قادتها حركة تمثل كل ألوان الطيف السياسي وتكون مدعومة من قبل الكثير من الجزائريين، فضلًا عن أن أهدافها يجب أن تكون واضحة. اقرأ أيضًا: «بوتفليقة» يستبق الانتخابات الرئاسية بالتضحية بالقيادات العسكرية وأوضح أصحاب المبادرة أن الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في 2019 رغم أهميتها، لا يمكن إلا أن تكون محطة، لأنه في أعقاب هذه الانتخابات ستتحدد التوازنات الجديدة التي سيكون لها تأثير على مستقبل البلاد، بحسب "القدس العربي". ولم تتأخر الحركة منذ الإعلان عن ميلادها في تأكيد رفضها المطلق للولاية الرئاسية الخامسة لبوتفليقة، ودعته إلى عدم الانصياع لرغبات المحيطين به، الذين وصفتهم ب"القوى الانتهازية والوصولية". وتدهورت الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة البالغ من العمر 81 في 2013 بعد إصابته بجلطة دماغية استدعت نقله إلى مستشفى "فال دو غراس" بباريس، حيث مكث هناك قرابة ثلاثة أشهر، ولم يقم "بوتفليقة" خلال انتخابات الرئاسة في العام 2014 بحملة انتخابية ولم يظهر أمام شعبه حينها، حيث أنابت عنه الأحزاب الموالية. اقرأ أيضًا: بعد الإساءة لبوتفليقة.. العلاقات الجزائرية الأوروبية على صفيح ساخن