تظل القوة العسكرية والتطوير التقني للأسلحة من أهم السمات المميزة للولايات المتحدة على مدار عقود طويلة، وهو الأمر الذي أسهم بشكل رئيسي في تربع على عرش القوى العسكرية في العالم، غير أن بعض المشروعات التي ترتبط بهذا الملف بشكل مباشر لا تزال تخضع لتقييم العاملين والخبراء في الجيش الأمريكي. ولعل مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنشاء قوة عسكرية في الفضاء كان من أكثر الملفات سخونة وإثارة للجدل داخل الجيش الأمريكي، خاصة وأن العديد من الخبراء حذروا من تبعات إنشاء فرع عسكري سادس للقوات المسلحة في الولاياتالمتحدة يحمل اسم "قوة الفضاء"، وذلك بحسب ما ورد في شبكة CNBC الأمريكية. وقالت ديبورا لي جيمس، القائدة السابقة لسلاح الجو الأمريكي خلال حوارها مع معهد روكينجر، إن مشروع ترامب لإنشاء قوة الفضاء لن ينجح، مشيرة إلى أن وجود فرع خدمة جديد سيزيد من تفاقم المشاكل التى تعانى من جهود الفضاء العسكرية الأمريكية. اقرأ أيضًا: الجيش الأمريكي: لدينا 300 ألف جندي في 177 دولة وفي الوقت الذي تعمل فيه وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون على تلبية رغبة الرئيس دونالد ترامب في إنشاء فرع خدمي سادس بسلاح الجو الأمريكي يكون معني بصفة رئيسية بالفضاء، فإن العديد من المعوقات قد ظهرت في طريق المشروع الضخم، والذي أمر ترامب البنتاجون بالتحرك لتنفيذه خلال العام الأول من ولايته كرئيس للبلاد. وأضافت لي جيمس السكرتير الثالث والعشرون للقوات الجوية ومستشار الفضاء الدفاعي لإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما: "من المؤكد أنه سيكون للقوة الفضائية مهمة ضخمة ستستهلك الكثير من الوقت والجهد والتفكير". وأوضحت لي جيمس أنها لا ترى أهمية في أن تمتلك الولاياتالمتحدةالأمريكية قوة فضاء منفصلة، مشيرة إلى أن الفرع السادس لخدمات السلاح الجوي سيتسبب في إرباك العديد من المسائل الأمنية القومية للولايات المتحدة. وعلى مستوى التنفيذ على أرض الواقع، ترى المستشارة السابقة لأوباما أن كبار الضباط في البنتاجون يبدو في تردد واضح بشأن إبداء الرأي في تشكيل فرع عسكري جديد، مؤكدة أن الضباط لا يرون أهمية واضحة لها ولكنهم مضطرون لإتمام المشروع. للمزيد: ماذا يعني إعادة كوريا الشمالية رفات الجنود الأمريكيين؟ يأتي ذلك في الوقت الذي تمتلك فيه واشنطن 5 وحدات عسكرية رئيسية هي القوات البرية والبحرية والمشاة البحرية والقوات الجوية وقوات خفر السواحل، وستكون إضافة فرع الخدمة الخاصة بقوة الفضاء هو الأول من نوعه منذ 71 عامًا. ويبدو من الوهلة الأولى حديث لي جيمس على أنه مجرد صراع سياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين، غير أن لي جيمس نفت ذلك بشكل كامل، مؤكدة أن المشروع يهدر الموارد المُخصصة من البنتاجون في فرع سادس قد لا يبدو بالأهمية الواضحة في الوقت الحالي. وحسب رؤيتها العسكرية، فإن تشكيل فرع عسكري سادس "سيؤدي إلى انتقاص الموارد التي تذهب إلى الفروع الأخرى"، وأوصت جيمس بأن يفكر الرئيس في إنشاء قيادة محاربة وظيفية جديدة شبيهة بالقيادة الإستراتيجية الأمريكية التي ستتركز فقط على الفضاء. وعندما سُئلت جيمس عن مدى التكلفة التي سيحتاجها فرع خدمة جديد، أشارت إلى أنه بالتأكيد شيء لا يمكن تأسيسه بشكل صحيح دون استثمار كبير، وهو ما يعني أنه سيمثل ضغط جديد على الموارد العسكرية في المستقبل القريب. وأجابت: "لا أعرف كم سيتكلف إنشاء خدمة عسكرية منفصلة ولكن إذا كان أي شخص يعتقد أن ذلك يمكن أن يُصنع بثمن بخس، فأقول لك أنني لم أر قط شيئًا على هذا المنوال رخيص، فهو سيتكلف أكثر مما يتوقع هؤلاء الأشخاص". طرح ترامب في البداية فكرة القوة كجزء من استراتيجيته للأمن القومي في 13 مارس الماضي، قائلاً "الفضاء مجال حرب، تمامًا مثل الأرض، الجو، والبحر"، حيث أتى ذلك بشكل رئيسي بينما كان يناقش الإنفاق الحكومي الأمريكي والاستثمار الخاص في الفضاء. وقال ترامب في مارس حينها: "لدينا سلاح الجو وسنمتلك قوة الفضاء." للمزيد: وزير الدفاع الأمريكي: لن نتعاون مع الجيش الروسي في سوريا الجيش الأمريكي هو أقوى القوات العسكرية على مستوى العالم من حيث التطوير والقدرات النووية والتصنيعية، وهو يمتلك 5 فروع أساسية، أصغرها القوات الجوية وهي أقل فرع في البلاد من حيث العدد والعتاد، وتمت إضافتها بعد فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية، خاصة بعد شعور الولاياتالمتحدة بزيادة دور المعارك الجوية في حسم الحروب. ويعد هذا القرار أحد أكثر الملفات التي أثارة حالة جدل واسعة في العالم، لاسيما وأن الولاياتالمتحدة لا تجد منافسة واضحة على مستوى التطوير الفضائي والشق العسكري التابع لذلك، حيث تظل روسيا على مسافة ليست بالقصيرة من متابعة التطوير العسكري الفضائي في الولاياتالمتحدة.