تتجه أنظار العالم إلى سنغافورة في الثاني عشر من يونيو الجاري، لمتابعة أحداث القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون. وإذا انتهت القمة باتفاق ترامب وكيم على السلام، ونزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية، فستكون هناك فوائد في جميع أنحاء المنطقة، وقد تنال الصين جانبا منها. ومن المفترض أن تعتبر بكين تلاشي خطر نشوب حرب في بلد مجاور لها، ورفع العقوبات التجارية، ودخول بيونج يانج، الحليف القديم حقبة جديدة من الاستقرار، تطورا جديدا في صالحها. إلا أن شبكة "سي إن إن" الأمريكية، تقول إن الأمر قد لا يكون كذلك، حيث حذر عدد من المحللين في شؤون منطقة جنوب شرق آسيا من العواقب غير المقصودة للقمة. ويرى كوري والاس المحلل الأمني الآسيوي في جامعة "فراي" في برلين أن "الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية قد يعني أن تحظى الولاياتالمتحدة حرية أكثر في مواصلة المنافسة الاستراتيجية مع الصين". وبرزت تلك المنافسة في الفترة التي سبقت قمة 12 يونيو، حيث ازدادت التوترات بين الولاياتالمتحدةوالصين بسبب التحصينات العسكرية الصينية على جزر بحر الصينالجنوبي. اقرأ المزيد: ماذا يريد كيم من أمريكا في قمة سنغافورة؟ وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، أمام منتدى "شانجريلا" للدفاع في سنغافورة نهاية الأسبوع الماضي، إنه "على الرغم من ادعاء الصين عكس ذلك، فإن وضع هذه الأسلحة على هذه الجزر، مرتبط بشكل مباشر بالاستخدام العسكري لأغراض التخويف والإكراه". وأضاف ماتيس أن هذا تحد تستعد الولاياتالمتحدة للوقوف أمامه الآن وفي المستقبل، مؤكدًا "أن أمريكا ستستمر فى الوجود في منطقة المحيط الهادي الهندي". وأشار كوري والاس ومحللون آخرون، إلى أن تخفيف حدة التوتر في كوريا قد يسمح لعشرات الآلاف من القوات الأمريكية المنتشرة في شبه الجزيرة الكورية، بالعمل بحرية. وصرح تيموثي هيث كبير محللي شؤون الدفاع بمؤسسة "راند كوربوريشن" البحثية، أن "هذه القوات ملتزمة في الوقت الحالي بحالات الطوارئ الكورية، وفي حالة الدخول في صراع مع الصين، سيكون من الصعب للغاية على الولاياتالمتحدة استغلال هذه القوات المتمركزة في شبه الجزيرة الكورية". وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أنه تحت ستار حماية كوريا الجنوبية، يمكن أن تستخدم الولاياتالمتحدة تلك القوات لإظهار قوتها في أجزاء أخرى من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثل اليابانوسنغافورةوأستراليا والفلبين، والتركيز مجددًا على مواجهة النفوذ الصيني في المنطقة. وأكد كوري والاس، أن "القوات الأمريكية لن تحزم أمتعتها ببساطة وتعود إلى بلادها". وقالت "سي إن إن" إنه يجب على بكين أيضا أن تكون حذرة من انجراف حليفها القديم في بيونج يانج نحو الحصول على صديق جديد في واشنطن. اقرأ المزيد: أمريكا: أفعال الصين في البحر الجنوبي «ترهيب وإكراه» ومن جانبه يرى تيموثي هيث أن "هذا التقارب يمكن أن يضر بمصالح الصين، خاصة إذا بدأت كوريا الشمالية في التخلي عن اختيارات لصالح الصين، مقابل اتخاذ قرارات تعطي الأولوية للولايات المتحدة، من أجل الحفاظ على العلاقات الجيدة". وأضاف أن "كوريا الشمالية، مثل كل الدول في آسيا، تسعى للحصول على علاقات أكثر دفئًا مع الولاياتالمتحدة لموازنة القوة الصينية". وعلى سبيل المثال، قد تكون كوريا الشمالية قادرة على التفاوض على صفقات تجارية مع الولاياتالمتحدة والغرب، أفضل مما تتلقاه حاليًا من الصين، أكبر شريك تجاري لها. ويقول سام روجيفين، المحلل بمعهد "لوي" في أستراليا، إن ادعاء كوريا الشمالية بقدرتها على إطلاق صواريخ نووية إلى نيويورك أو شيكاغو، تعطي الصين ميزة أخرى. وذلك من خلال خلق حالة من عدم اليقين بين حلفاء الولاياتالمتحدة، فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة مستعدة لدعمهم فعلاً أم لا، في حالة تعرضهم للهجوم. وأضاف روجيفين، أنه يتعين على اليابانوكوريا الجنوبية أن تسأل نفسيهما: "هل ستخاطر الولاياتالمتحدة بفقدان مدينة أمريكية كبيرة من أجل الدفاع عنا؟"، مشيرا إلى أن "الجواب هو لا". اقرأ المزيد: وسط الحرب التجارية.. ترامب يتجاهل تورط بنوك الصين في غسيل أموال كوريا الشمالية ويرى محللون أن الصين، من الناحية النظرية، تستطيع استغلال هذا الأمر للتشكيك فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستساعد اليابان في قضية جزر "دياويو" المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي، أو حتى ما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستدافع عن تايوان إذا ما تعاملت الصين معها عسكريا. إلا أن هذه الشكوك قد تكون غير واقعية، حيث يصبح التحالف الإقليمي للولايات المتحدة أكثر أمانًا وقوة، خاصة عندما يواجه تهديدًا مشتركًا. وقد يتسبب التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية لدول شمال آسيا، ونفوذ الصين الذي يمتد عبر آسيا، في اجتذاب المزيد من الدول إلى مدار الولاياتالمتحدة. لكن والاس، يشير إلى أن هناك نتيجة للقمة يمكن أن تمثل كابوسًا لكل من الصين وحلفاء الولاياتالمتحدة، وهي الاتفاق على صفة نووية جزئية، تتخلى كوريا الشمالية بموجبها عن الصواريخ طويلة المدى التي يمكن أن تصل إلى الولاياتالمتحدة، وتحتفظ بالصواريخ قصيرة المدى التي يمكن أن تهدد اليابانوكوريا الجنوبية. وربما يشجع ذلك الحلفاء الأمريكيين على تطوير برامجهم الخاصة للأسلحة النووية، مما يتسبب في اندلاع سباق للتسلح في شمال آسيا، على الرغم من التأكيدات بأن سعي المزيد من الدول في المنطقة إلى امتلاك أسلحة نووية سيكون أمرا مزعزعا للاستقرار. إذن ما هي أفضل نتيجة لبكين عندما تنتهي قمة ترامب كيم؟ قال سام روجيفين إن "أفصل نتيجة للقمة هو ألا تسفر عن أي شيء ملموس، نتيجة تكتفي بتهدئة التوترات في المنطقة". اقرأ المزيد: استراتيجية ترامب في التعامل مع الصين قد تأتي بنتائج عكسية ذلك لأنه مع انشغال الولاياتالمتحدة بقضية كوريا الشمالية، يمكن للصين أن تستمر في ما كانت تفعله على مدى السنوات العديدة الماضية، وهو تعزيز وجودها في بحر الصينالجنوبي، وزيادة الضغط الدبلوماسي والتدريبات العسكرية حول تايوان، وتتحدى بسفنها وطائراتها، ادعاءات اليابان بملكية جزر بحر الصين الشرقي، وبناء وتحديث قواتها المسلحة، وإقامة علاقات اقتصادية أكثر عمقا في جميع أنحاء آسيا والمحيط الهادئ. وأضاف روجيفين أن الصين ترى في الوقت الحالي أن البرنامج النووي لكوريا الشمالية هو "أداة مفيدة لغرضها الأكبر، المتمثل في تقويض مزاعم أمريكا بأنها القوة الإستراتيجية الأكبر في آسيا، وأن تحصل هي على ذلك اللقب".