أزمة تشهدها إسرائيل على مدى الفترة الأخيرة، بسبب مقدمي طلبات اللجوء الأفارقة، بعد أن واجهت خطة الحكومة لترحيلهم عقبة كبرى، وهي أنه لا يوجد أي بلد إفريقي على استعداد لاستقبالهم. وانهارت الاتفاقية مع رواندا، وفشلت الجهود للتفاوض على اتفاق مع أوغندا، رغم إعلان كمبالا عن استعدادها لقبول 500 مهاجر إفريقي من إسرائيل. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، عن وزير الدولة للإغاثة والتأهب للكوارث واللاجئين موسى ايكويرو، تأكيده أن أوغندا تنظر بإيجابية في طلب إسرائيل، حيث صرح "بالفعل هناك ملايين اللاجئين من الصومال وإثيوبيا في أوغندا، لذا فإن قلة من إسرائيل لن تمثل مشكلة لأوغندا كدولة مضيفة للاجئين". وأضاف ايكويرو، أن هذه الخطوة كانت بادرة إنسانية محضة، ونفى أن تكون إسرائيل قد تدفع أموالًا لأوغندا. اقرأ المزيد: أزمة في إسرائيل بسبب إلغاء «صفقة اللاجئين» بعد ساعات من إقرارها ومع ذلك، ومع وجود نحو 38 ألف طالب لجوء في إسرائيل، فإن الاتفاق مع أوغندا على قبول 500 لاجئ يعد نقطة في بحر، كما تم تعليق خطة الحكومة للترحيل الجماعي للاجئين. في أوائل إبريل الجاري، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الداخلية أري ديري، في مؤتمر صحفي احتفالي، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وبموجب الاتفاق، تتحمل الأممالمتحدة المسؤولية عن إعادة توطين 16250 طالب لجوء في الدول الغربية، وسيسمح للبقية بالبقاء والعمل في إسرائيل، مع التزام الحكومة بنقل معظمهم إلى مناطق أخرى في إسرائيل، كجزء من خطة أوسع لإعادة تأهيل جنوب تل أبيب. وقال نتنياهو إن بلدانا من ألمانيا وإيطاليا وكندا من الممكن أن تقبل المهاجرين، رغم تأكيد المسؤولين في روما وبرلين أنهم لا يعرفون أي اتفاق. ولكن الصفقة لم تلق قبولًا بين الأحزاب اليمينية، حيث أوقف نتنياهو الصفقة بعد سبع ساعات من إعلانها، وألغى الاتفاق في صباح اليوم التالي. حيث أدان أعضاء حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو، وسكان جنوب تل أبيب، والمدونون اليمينيون، الحكومة بقبول الاتفاق، واتهموا الحكومة بالاستسلام لحملة إعلامية يسارية. وحث وزير التعليم نفتالي بينيت، زعيم حزبى اييت يهودي، المنافس الرئيسي لحزب الليكود على أصوات اليمين، الحكومة على التحرك لطرد "المتسللين غير الشرعيين". حيث صرح أن "الموافقة على منح اللجوء ل16 ألف متسلل في إسرائيل، سيحول إسرائيل إلى فردوس للمتسللين"، وأضاف أن "الخطة الأصلية كانت أخلاقية وصحيحة، ويجب أن نتصرف فقط تماشيا مع ذلك، حيث أصبحت مصداقية الحكومة الإسرائيلية على المحك". اقرأ المزيد: أزمة نتنياهو قد تعصف بقائد الشرطة الإسرائيلية وفي صباح اليوم التالي لإعلان الصفقة مع وكالة الأممالمتحدة، التقى رئيس الوزراء مجموعة من سكان جنوب تل أبيب وشرح موقفه، حيث قال: "في كل عام أتخذ آلاف القرارات التي تفيد دولة إسرائيل ومواطني إسرائيل"، مضيفًا: "من وقت لآخر يتم اتخاذ قرار يحتاج إلى إعادة النظر فيه". وأكد أنه على الرغم من "الصعوبات القانونية والدولية المتزايدة، سنواصل التصرف بعزم لاستنفاد كل الإمكانيات المتاحة لنا لطرد المتسللين، وفي الوقت نفسه سنواصل البحث عن حلول إضافية". الصحيفة العبرية، أشارت إلى أن "الحلول الإضافية" التي أعلن عنها نتنياهو تبدو بعيدة المنال. حيث اضطرت السلطات إلى الإفراج عن المحتجزين المتبقين العشرين الذين ينتظرون ترحيلهم من سجن سهرونيم، بسبب عدم تمكنها من الوفاء بالموعد النهائي لمحكمة العدل العليا في منتصف إبريل، لتقديم اتفاقية مكتوبة مع بلد ثالث لاستقبال طالبي اللجوء، وكان قد تم حبسهم بسبب رفضهم الترحيل، ولكن دون وجود دولة إفريقية على استعداد لاستقبالهم، لم يعد هناك مبرر قانوني لإبقائهم قيد الاحتجاز. ورحبت حركة "أوقفوا الترحيل" بإطلاق سراح السجناء، لكنهم انتقدوا الحكومة قائلين إنه "أصبح من الواضح بما لا يدع مجالًا للشك أن الترحيل القسري لم يعد خيارًا، حتى بلدان العالم الثالث غير راغبة في المشاركة في مثل هذه الخطوة غير الإنسانية". وحث وليام سبيندلر، المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بعد أن أعلنت إسرائيل إلغاء الصفقة مع المنظمة، نتنياهو على إعادة النظر مرة أخرى في القرار. وصرح سبيندلر أننا "ما زلنا نؤمن بالحاجة إلى اتفاقية جيدة للطرفين، يمكن أن تفيد إسرائيل والمجتمع الدولي، ومقدمي طلبات اللجوء، ونأمل أن تعيد إسرائيل النظر في قرارها قريبًا". اقرأ المزيد: تقرير مصير 32 ألف مهاجرًا إفريقيًا في إسرائيل وقال زعيم المعارضة إسحق هرتسوغ، إن الطريق الوحيد للأمام هو استقالة نتنياهو، مؤكدّا "أن قرار إلغاء اتفاق دولي كان من شأنه أن يجعل من الممكن إيجاد حل معقول لهذه القضية، سيعقد الأمور بالنسبة لإسرائيل من الناحية القانونية والسياسية والإنسانية". وقالت "جيروزاليم بوست"، إن الفشل في تنفيذ سياسة الترحيل، لم يكن النكسة الوحيدة للحكومة، ففي خطاب أمام لجنة الكنيست، أكد مسؤول حكومي أنه من المستحيل تطبيق قاعدة تحظر طالبي اللجوء من العيش أو العمل في سبع مدن رئيسية، تضم أكبر تجمع للأفارقة وهي تل أبيب وإيلات وبتاح تكفا ونتانيا وبني براك وأشدود القدس. وقال يوسي ادلشتاين، الذي يرأس قسم الإنفاذ في مصلحة الهجرة، إن مكتبه لا يملك أدوات لإنفاذ هذه القرارات، حيث سيستمر نحو 15 ألفا من طالبي اللجوء الأفارقة في العيش في جنوب تل أبيب. وفي أعقاب تراجعه عن موقفه، اتهم نتنياهو صندوق "إسرائيل الجديدة" بالضغط على رواندا لسحب موافقتها على قبول طالبي اللجوء من إسرائيل، وقال إنه أصدر تعليماته إلى رئيس الائتلاف بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لفحص نشاط الصندوق.