شهدت الأيام الماضية ظهور الكثير من حالات الانتحار بين الشباب جراء لعبة الحوت الأزرق، غير أن الدكتورة سعاد صالح، أستاذة ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية فى جامعة الأزهر، فجرت مفاجأة حول موقف الشرع من الانتحار لضحايا لعبة "الحوت الأزرق"، حينما أكدت أن المنتحر ليس كافرًا، وإنما هو عاصٍ. واستدلت سعاد صالح على رأيها هذا بأن النبي محمدا "صلى الله عليه وسلم" لم يصل على المنتحر؛ ولكن سمح للصحابة بالصلاة عليه، واعتبره كالمريض الذي يئس من الشفاء. فتوى سعاد صالح بعدم تكفير المنتحر، أثارت العديد من حالات الغضب والسجال بين مختلف رجال الدين الذين يرون فى المنتحر بأنه يحتل حكما آخر فى الشرع. وأفتت دار الإفتاء فى فتوى رسمية لها حملت رقم مسلسل، "2633" حول حكم المنتحر؟ وهل هو كافر؟ وهل يكفَّن ويصلَّى عليه ويُدفَن في مقابر المسلمين؟ بأن الانتحار حرامٌ شرعًا. واستدلت دار الإفتاء بحرمة الفعل، لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإجماع المسلمين؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، متفق عليه. وأكدت الإفتاء أن المنتحر وقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى عليه ويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين. وكشف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه من المقرر شرعا أن المسلم لا يخرج عن إسلامه إلا جحود وإنكار أساسيات الإسلام وهى: الشهادتان ونبوة الحبيب المصطفى، وحجية القرآن الكريم، مؤكدًا أنه إذ أنكر المسلم عمدًا مع العلم هذه الأمور يكون قد كفر وخرج عن الملة، وتجري عليه أحكام الردة بالضوابط العلمية والقضائية. وأوضح كريمة ل"التحرير" أن تلك الحالات المذكورة سلفًا هى التى تخرج المسلم عن الملة، أما إذ ارتكب مسلم كبائر أو صغائر سواء عن علم أو جهل، يعد فاسقا عاصيا، لا يخرج عن الملة، وفى الدنيا تجرى عليه عقوبات مفصلة فى الفقه الإسلامى، أما الآخرة فمذهبنا نحن أهل السنة والجماعة بأنه مسلم عاص أمره مفوض إلى الله. واستشهد كريمة بحرمة تكفير المنتحر، بقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، حينما قال: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته"، مشددًا على أن موقف الشرع من المنتحر بمثابة مسلم عاص فاسق يكفن ويدفن فى مقابر المسلمين.