يُسرا.. روحها المرحة والصلبة تمتلئ بالحيوية والطاقة، فعشقها الفن لا ينافسه سوى حبها وإقبالها على الحياة، لتعد أفضل نجمات جيلها استغلالًا لمواهبها، وأكثرهن قدرة على تجديد دمائها دائمًا، فلا تتوقف عن اكتشاف الأدوار الجديدة، فتختار مناطق غريبة عليها، وتخوض المغامرة دون أن تخشى النقد.. هي نجمة مصرية جريئة بملامح أوروبية وابتسامة جذابة، لا يمثل العمر لها سوى رقم، فتحافظ على إشراقها وتألقها، ولا تزال قادرة على أن تكتب فصولًا جديدة في مشوارها. هي سيفين محمد حافظ نسيم، التي قدمت إلى العالم في «تاكسي»، فبينما كانت تشاهد والدتها أول أفلام عبد الحليم حافظ على شاشة السينما «لحن الوفاء»، شعرت بآلام الوضع، ولم تمهل «سيفين» والدتها حتى تصل إلى المستشفى، لتخرج إلى الحياة في سيارة الأجرة، وذلك في 10 مارس 1955. معاناة شديدة تعرضت لها في الصغر جعلتها أكثر صلابة في الكِبر، فبعد انفصال والديها جاء الأب ليأخذ الابنة، كالمعتاد لتقضي معه الإجازة، إلا أن الوالد كان يُدبر مكيدة، وحرمها من حضن والدتها لمدة 7 سنوات، وكان ذلك وهي في سن الثالثة عشرة، ولم تُكمل تعليمها بسبب والدها الذي كان شكاكا، وأراد أن يُقيد حريتها، إلا أنها تغلبت على آلامها بالقراءة ومجالسة المثقفين مثل صلاح جاهين. الشابة التي كانت دائمًا ما تهوى تقليد الأشخاص، دخلت مجال الفن صدفةً، حيث حصلت على فرصة عندما كانت في ال18 عامًا للغناء في برنامج «على الناصية» للإذاعي عمر بطيشة، الذي سألها عن أمنيتها، فأجابت أنها تحلم أن تكون ممثلة ومغنية وراقصة، وعقب انتهاء الحلقة تلقت اتصالًا من عبد الحليم نصر، أهم مصور في مصر حينها، وكان يمتلك شركة إنتاج كبيرة، وتحدث معها وطلب التحدث مع والدها، وبالفعل اتفق الاثنان، وذهبت هي ووالدها إلى مكتبه، وأجرى اختبارًا لها، وأخبرها أنه سينمحها أول بطولة من خلال فيلم «قصر في الهوا»، مقابل ألف جنيه، عام 1978، وحملت اسم فني «يُسرا». قدّمت عددا من الأفلام في تلك الفترة، منها «فتاة تبحث عن الحب، مايوه لبنت الأسطى محمود، شباب يرقص فوق النار، ابتسامة واحدة تكفي، الجنة قدميها، شيطان الجزيرة، وعشاق تحت العشرين»، لكن المخرج يوسف شاهين، استطاع أن يُعيد اكتشافها سينمائيا، وبدأت قصة «جو» مع يسرا، في الأفلام التي تناولت سيرته الذاتية مثل «حدوتة مصرية، إسكندرية كمان وكمان». في عامها الفني الأول، صفعها والدها على وجهها في بلاتوه التصوير، بعدما تلقت أول قُبلة لها في عالم الفن، التي كانت مع الفنان حسين فهمي في فيلم «ألف بوسة وبوسة»، ودخلت في مشادة كبيرة مع والدها، كادت تؤدي لاعتزالها الفن نهائيًا. سرعان ما أصبحت «يسرا» إحدى أهم نجمات السينما في الثمانينيات والتسعينيات، واكتسبت شعبية جارفة كان وراءها تعاونها مع الزعيم عادل إمام، في أفلام تجاوزت ال15، منها «على باب الوزير، الإنسان يعيش مرة واحدة، الإنس والجن، كراكون في الشارع، الإرهاب والكباب، المولد، والمنسي»، فضلًا عن تعاون مع غيره من النجوم، ومنهم أحمد زكي، في أفلام منها «امرأة واحدة لا تكفي، الراعي والنساء، والبداية»، وكذلك النجم محمود عبد العزيز، ويكفيها أنها شاركته بطولة أحد أهم المسلسلات في تاريخ الفن المصري «رأفت الهجان»، بأجزائه الثلاثة، الذي اكتشفت خلال عمله به واحدا من أهم أسرار أسرتها، وهو أن عمها هو ضابط المخابرات محمد نسيم الشهير ب«نديم قلب الأسد» في المسلسل، حيث لم تكن تعلم أن عمها هو الذي زرع رجل المخابرات المعروف باسم رأفت الهجان في إسرائيل، ولم تكن تعلم من الأساس أنه كان يعمل في المخابرات. وأرادت «يسرا» منذ بدايتها تحقيق معادلة سعاد حسني، وشادية، بأن تكون فنانة شاملة، فاجتازت إلى جانب عضويتها بنقابة الممثلين، اختبارات نقابة الموسيقيين، في لجنة ضمت في عضويتها الموسيقار محمد سلطان، والموسيقار حلمي بكر، وقدّمت ألبومين غنائيين، ومن أشهر أغانيها «جنون الحب، جت نظرة عيونه»، لكن مع التجربة طغى نجاحها في التمثيل على حبها للغناء، وعادت في أكتوبر 2017، للغناء ب«3 دقات» مع المطرب الشاب «أبو»، ليحققا معا نجاحًا غير تقليدي تخطى الحدود، حيث شاهد الأغنية أكثر من 185 مليون شخص في 5 أشهر فقط. مع بداية الألفية الجديدة، اتجهت لتقديم المسلسلات، وقدّمت العديد من الأعمال التليفزيونية المتميزة، منها «جحا وبنات الشهبندر، حياة الجوهري، أوان الورد، أين قلبي، أحلام عادية، قضية رأي عام، في إيد أمينة، بالشمع الأحمر، شربان لوز، سرايا عابدين، فوق مستوى الشبهات، والحساب يجمع». أثر في حياة يسرا الفنية الكثير من الرجال، لكن في حياتها الخاصة هناك اسمان فقط، الأول هو رجل الأعمال الفلسطيني فادي الصفدي، ولم يستمر زواجهما طويلًا، والثاني هو زوجها الحالي وحب حياتها خالد سليم، شقيق النجم هشام سليم، ونجل الراحل رئيس النادي الأهلي صالح سليم، وبدأت قصتهما معا منذ الطفولة، فقد كانا أصدقاء في سن السابعة، ثم اتجه كل منهما لحياته وتزوج كل منهما وانفصالا ثم عادا والتقيا مرة أخرى وقررا الزواج، وأخفيا الأمر حتى وفاة والد زوجها عام 2002، وقيل إن مدة زواجهما السري وصلت ل15 عامًا، حتى كشفت يسرا حقيقة علاقتهما في مطار القاهرة، عندما منعت من دخول صالة كبار الزوار خلال استقبال جثمان الراحل، واتخذ الزوج قرار عدم الإنجاب، لإحساسه ب«وحشية» العالم، لذلك قررا ألا ينجبا، وهي لا تندم على ذلك. حصلت على أكثر من 50 جائزة عن أعمالها، منها جائزة أفضل ممثلة لعام 1981 عن فيلم «ليلة شتاء دافئة»، وجائزة أفضل ممثلة عربية لعام 1991 من التليفزيون العربي الأمريكي، وكُرمت من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في إيطاليا عام 1992، وكرمها مهرجان «كان» الفرنسي عام 1995، واُختيرت في العام 2006 كسفيرة للنوايا الحسنة من قِبل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، كما اُختيرت في العام 2016 كسفيرة للنوايا الحسنة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.