رغم توجيه دول الرباعي العربي المقاطعة لقطر "مصر والسعودية والإمارات والبحرين" رسالة صريحة إلى الولاياتالمتحدة خلال البيان الأخير لها، بأن هذه الأزمة لن تحل إلا من خلال الوساطة الكويتية، إلا أن واشنطن ما زالت تصر على التدخل في هذه الأزمة بشتى الطرق. كلاكيت تاني مرة تيم ليندركينج، وهو أعلى مسؤول في وزارة الخارجية لشؤون الخليج العربي، إضافة إلى الجنرال المتقاعد أنتوني زيني، شخصيتان على قدر كبير من الأهمية اختارهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من المقرر أن يتوجها إلى الخليج حاملين رسالة لعدد من الدول في ظل محاولات للتوسط في أزمة قطر والتي امتدت لثمانية أشهر حتى الآن، تمهيدًا للقمة الخليجية الأمريكية المزمع عقدها في مايو المقبل، بمنتجع كامب ديفيد الرئاسي. وحسب مسؤول أمريكي كبير فإن جدول أعمال اللقاءات المُزمع عقدها بين القادة الخليجيين وترامب، سيتطرق إلى عقد قمة لمجلس التعاون الخليجي، تأمل واشنطن أن تُجرى هذا العام، فضلًا عن جهود السلام في الشرق الأوسط وإيران. وتأمل واشنطن أن تضع حجر الأساس لعقد قمة لدول مجلس التعاون بحلول هذا الصيف، في محاولة لرأب الصدع الخليجي، وفق "رويترز". وسبق أن أكد ليندركينج أن ترامب يريد إنهاء الخلاف الخليجي، ويتطلّع إلى تعاون الشركاء الخليجيين مع إدارته لحل الأزمة خلال الأشهر المقبلة، مشددا على أن ذلك لا يصبّ إلا في مصلحة إيران، ويؤثر في تعاون الولاياتالمتحدة مع حلفائها في مواجهة تحديات المنطقة. كانت الإدارة الأمريكية قد أرسلت في أغسطس الماضي، هذين المبعوثين إلى منطقة الخليج، للقاء مسؤولين لحل الأزمة، إلا أن تيموثي ليندركينج أنتوني زيني، فشلا حينها في تحقيق أية انفراجة. تأتي المحاولات الأمريكية في وقت لا تتحمس الدول الأربع المقاطعة لقطر لتعدد الوسطاء في الأزمة وتعتبره جزءا من خطة الدوحة للهروب، دون حل الأزمة ومحاولة تسويق أزمتها في المحافل الدولية كما حدث مؤخرا أمام مجلس حقوق الإنسان، إلا أن الدول المقاطعة دائما ما تؤكد أن الوساطة الكويتية هي الأقرب لفهم طبيعة الأزمة وكيفية الخروج منها. خليجية - خليجية الأوساط الخليجية أكدت أن إرسال البيت الأبيض لمبعوثين إلى دول المنطقة مرة أخرى لن يحل الأزمة، ذلك أن المشكلة ليست في غياب الوسطاء لمعرفة مواقف مختلف الأطراف، فهذا ما حصل في بداية الأزمة، بل في إصرار الدوحة على عدم تطبيق ما التزمت به في 2013 و2014 بقطع صلاتها بالجماعات المصنفة إرهابيا في المنطقة، ووقف حملاتها الإعلامية ضد جيرانها وضد مصر، والالتزام بموقف مجلس التعاون الخليجي الرافض لأي وجود أجنبي على أراضي دوله الست، فيما تستقبل قطر قوات تركية على أراضيها وتقيم علاقات مثيرة للجدل مع إيران بما يتناقض مع الأمن الإقليمي لجيرانها، حسب ما ذكرت صحيفة "العرب". ويرى الرباعي العربي أن الأزمة مع قطر خليجية خليجية ولا بد أن يتم حلها داخل مجلس التعاون وليس خارجه، وأن أي اتفاق لا بد أن يتم في السعودية التي شهدت توقيع قطر على اتفاق الرياض في 2013 والاتفاق التكميلي في 2014. وردا على التدخل الأمريكي في الأزمة، وجه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، رسالة إلى كل من واشنطنوقطر، مشيرا إلى أن خروج قطر من أزمتها حلّه خليجي وبوابته الرياض. وقال قرقاش: "تكلفة سياسة قطر الحالية عالية للغاية، وبعيدا عن التحركات اليائسة والتطبيل المدفوع له، تبقى الخيارات واضحة"، مضيفا: "كفوا عن الأذى أو تقبلوا العزلة". وتابع المسؤول الإماراتي في سلسلة تغريدات عبر حسابه على "تويتر"، إن دوائر القرار الغربية تدرك أن السعودية هي القطب الإقليمي المهم، وهي تعزّز موقعها عبر تجديد وتحديث طموح، وزيارة الأمير محمد بن سلمان معبرة عن هذا الموقع. ترامب يشترط القمة التي يعتزم الرئيس الأمريكي، عقدها في كامب ديفيد في مايو المقبل لحل الأزمة الخليجية، لن تعقد إذا لم تحقق الدول المعنية تقدّما لحل هذه الأزمة، شرط وضعه ترامب قبل انعقاد القمة، حسبما ذكرت وكالة "أسوشييتد برس". ونقلت الوكالة عن مسؤولين أمريكيين أنه في الوقت الذي يعلق فيه البيت الأبيض آمالاً على عقد قمة، فإنه يبلّغ دول الخليج أنه لا فائدة من السير قدما إذا لم تتفاهم الدول المتخاصمة نفسها. وأضاف المسؤولون أنه ليس من الواضح الخطوات التي يمكن أن تتخذها هذه البلدان، التي من شأنها أن تظهر تقدما كافيا يتيح الاستمرار في العمل على عقد القمة، لكن هناك اقتراحا أمريكيا لجيران قطر بفتح المجال الجوي أمام قطر، وهو الاقتراح الذي بالطبع لن توافق عليه الدول الأربع. ويتضح من هذا الشرط أن واشنطن تريد أن تضع العراقيل أمام وساطتها من خلال اقتراح السماح للطائرات القطرية باستعمال أجواء تابعة للسعودية أو الإمارات دون أن تضغط على الدوحة لتقديم تنازلات تظهر من خلالها رغبتها في الخروج من الأزمة الخانقة التي تعيشها، مما يضعف إمكانية استجابة الدول المقاطعة له، مما سيؤدي إلى تعقيد الأزمة وليس حلها. ومن المتوقع إلغاء القمة المحتملة بين الولاياتالمتحدة ومجلس التعاون الخليجي المقرر عقدها في كامب ديفيد في المنتجع الرئاسي الواقع في جبال كاتوكتين بولاية ميريلاند، خلال شهر مايو المقبل ما لم تستجب دول مجلس التعاون للشرط الأمريكي، هذا الشرط الذي سيقوم مبعوثا ترامب بعرضه خلال زيارتهما إلى دول الخليج الأسبوع المقبل في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة.