قد يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما زال بعيدًا عن مقصلة تحقيق روبرت مولر بخصوص التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، إلا أن الخناق بدأ يضيق حوله، في اتهامات أخرى تورط فيها صهره جاريد كوشنر. وكشفت مصادر لشبكة "إن بي سي" الأمريكية أن المحققين الفيدراليين بدأوا في التحقيق في ما إذا أثرت مباحثات جاريد كوشنر -صهر ترامب وكبير مستشاريه- التجارية مع نظرائه الأجانب خلال فترة الانتقال السياسي، على سياسات البيت الأبيض. حيث وجه "فريق مولر" أسئلة لأحد الشهود حول جهود كوشنر للتواصل مع أفراد من قطر وتركيا وروسيا والصين والإمارات، خلال الفترة الانتقالية، لتأمين تمويل لشركاته العقارية المتعثرة. وكشفت الشبكة أن شركات كوشنر تقترب من قطر عدة مرات، آخرها خلال الربيع الماضي، لحثها على الاستثمار في الشركة المتعثرة، لكن صندوق الثروة السيادي الذي تديره الحكومة القطرية، رفض طلب كوشنر. كما أشارت مصادر إلى أن كوشنر مهتم بالكشف عن تفاصيل اللقاء الذي عقده مع رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في برج ترامب في ديسمبر 2016، حيث تم الكشف عن أن بن جاسم دخل في محادثات مع شركات كوشنر حول الاستثمار في ممتلكاتها في الجادة الخامسة في نيويورك، والتي تواجه نحو 1.4 مليار دولار من الديون المستحقة في عام 2019. وأكدوا أن تلك المحادثات استمرت حتى بعد دخول كوشنر البيت الأبيض، وتخليه عن العمل في شركاته، ولكن قرر بن جاسم في الربيع الماضي عدم الاستثمار. وأشارت الشبكة إلى أنه بعد أسابيع قليلة من فشل المفاوضات بين شركات كوشنر وقطر، أيد البيت الأبيض قرار الحصار العربي على قطر والذي كان قد اتخذ بالفعل لدعمها الإرهاب وحمايتها للإرهابيين، وتمويلهم. وأضافت أن كوشنر قد لعب دورا رئيسيا في سياسة ترامب في الشرق الأوسط، كما أقام علاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والإمارات. ونقلت الشبكة عن مصادر مطلعة أن مسؤولين حكوميين قطريين زاروا الولاياتالمتحدة في أواخر يناير وأوائل فبراير للتحدث مع مولر حول ما يعتقدون أنه دليل على الجهود التي تبذلها الدول المكافحة للإرهاب بالتنسيق مع كوشنر لحصار بلادهم. إلا أن المسؤولين القطريين قرروا عدم التعاون مع مولر الآن خشية أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التوتر في علاقات بلادهم مع البيت الأبيض. وأضافت المصادر أن المسؤولين القطريين يعتقدون أن موقف البيت الأبيض من الحصار، نابع من دوافع انتقامية يقودها كوشنر الذي يشعر بالغضب بسبب فشل صفقة شركته مع قطر. وأكدت "إن بي سي" أن تعاون فريق مولر مع أفراد أو مسؤولين أجانب، قد يمثل بعدًا جديدًا في التحقيق، حيث تشير تلك الأدلة إلى أنه من الممكن أن يكون مولر يسعى لبناء قضية ضد كوشنر، تربط الإجراءات التي اتخذها بعد الانتخابات، بسلوكه كمستشار في البيت الأبيض. يذكر أن كوشنر لم يتخل عن أعماله بشكل كامل بعد التحاقه بالبيت الأبيض، حيث سمح لأخيه بالإشراف على ممتلكاته ونقل الملكية إلى والدته، بدلًا من التخلي بشكل كامل عن مصالحه المالية، فما زال لدى كوشنر استثمارات وعقارات بقيمة 791 مليون دولار. وكجزء من التحقيق في محادثات كوشنر مع الأتراك، وصل المحققون إلى مواطنين أتراك للحصول على معلومات عن كوشنر من خلال الملحق القانوني لمكتب التحقيقات الفيدرالي في أنقرة. ومن غير الواضح مدى نجاح جهود مولر في التواصل مع الأتراك، وما المناقشات التي أجراها كوشنر مع الأتراك التي يسعى مولر للتدقيق فيها. وبعد فشل المفاوضات مع القطريين، تواصل كوشنر مع مستثمرين صينيين خلال الفترة الانتقالية للرئاسة، لتمويل عقاراته المتعثرة، حيث التقى مع رئيس مجموعة "أنبانج" الصينية للتأمين مرة واحدة على الأقل، إلا أن المجموعة أعلنت عدم رغبتها في الاستثمار في عقارات كوشنر. كما التقى كوشنر مع "تسوي تيان كاي" السفير الصيني لدى الولاياتالمتحدة خلال الفترة الانتقالية، إلا أن مضمون الاجتماع غير معروف. من جانبها نفت شركات كوشنر عقد لقاءات مع حمد بن جاسم ومسؤولين أتراك مؤكدة "لم نجتمع مع أي شخص من الحكومة القطرية للحصول على أموال سيادية لأي من مشاريعنا". ونقلت الوكالة عن مصادر قولها إن هناك تواصلا بين فريق مولر وحمد بن جاسم، على الرغم من أنه من غير الواضح ما هو شكل هذا التواصل، وما إذا كانت هناك مناقشات موضوعية بين المحققين ورئيس الوزراء القطري السابق. وفي الوقت نفسه نفى المتحدث الرسمي باسم السفارة القطرية لدى الولاياتالمتحدة، وجود أي محادثات بين فريق مولر، وأي مسؤول في الحكومة القطرية، فيما رفض المتحدث باسم فريق مولر التعليق على هذه التقارير. وقال رون هوسكو المدير السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه من المتوقع أن يواجه كوشنر تهمًا إذا ما توصل فريق مولر إلى أنه "اتخذ قرارات في البيت الأبيض، والتي أثرت بطريقة أو بأخرى على موقفه المالي". حيث يحظر القانون الأمريكي على أي موظف حكومي، وبمن فيهم الشاغلون لمناصب استشارية، تقديم المشورة بناءً على مصالحه المالية. وأضافت الشبكة الأمريكية أن عددا من المصادر أكدت أن فريق مولر يحقق في اجتماع كوشنر مع مسؤولين روس، من ضمنهم المصرفي الروسي سيرجي جوركوف، الذي يقع ضمن قائمة العقوبات الأمريكية. ونفى كوشنر مناقشة العقوبات الأمريكية خلال لقائه مع جوركوف في مكتب أحد أصدقائه، فيما أكد جوركوف عكس ذلك. كما أضافت أن كوشنر التقى مع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان في برج ترامب بنيويورك، وأشارت الشبكة إلى أن بن زايد انتهك البروتوكول بسبب عقده هذا الاجتماع دون إبلاغ إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بزيارته للولايات المتحدة. وأكدت المصادر أن إدارة أوباما لم تعلم بشأن الزيارة إلا من خلال تقارير الاستخبارات الأمريكية، وليس من الواضح ما إذا كان مولر قد حاول التحدث مع أي من المسؤولين الإماراتيين أو الصينيين أو الروس.