"هجرة مضبوطة ولجوء فاعل".. مشروع قانون جديد حول الهجرة تعتزم فرنسا اعتماده وسط حالة من الجدل والانتقادات، إذ أنه ربما يزيد من مأساة ومعاناة اللاجئين والمهاجرين لأنه سيشدد قواعد الهجرة واللجوء. وعرضت الحكومة الفرنسية، أمس الأربعاء، مشروع القانون وسط انتقادات من اليسار، والجمعيات التي انتقدت صرامته الشديدة، لأنه سيشدد شروط الهجرة والتسريع من وتيرة ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم. بين التوازن والقمع ورغم الانتقادات الكثيرة التي يتعرض لها القانون الجديد، إلا أن وزير الداخلية جيرار كولومب وصف مشروع القانون بأنه "متوازن". وقال رئيس حزب "الجمهورية إلى الأمام" الذي ينتمي إليه الرئيس الفرنسي، كريستوف كاستانر، إنه في الوقت الحالي يتم ترحيل 4% فقط من الأشخاص المرفوضة طلباتهم، مؤكدا أن هذا "غير مقبول". وفيما يتعلق بالطريق عبر البحر المتوسط يقول: "لا يمكننا الترحيب بمليون شخص من ليبيا"، وهذا العدد كان تقريبا ما استقبلته ألمانيا في عام واحد فقط. وهناك العديد من نواب حزب الرئاسة انتقدوا مشروع القانون واعتبروه بعض النواب قمعيا، ما قد يهدد بانقسام في الأغلبية البرلمانية التابعة للرئيس وهو ما قد يدفع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، إلى استخدام مادة في الدستور تخوله تبني مشروع القانون بالقوة، من دون العودة إلى البرلمان، الذي من المتوقع أن يناقش بنود المشروع بحلول أبريل المقبل. تنديد حقوقي وتندد الجمعيات الإنسانية بهذه الخطوة، مشيرة إلى أنها تهدف إلى التراجع عن بعض حقوق المهاجرين واللاجئين، وبالتالي فهي تتنافى مع "تقاليد" فرنسا في مجال حقوق الإنسان. ولفتت الجمعيات الحقوقية إلى عمليات الترحيل التي تضاعفت في الأيام الأخيرة، ما يعرض معظم المهاجرين إلى الموت. من جانبه انتقد ممثل شبكة "هجرة، تنمية، ديمقراطية" في فرنسا عبد الله زنيبر، هذا القانون، قائلا في تصريح لقناة "فرانس 24": "هذا المشروع يشكل قطيعة خطيرة مع تقاليد فرنسا في حق اللجوء"، فهو يسجل تراجعا في حقوق اللاجئين. وتابع زنيبر: "مشروع القانون يحمل مقارنة أمنية غير صالحة، ويهدف إلى خلق نوع من الإحباط لدى اللاجئين حتى لا يكملوا عملية طلب اللجوء"، لافتا إلى أن باريس لم تفِ بالتزاماتها تجاه اللاجئين والمهاجرين، مقارنة مع دول أخرى مثل ألمانيا. غضب وإضراب قابلت العديد من الهيئات المعنية باللجوء والهجرة هذا القانون بالإضراب، أمس الأربعاء، للتعبير عن غضبهم من هذا القانون، ومنها المكتب الفرنسى لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية الذي لم يقم بتحرك مماثل منذ 5 سنوات، وكذلك المحكمة الوطنية لحق اللجوء التي تخوض يومها التاسع من الاحتجاجات. من جهته، اعترض المقرر في المحكمة الوطنية الفرنسية لحق اللجوء سبستيان بريزار، على مشروع القانون، قائلا: "نتفهم رغبة الحكومة في تسريع إجراءات اللجوء، لكن الطاقة البشرية للمحكمة لا يمكنها معالجة كل الطلبات". وتقول كاترين لارو من منظمة فرنسا أرض اللجوء، إن الخطير في هذا القانون تشجيع السلطات على وضع المهاجرين في سلة المهملات، وهو لا يشخص حالتهم وظروفهم الصعبة التي يعيشونها، وذلك وفق ما نقلته قناة "العربية". إصلاح بلا فائدة سيلفيا إيزولي الدكتورة في القانون الدولي، علقت على القانون قائلة :"أعتقد ان هذا القانون مجرد إصلاح جديد آخر لا فائدة منه ومن الملاحظ أن أي حكومة جديدة تأتي في فرنسا أول ما تقوم به هو إصدار قانون حول اللجوء والهجرة"، مضيفة: "دائما ما يستغل كل رئيس هذا الموضوع كدعاية انتخابية، وكأن ليس داخل فرنسا أي مشكلات سوى اللجوء". ماكرون في مأزق مشروع قانون "لجوء وهجرة" في الأساس تطبيق لوعد انتخابي قطعه ماكرون خلال حملته الرئاسية، في مطلع 2017، وفي استذكار هذا الوعد، أكد ماكرون، في 16 أكتوبر 2017، خلال مقابلة مع شبكة "تي إف 1" التلفزيونية، أن حكومته ستشدد القواعد بهذا الشأن، مضيفا: "سيكون لدينا قانونا جديدا في مجال الهجرة واللجوء في مطلع 2018، سنتخذ إجراءات أكثر قساوة وسنقوم بما يتوجب علينا القيام به". وربما يتسبب هذا القانون في وضع ماكرون بمأزق لأنه سيجلب الكثير من الانتقادات له، لأن القانون ينتهج سياسة أكثر تشددا من سياسة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، ما قد يضعف عهد الرئيس في عامه الأول. إلا أن ماكرون رد على الانتقادات الشديدة بجواب فلسفي على تويتر، مغردا: "عندما يتعلق الأمر بمسألة الهجرة، فإن التصميم والفعالية والإنسانية ضرورية، الإنسانية دون فعالية هي مجرد كلمات جميلة"، مضيفة: "يتم الخلط بين المهاجرين واللاجئين، بين حق اللجوء والهجرة لأسباب اقتصادية، وأنه ينبغي للمرء أن يميز المجموعات الفردية بدقة". نقاط مثير ويحتوي هذا القانون العديد من النقاط المثيرة للجدل والتي تشمل: - 90 يوما بدل 120 لتسليم ملف طلب اللجوء. - 15 يوما بدل 30 يوما لتقديم طعن لكن الحصول على موعد ليس قبل شهر. - زيادة مدة الاحتجاز الإداري من 45 يوما إلى 90 يوما وحتى 115 يوما. - 24 ساعة فترة الاحتجاز الإداري للتحقق من الإقامة القانونية وتعزيز صلاحيات الشرطة في هذا المجال. - إلغاء بند الترحيل إلى دولة آمنة ثالثة. 3 آلاف مشرد جاء عرض القانون على الحكومة، بالتزامن مع الإعلان عن عملية إحصاء لعدد المشردين بفرنسا، التي توصلت لنتائج أولية قدّرت عدد المشردين بالعاصمة الفرنسية باريس ب3 آلاف تقريبا، ومن المرجح أن يكون العدد المبدئي الذي توصلت له عملية الحصر أدنى كثيرا من العدد الفعلي، حسبما ذكرت نتائج الإحصاء. وأنجز 2000 موظف و1700 متطوع، إحصاء عدد المشردين فى شوارع العاصمة الفرنسية باريس، ليل الخميس والجمعة الماضيين، ووصل العدد الأولي إلى نحو 3 آلاف مشرد، في إطار تعداد هو الأول من نوعه فى فرنسا، بحسب ما أعلن برونو جوليار كبير معاونى رئيسة بلدية باريس، ويثير عدد المشردين الفعلي جدلا بين الحكومة من جهة، والجمعيات من جهة أخرى. ويبدو أن فرنسا بهذا القانون الجديد تريد أن تؤكد على المقولة الشهيرة لرئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ميشال روكار: "فرنسا لا يمكنها أن تستقبل كل بؤس العالم".