الطرق الصوفية تحاول إيجاد مكان على الخريطة السياسية والاجتماعية بعد الثورة، ومن بين تلك الطرق «العشيرة المحمدية الشاذلية»، التى نظمت المؤتمر العالمى الأول للصوفية، فى القاهرة، تحت عنوان «التصوف منهج أصيل للإصلاح».. إنها دعوة صوفية للإنقاذ والتجديد، إضافة إلى كونها حركة إصلاحية سنية. الباحث فى شؤون الحركات والتيارات الإسلامية مصطفى زهران، أكد فى ورقة بحثية جديدة أن «العشيرة المحمدية الشاذلية» طرحت نفسها كحركة دينية فكرية، أكثر منها طريقة صوفية، تدعو إلى تحرير المنهج الصوفى الأصيل مما علق به من منكرات، عبر عقود مضت، لتعيد الصوفية إلى سابق عهدها، وإلى صورتها كما كانت فى زمن أسلافها الأوائل المؤسسين، مشيرا إلى سعيها ل«شمولية الصوفية الحقانية» لتقف سدا منيعا أمام بعض الطرق الأخرى، التى تسببت فى انشقاقات فكرية داخل الجسد الصوفى، ما كان سببا فى ارتداد الفكر الصوفى عن مساره الصحيح فى نهاية القرن الماضى. وفقا لزهران فإن هناك من وصف «العشيرة المحمدية الشاذلية» ب«جمعية خيرية دعوية سلفية» على غرار «الجمعية الشرعية فى القاهرة»، وهناك من قال إنها صورة صوفية لجماعة الإخوان المسلمين، وكان لشيخها الملقب ب«الرائد» محمد زكى إبراهيم سجالات فكرية، مع المجلس الأعلى للطرق الصوفية، امتدت إلى ساحات القضاء، لثورته الدائمة أمام كل مغال ومبتدع. المدارك الفكرية لشيخ «العشيرة» محمد عصام إبراهيم، طبقا للورقة البحثية، تقدمية، فرسالته التى كتبها بخطه أثبتت ذلك، يقول: «أنا رجل معمّم مقفطن، لا أزال أثقف نفسى، وأزودها بكل ثقافة من المشرق أو المغرب، باحثا عن الحكمة، فكما أقرأ تاريخ الإسلام والفلسفة وتدرج المذاهب، ونشوء المذاهب والنِّحل، أتابع الصوفية والسلفية، وتطور الإسلام والفلسفة وتدرج المذاهب، وأتابع أدباء العرب وقصاصيهم وناقديهم ومهرجيهم»، مضيفا «كذلك أدرس ملامح الفن القوطى وتدرجه من الريسانس، إلى الكلاسيكية القديمة الجديدة، إلى الرومانتيكية، إلى التأثيرية، إلى الواقعية، إلى الرمزية، إلى الالتزامية، إلى التجريدية». «العشيرة المحمدية الشاذلية» ظهرت فى أوائل القرن العشرين، فى فترة كانت تهيمن عليها تيارات فكرية وسياسية متنوعة، رفعت شعار «إسلامية إسلامية.. لا شرقية ولا غربية» كرد فعل للتصورات الغربية عن الإسلام، الراغبة فى تنحيته، ما أدى بها إلى اعتبار الغرب مرادفا للشيوعية، وهى فى مجملها لا تعترف بوجود الله.